دولة الحماية.. تكافل وكرامة.. 10 سنوات من النجاح لأكبر وأحدث برنامج للحماية الاجتماعية في الشرق الأوسط

السبت، 17 مايو 2025 10:00 م
دولة الحماية.. تكافل وكرامة.. 10 سنوات من النجاح لأكبر وأحدث برنامج للحماية الاجتماعية في الشرق الأوسط
نرمين ميشيل

البرنامج أصبح حقًا قانونيًا بإصدار قانون الضمان الاجتماعي.. ورفع الموازنة من 5 إلى 55 مليار جنية.. و4.7 مليون أسرة مستفيدة 
القاهرة تستحدث منصة دولية للحماية الاجتماعية بالتعاون مع البنك الدولي للتجارب الناجحة في شبكات الأمان الاجتماعي 
 
 
"رغم كل هذا، لا نزال نراها حلمًا مشروعًا: أن تصبح مصر بلا فقر، بلا عوز، وأن نحتفل يومًا ما بِتَخارج آخر أسرة من مظلة "تكافل وكرامة"، لتتحول من الاحتياج إلى الإنتاج".. جملة ختم بها الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الاحتفالية الحكومية بمرور 10 سنوات على إطلاق برنامج الحماية الاجتماعية الأكبر "تكافل وكرامة"، وهى الاحتفالية التي حملت عنوان "الحماية الاجتماعية: دروس الماضي ترسم خطوات المستقبل".
 
هذه الجملة لخصت الإستراتيجية الحكومية من العمل ببرامج الحماية الاجتماعية. الاستراتيجية التي تقوم على تحويل الأسر الأكثر احتياجاص من الاحتياج إلى الإنتاج، لتكون فاعلة مجتمعيا واقتصادياً، وهو ما أكده مدبولى بقوله " نحن لا نحتفل ببرنامج دعم نقدي فقط، بل نحتفل بفلسفة جديدة في إدارة الدولة، ونحتفل بمصر التي لم تترك مواطنيها في العراء أمام موجات التضخم ولم تقف متفرجة أمام الأزمات العالمية".
 
ومن واقع الأرقام التي رصدتها "صوت الأمة"، سواء في الموازنة العامة للدولة، أو المعلنة على لسان الحكومة، فإن المخصصات المالية لبرنامج تكافل وكرامة سترتفع إلى ما يناهز 55 مليار جنيه في العام المالي القادم، وهو ما يعادل تقريبًا إجمالي ما أنفقته الدولة المصرية على برامج الدعم النقدي كافة خلال سبع سنوات من 2011 إلى 2017.
 
في بداية البرنامج 2014-2015، كانت الموزانة 5 مليار جنيه، واستفادت منه مليون و790 ألف أسرة، ووصل في موازنة 2024-2025 إلى 54 مليار جنية، بواقع 4 مليون و700 ألف أسرة مستفيدة. 
 
وتشمل الفئات المستفيدة من الدعم النقدي، الأسر والأفراد تحت خط الفقر، الأرامل والمطلقات والمهجورات بأطفال أو بدون أطفال، الأطفال في المراحل العمرية من حديثي الولادة إلى التعليم الجامعي، المسنين من 65 سنة فأكثر في الأسر أو المؤسسات، ذوي الإعاقة، أيتام الأسر البديلة والمؤسسات، الفتيات اللاتي بلغن 50 سنة بدون زواج أو عمل، فئات العمالة غير المنتظمة، المتعرضون للحوادث والكوارث الفردية أو الجماعية، الأسر الواقعة فوق خط الفقر مباشرة.
 
ويشمل البرنامج حزمة الخدمات الاجتماعية المقدمة للمستفيدين، وتضم الإعفاء من مصروفات التعليم، فصول محو الأمية، بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة، خدمات برنامج الألف يوم الأولي في حياة الطفل، رفع الوعي والتنمية المجتمعية، المبادرات الرئاسية "100 مليون صحة- بداية"، التمكين الاقتصادي " خدمات مصرفية وغير مصرفية، السلع التموينية والخبز، التأمين الصحي الشامل، العلاج على نفقة الدولة والرعاية الصجية لغير القادرين والتأمين الصحي العام.
 
وتملك القاهرة تجربة مهمة، في إطلاق وتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية، وهو ما دفع وزارة التضامن الإجتماعى، إلى الإعلان عن تبني مصر استحداث منصة دولية رفيعة المستوى للحماية الاجتماعية، تستضيفها مصر سنويا بالتعاون مع البنك الدولي، تكون ملتقى عالميًا فريدا للاحتفاء بالإنجازات المتميزة التي تحققها الدول في تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، ومنارة للابتكار من خلال تبادل الخبرات الناجحة والدروس المستفادة وأحدث الاستراتيجيات بين صناع القرار، والخبراء، والمنظمات الدولية.
 
الدكتور مصطفى مدبولي، قال إن "تكافل وكرامة" هو أحد أعظم برامج الحماية الاجتماعية في تاريخ مصر الحديث، كونه يُجسد نهج الدولة المصرية في تحقيق الحماية الاجتماعية لمواطنيها، ويعكس بامتياز رؤيتها في دعم الفئات الأولى بالرعاية، مؤكداً أن الدولة أثبتت منذ 30 يونيو 2013، أنها دولة الحماية التي لا تدّخر جهدًا في صون مواطنيها من الوقوع في براثن الفقر والعوز؛ حيث أطلقت "تكافل وكرامة" في لحظة فارقة؛ مشيراً إلى أن البرنامج استند إلى فلسفة واضحة في الاستثمار في رأس المال البشري، واتخذ من المشروطية ركيزة أساسية في عمله، حيث ارتبطت استحقاقات الأسر بالتزامها بتعليم الأبناء والحفاظ على صحة الأم والأبناء، كشرط أساسي للحصول على الدعم النقدي.
 
وشدد رئيس الوزراء على ان الرئيس السيسى، أصر أن تكون الحماية الاجتماعية عمودًا فقريًا في بنية الدولة الجديدة، وأن يكون "تكافل وكرامة" عنوانًا لهذه المرحلة، حيث اهتم البرنامج، منذ اليوم الأول، بتطبيق منهج علمي رصين في جميع إجراءاته، مستعينًا بدراسات اجتماعية وافية، ومرتكزًا على خرائط الفقر، وقد طَوّر البرنامج، على مدار عشر سنوات، آليات الاستهداف والتنقية والتحقق، حتى أصبح واحدًا من أبرز برامج الدعم النقدي في العالم، وفي منطقتنا الشرق الأوسط.
 
ولفت مدبولى إلى أنه في إطار استمرار نهج الدولة المصرية في ترسيخ مبادئ الاستدامة المؤسسية للمشروعات والبرامج، تقدّمت الحكومة هذا العام بمشروع قانون الضمان الاجتماعي، الذي نال ثقة البرلمان، وَصَدَّق عليه الرئيس السيسي، ودخل حيز التنفيذ، ومن المقرر إصدار لائحته التنفيذية قبل نهاية هذا العام، وبذلك يصبح دعم "تكافل وكرامة" حقًا قانونيًا، يكفله القانون لكل مُستحِق، وَيُتيح للدولة آليات قانونية لمحاسبة من يحاول الحصول على الدعم دون وجه حق، بما يضمن استدامة منظومة الحماية للأجيال القادمة.
 
كما أشار مدبولى إلى أن وزارة التضامن الإجتماعي تستعد لإطلاق منظومة استراتيجية متكاملة للتمكين الاقتصادي، تستهدف أسر "تكافل وكرامة"، لمساعدتهم على تحسين ظروفهم المعيشية وزيادة دخولهم، بتمويل مبدئي يصل إلى 10 مليارات جنيه، يتم رفعه تدريجيًا، ليكون قادرًا على تلبية احتياجات جميع المشروعات والمبادرات التي نسعى من خلالها إلى تحسين أوضاع الأسر الأكثر احتياجًا.
 
وأكدت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الإجتماعى، أن "تكافل وكرامة" برنامجا وطنيا سهل التطبيق، حيث استفاد منه 7.7 مليون أسرة منذ انطلاقه وتخارج منه 3 ملايين أسرة والآن يستفيد منه 4.7 مليون أسرة، مشيرة إلى أنه تم التصديق على قانون الضمان الاجتماعي وبه صندوق " تكافل وكرامة" والذي به جانب استثماري، مشددة على أنها أصدرت كذلك منشورا لتشجيع الأسر المستفيدة من برنامج « تكافل وكرامة» على الاستفادة من برنامج الإدخار والإقراض الرقمي «تحويشة» التابع للمجلس القومي للمرأة، دون إخراجهم من البرنامج، حيث سيستمرون في الحصول علي مساعدات "تكافل وكرامة". 
 
ولفتت "مرسى" إلى أن الأسر المستفيدة من البرنامج لم يستفيدوا بالدعم النقدي المشروط فقط، بل من حزمة الحماية التي يأتي علي رأسها الدعم التمويني من السلع والخبز، والإعفاء من مصروفات التعليم،  وخدمات التأمين الصحي الشامل، وبرامج الرعاية الصحية، والعلاج علي نفقة الدولة.
 
من جانبه أكد الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، أن رؤية الحكومة المصرية، كانت واضحة عندما أطلقت «تكافل وكرامة» منذ 10 سنوات، كخطوة غير مسبوقة لتمكين الفئات الأكثر احتياجًا، وذلك بإرادة قوية من الرئيس السيسي، بدعم من وزارة التضامن الاجتماعي، بالتعاون مع البنك الدولي، موضحاً أن برنامج «تكافل» ربط الدعم النقدي بالانتظام المدرسي والكشف الصحي الدوري، مشيرا إلى أن بيانات المتابعة الرسمية، فيما يخص نسبة الحضور المدرسي بين الأسر المستفيدة ارتفعت بنسبة 8% كما تحسنت معدلات تطعيم الأطفال بنسبة 12% منذ عام 2018، كما أن برنامج «كرامة» يخدم أكثر من 1.39 مليون أسرة، ويوفر دعماً نقديًا غير مشروط لكبار السن، وذوي الإعاقات، وهو بمثابة إعلان وطني بأنه لا أحد في مصر سيتُرك خلف الركب.
وأشار عبد الغفار إلى أن وزارة الصحة والسكان، ساهمت في تعزيز المؤشرات الصحية للأسر المستفيدة، حيث انخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بين عامي 2014 و2021 من 27.5 إلى 22.3 لكل 1000 مولود حي، كما انخفض معدل وفيات الأمهات من 52 إلى 43 لكل 100.000 ولادة.
 
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي؛ أن "تكافل وكرامة" يعد نموذجًا للبرامج المبتكرة، والشراكات الدولية المثمرة والبنّاءة، التي ساندت الدولة في تعزيز جهود الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، بما ينعكس على جهود تحقيق التنمية الاقتصادية، موضحة أن البرنامج يتجاوز فكرة تقديم الدعم المالي لتحقيق الحماية الاجتماعية، ليصبح نموذجًا متكاملًا يربط الحماية الاجتماعية بالتعليم والصحة، ويرسّخ مفاهيم الاستدامة والكرامة الإنسانية، ويعكس توجه الدولة نحو بناء شبكات أمان اجتماعي مرنة وعادلة، فمنذ بداية تطبيق البرنامج في 2015، تمكنت مصر من خلال جهود الدبلوماسية الاقتصادية، من حشد تمويلات تنموية ميسرة من البنك الدولي بنحو 1.4 مليار دولار ما يعادل 70 مليار جنيه، لتحقيق الاستدامة في جهود الحماية الاجتماعية، فضلًا عن توفير الدعم الفني من الخبراء التابعين للبنك، الذين ساهموا في بناء قدرات الموظفين الحكوميين المعنيين بتنفيذ البرنامج، ورقمنة عمليات صرف الدعم النقدي من خلال تقديم بطاقات "ميزة"، إلى جانب تطوير آليات المتابعة والتقييم، كما أتاحت المملكة المتحدة منحة، لمشروع تعزيز القدرات المؤسسية والبشرية بوزارة التضامن، بما يعزز فعالية برامج الحماية الاجتماعية، فضلًا عن إطلاق برنامج "وعي" بالشراكة مع منظمة العمل الدولية، لمكافحة عمالة الأطفال.
 
وأشارت "المشاط" إلى أن 51% من الأسر المشمولة بمظلة برنامج تكافل تمتثل للشروط الصحية المتمثلة في القيام بثلاث زيارات للوحدة الصحية سنويًا، و63% من الأسر المشمولة بمظلة البرنامج تلتزم بشروط التعليم المتمثلة في معدل مواظبة على الدراسة بنسبة 80%؛ و100% من المستفيدين يحصلون على المبالغ النقدية من خلال الوسائل الإلكترونية، موضحة أن موازنة العام المالي 25/2026 تولي اهتمامًا كبيرًا بمختلف أوجه الإنفاق الاجتماعي ودعم الشرائح محدودة الدخل، من خلال برامج ومبادرات ومساهمات فعالة، مشيرة إلى أن مخصصات الحماية الاجتماعية في الموازنة الجديدة تبلغ نحو 732.6 مليار جنيه، مؤكدة كذلك أن التنمية البشرية تحظى بأولوية ضمن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل، حيث تبلغ استثماراتها من إجمالي الاستثمارات العامة نحو 327 مليار جنيه، مقابل 268 مليار جنيه في العام المالي الجاري، بنمو 22%، كما تستحوذ التنمية البشرية على 45.3% من الاستثمارات الحكومية مقابل 42% في العام المالي الجاري.
 
وأكدت الدكتورة غادة والي، وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة ووزيرة التضامن الاجتماعي الأسبق، أن برنامج "تكافل وكرامة" يمثل تجربة مصرية رائدة في مجال الحماية الاجتماعية بدأت أولى خطواتها عام 2015، لكنها استندت إلى دراسة متأنية بدأت منذ الأزمة المالية في 2008، واستعرضت خلالها الدولة التجارب الدولية لتبني ما يتناسب مع واقعها الاجتماعي والاقتصادي، مشددة على ضرورة الاستمرار في تحديث البيانات، وصياغة تشريعات واضحة تؤسس لحقوق وواجبات المستفيدين، مشيدة بما تبذله وزارة التضامن حاليًا في هذا الاتجاه كما أن المرحلة القادمة تتطلب تدخلات دقيقة لمساندة العمالة غير المنتظمة والقطاع غير الرسمي، مثل العاملين بالزراعة عند انقطاعهم عن العمل، داعية إلى توفير حماية تأمينية مرنة، ورفع الوعي التأميني لدى هذه الفئات لضمان استدامة الدعم.
 
وأكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة والمكلف من أمين عام الأمم المتحدة برئاسة فريق الخبراء لتقديم حلول لحل أزمة الدين العالمي، أن "تكافل وكرامة" أصبحت واحدة من أهم أركان الحماية الاجتماعية في مصر، وعنصرًا من عناصر تحقيق أهدافها للتنمية المستدامة، لافتاً إلى العلاقة وطيدة بين الحماية الاجتماعية والتنمية المستدامة، خاصةً أهداف القضاء على الفقر المدقع، والقضاء على الجوع وتحسين التغذية، وتوفير خدمات صحة وتعليم جيدة، وكذلك هدف التساوي بين الجنسين، منوهًا إلى أن 75% من حاملي بطاقات "تكافل وكرامة" هم من النساء، كما أشار إلى ارتباط الحماية الاجتماعية بهدف توفير فرص العمل والتوظيف وتحقيق النمو الاقتصادي بالاعتماد على توفير الدخول وليس تقديم الدعم النقدي فقط.
 
وأكد ستيفان جيمبرت، المدير الإقليمي للبنك الدولي في مصر وجيبوتي واليمن، أن برنامج "تكافل وكرامة" يمثل نموذجًا رائدًا في التمكين الاقتصادي، مشيرًا إلى أنه "جعل صوت التمكين يصدح من كل الأرجاء في مصر"، وأنه فخر للبنك الدولي أن يكون جزءًا من هذا البرنامج الطموح، مشدداً على أن البرنامج لا يُعد فقط شبكة أمان اجتماعي، بل أداة لتمكين اقتصادي حقيقي من خلال تعزيز المهارات وبناء قدرات الأفراد.
 
وقالت إيلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، أن "تكافل وكرامة" يمثل ركيزة أساسية في مسيرة مصر نحو حماية اجتماعية شاملة، وتحقيق الوعد بعدم ترك أي مواطن يواجه الفقر بمفرده، موضحة أن الحماية الاجتماعية تعد حجر الزاوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكدة أن مصر أحرزت تقدمًا ملموسًا في مجال الحماية الاجتماعية، رغم أن الفقر لا يزال تحديًا ديناميكيًا يحتاج إلى استجابات مستمرة، لافتة إلى أهمية تطوير آليات الاستجابة للطوارئ وتوسيع نطاق البرنامج ليشمل جميع مراحل الحياة من الطفولة حتى التقاعد.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق