اجتماعات مراكش تؤكد النجاح المصري في الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية ومواجهة التحديات الصعبة

السبت، 21 أكتوبر 2023 06:00 م
اجتماعات مراكش تؤكد النجاح المصري في الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية ومواجهة التحديات الصعبة
هبة جعفر

- صندوق النقد: القاهرة حققت المزيد من الاصلاحات في السياسة المالية وتنفيذ استراتيجية طرح الشركات الحكومية

استطاعت الحكومة المصرية أن تحقق إنجازات كبيرة في الملف الاقتصادي علي مدار الـ 10 سنوات الماضية، بفعل البرنامج الاقتصادي الطموح الذي وضعته وسارت علي خطاه، لكن الأزمة الاقتصادية العالمية وتباعات انتشار فيروس كورونا المستجد القت بظلالها على الاقتصاد المصري، وتأثر بشكل كبير مما تسبب فى رجوع المؤشرات الاقتصادية وانخفاض الاحتياطي النقدي، لكن نجحت الحكومة فى العودة إلي المسار الصحيح سريعا وتحقيق العديد من الانجازات علي كافة الاصعدة وفقا لشهادة مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، التي أكدت أن مصر استطاعت تحقيق المزيد من الاصلاحات خلال الفترة الماضية في السياسة المالية، وتنفيذ استراتيجية طرح الشركات الحكومية، إلى جانب التعاون مع فريق الصندوق حول أفضل السبل لإدارة السياسات النقدية.

وأشارت كريستالينا جورجيفا إلى إنه من المحتمل تنفيذ المراجعة الاقتصادية بشأن القرض البالغ قيمته 3 مليارات دولار قبل نهاية العام الحالي، فقد وافق الصندوق ديسمبر الماضي على تقديم قرض بقيمة 3 مليارات دولار من «تسهيل الصندوق الممدد» لمصر، لتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات الناتجة عن اضطراب الأوضاع الدولية، موضحة أن حسم الموعد الخاص بمراجعة القرض الذي تقدم مصر لطلبه في بداية العام الجاري يستند إلى أن الطرفين قادران على حل جميع القضايا المتبقية، فمصر نجحت ونحن حاليا نقوم بتحديد التحديات للتأكد من قدرتها على تحقيق مزيدا من التقدم وتحديد موعد للمراجعة.

وخلال الاجتماعات السنوية للصندوق التي عقدت الأسبوع الماضىن بمدينة مراكش المغربية، التقي الوفد المصري الذى ضم وزير المالية الدكتور محمد معيط، ومحافظ البنك المركزى حسن عبد الله، مع عدد من المسئولين والخبراء لعرض رؤية مصر وشرح الساسيات المالية التى اتخذتها الدولة المصرية خلال الفترة الماضية وكانت سبب فى تحسن الوضع الاقتصادي بشكل كبير، واستطاع معيط الرد بكل قوة على كافة الاستفسارات التي طرحها خبراء الصندوق والتأكيد على أن الحكومة المصرية مستمرة في مسيرة الإصلاحات الهيكلية من خلال تبنى سياسات متوازنة تُراعي البعد الاجتماعي، ترتكز على الالتزام بالانضباط المالى والتعامل الإيجابي مع الآثار السلبية التي تفرضها الأزمات العالمية المركبة، وما نتج عنها من ضغوط تضخمية غير مسبوقة، وحالة من عدم التيقن التي تسود الأسواق الدولية، بما يتسق مع جهود العمل على تحقيق معدلات نمو مستدامة ويمكننا من تعزيز قدرتنا على تجنب المخاطر الحادة للصدمات الخارجية، وقال في رسالة واضحة: "أننا حريصون على التنسيق المستمر مع صندوق النقد الدولي لتعظيم سبل التعاون المشترك بما يساعد على تحقيق المستهدفات التنموية والمالية والاقتصادية".

وشدد معيط على حرص الحكومة المصرية على تعميق مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بحزمة من الحوافز والإجراءات المتكاملة بما في ذلك تأسيس بنية تحتية قوية ومرنة وإلغاء المعاملة التفضيلية للجهات والشركات المملوكة للدولة؛ تحقيقًا لمبدأ تكافؤ الفرص، وتعظيم القدرة التنافسية بين القطاعين العام والخاص، فضلًا على إطلاق «وثيقة سياسة ملكية الدولة» التي تستهدف زيادة مساهمات القطاع الخاص في الناتج المحلى الإجمالي، وبرنامج «الطروحات الحكومية»، الذي طرحت من خلاله الحكومة 35 شركة مملوكة للدولة في 19 قطاعًا اقتصاديًا من أجل المزيد من الفرص المتاحة للاستثمارات الخاصة، وكشف عن تحديد الشركات المؤهلة التى سيتم طرحها خلال الفترة من أكتوبر 2023 إلى يونيه 2024 بقيمة تقديرية تصل إلى 4 مليارات دولار، مع الأخذ فى الاعتبار أن «الرخصة الذهبية» تساعد في اختصار إجراءات إقامة المشروعات الاستثمارية في أقل وقت ممكن؛ على نحو يسهم في خلق بيئة أكثر تحفيزًا للصناعة والإنتاج والتصدير.

 واستطاعت مصر تحقيق مؤشرات اقتصادية إيجابية على مدار التسع السنوات الماضية؛ مقارنة بنظيرتها منذ نحو 43 عامًا، رغم التحديات الاقتصادية المتتالية بالغة الصعوبة التي تشهدها الساحة الدولية، حيث انخفض معدل عجز الموازنة للناتج المحلى من 13.8% في العام المالي 1981/1982 إلى 6% في يونيه 2023، ونتوقع انخفاضه إلى 5% في يونيه 2027، وتم تحقيق فائض أولي في العام المالي 2017/ 2018، وحافظنا على ذلك خلال 6 سنوات ليبلغ 1.6% من الناتج المحلي في العام المالي 2022/ 2023، ونستهدف خلال العام المالي الحالي 2023/ 2024، تحقيق أكبر فائض أولي في تاريخ مصر بنحو 2.5%,

وأكد الوفد المصرى للمسئولين الدوليين خلال اجتماعات مراكش الحرص على المضي قدمًا في تنفيذ استراتيجية إدارة الدين العام لوضع معدلات الدين للناتج المحلى في مسار نزولي، من خلال إطالة متوسط عمر الدين وخفض تكلفة خدمته، مع الإشارة إلى انخفاض معدل الدين للناتج المحلى الإجمالي من 159% في العام المالي 1980/ 1981 إلى 95.7% في يونيه 2023، والمستهدف النزول به إلى 75% في 2027، إضافة إلى تنويع مصادر التمويل بالدخول إلى أسواق جديدة ومتنوعة وطرح أدوات تمويل ميسرة ومنخفضة التكلفة، ورفع نسبة الضرائب للناتج المحلي وفقًا للمعايير الدولية، دون فرض أعباء جديدة على المواطنين من خلال التوسع في الحلول الضريبية المميكنة الهادفة لدمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمى، وحصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة؛ تحقيقًا للعدالة الضريبية، وإرساءً لدعائم التنافسية العادلة في السوق المصرية.

وأكد معيط أن جهود مد مظلة شبكة الحماية الاجتماعية منذ جائحة «كورونا» وحتى الآن، قائلًا: إن حجم الحزم الاجتماعية التحفيزية خلال الثلاث سنوات الماضية بلغ 450 مليار جنيه، شملت زيادات متتالية في الأجور، والمعاشات، وبرنامجي «تكافل وكرامة»، و«التضامن الاجتماعي»، مشيرًا إلى أننا نولي أولوية متقدمة لقطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، وفقًا لـ «رؤية مصر 2030»، وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، موضحاً أنه تم تخصيص 529.7 مليار جنيه في العام المالي الحالي 2023/ 2024 لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية، مقارنة بنحو 244.5 مليار جنيه في العام المالي 2014/ 2015، وسداد 202.2 مليار جنيه لصالح المعاشات مقارنة بـ 33.2 مليار جنيه عام 2014/ 2015 وزيادة مخصصات برنامج «تكافل وكرامة» من 12.1 مليارات جنيه في 2014/ 2015إلى 35.5 مليار جنيه، وارتفاع مخصصات تمويل الإسكان الاجتماعي من 150مليون جنيه في العام المالي 2014/ 2015إلى 10.2 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي، فضلًا على زيادة مخصصات الصحة في موازنة العام المالي الحالي إلى 396.9مليار جنيه بنسبة زيادة ٣٠,٤٪؜ مقارنة بالعام المالي الماضي، وارتفاع مخصصات التعليم لتصل إلى ٥٩١,٩ مليار جنيه بنسبة زيادة ٢٤,٣٪؜ مقارنة بالعام المالي الماضي.

أوضح وزير المالية ردًا على أسئلة ممثلى مؤسسات التصنيف والبنوك العالمية خلال لقاءات ثنائية متتالية على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بالعاصمة المغربية مراكش، أن أغلب الاقتصادات بما فيها المتقدمة، تأثرت بالموجات التضخمية العالمية، على نحو تطلب تدبير تمويلات أكبر لتوفير احتياجات المواطنين بتكلفة أعلى، مما أدى إلى تداعيات سلبية شديدة على العملات المحلية لمعظم الدول النامية بما فيها مصر، لافتًا إلى أن الحكومة تعمل بقوة للحد من وضع المزيد من الضغوط التضخمية على المواطنين، مشيراً إلى أن مصر سددت كل التزاماتها الخارجية التي بلغت نحو 52 مليار دولار خلال العامين الماضيين، وأننا ملتزمون أيضًا بسداد أقساط وخدمة الدين في الأعوام المقبلة، ونعتمد على الأدوات البديلة والأسواق المتنوعة فى تدبير تمويلات إضافية مثل: سندات الساموراي، والصكوك، والسندات الخضراء، وقريبًا سندات الباندا، إضافة إلى برنامج الطروحات.

وقال وزير المالية، إن وضع الاقتصاد الكلي الحالي أفضل بكثير مما كان عليه في الفترة 2011/ 2015التى بلغ خلالها متوسط النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي 3٪ مقارنة بمتوسط حول 4٪ حاليًا إضافة إلى متوسط بطالة 12.4٪ مقارنة بـ 7.2٪ حاليًا، وبالتالي فالوضع الاقتصادي الحالي يعتبر في موقف أقوى باستثناء معدلات التضخم التى سجلت متوسط خلال تلك الفترة قدره 9.5٪ مقارنة بـ 24.1٪ حاليًا، مؤكداً أن الدخل القومى بالعملة الأجنبية يشهد تحسنًا ملحوظًا، نتيجة لنمو العديد من القطاعات وعلى رأسها التصدير وقناة السويس، حيث تزايد معدل الاستثمار الأجنبي المباشر من 4.1 مليار دولار خلال الفترة ٢٠١١/ ٢٠١٥ إلى 10مليارات دولار هذا العام بنسبة زيادة ضعفين ونصف عما كان عليه قبل 2015، وانخفضت نسبة عجز الحساب الجاري للناتج المحلي الإجمالي من 2.4 ٪ إلى ١,٢٪ حاليًا، بما يعنى تقليص العجز بنحو 50%.

وأوضح وزير المالية أن الوزارة تواجه تحديات كبيرة تتلخص في ارتفاع أسعار الفوائد عالميًا ومحليًا مثل بقية الأسواق  الناشئة، لافتًا إلى أنه خلال الفترة ٢٠١١/ ٢٠١٥ بلغ متوسط نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي ٨٦,١٪ مقارنة بـ ٩٥,٧٪ حاليًا، ولكن متوسط نفس المؤشر عن الفترة ٢٠١٥/ ٢٠١٨ سجل ٩٤,٥٪ سنويًا، كما وصل متوسط نسبة خدمة الدين للناتج المحلي الإجمالي إلى ٧,٣٪ سنويًا مقارنة بـ ٧,٧٪ حاليًا؛ بما يعكس سيطرة وزارة المالية على مثل هذا المؤشر، في ظل تحديات أسواق المال، والمتغيرات الاقتصادية العالمية.

ودعا وزير المالية، المؤسسات المالية الدولية لتعزيز جهودها وتحديد أهداف طموحة لتمويل التكيف مع المناخ، عبر تحفيز الاستثمارات الصديقة للبيئة، وتعبئة التمويل لتطوير البنية التحتية الأساسية الذكية وضرورة توفير أنماط تمويلية جديدة داعمة للاقتصادات الناشئة والبلدان النامية فى ظل هذه الأزمات الاقتصادية العالمية وما ترتب عليها من ضغوط تضخمية غير مسبوقة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق