دينا الحسيني تكتب: الشرق الأوسط على حافة الانفجار.. ومصر تقود معركة التهدئة
الأحد، 22 يونيو 2025 05:20 م
في لحظة يكتم فيها الشرق الأوسط أنفاسه، وسط تصعيد غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، أعادت القاهرة، تفعيل أدواتها الدبلوماسية العريقة في محاولة واضحة لوقف تمدد دائرة الصراع وتفادي سيناريو الفوضى الإقليمية الشاملة، والتي تلوح في الأفق مع اتساع رقعة المواجهات العسكرية.
لم تنتظر مصر، حتى تتحول الضربات المتبادلة إلى مواجهة إقليمية مفتوحة، بل دخلت على خط الأزمة مبكرًا، عبر تحركات رئاسية ورسائل دبلوماسية واضحة، تهدف إلى احتواء التصعيد ومنع النيران من الخروج عن نطاق السيطرة.
وشهدت الساعات الأولى من التحرك المصري، اتصالًا هاتفيًا أجراه الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم أمس السبت، بنظيره الإيراني مسعود بزشكيان، عبر خلاله عن رفض مصر الكامل للتصعيد الإسرائيلي الجاري ضد إيران، محذرًا من تداعياته الخطيرة على أمن واستقرار الشرق الأوسط، خاصة في ظل الأزمات المتشابكة التي تمر بها المنطقة.
وشدد الرئيس السيسي، على ضرورة وقف إطلاق النار فورًا، وعودة كافة الأطراف إلى مائدة التفاوض، مؤكدًا أنه «لا حلول عسكرية لهذه الأزمة»، وأن الطريق نحو استقرار مستدام يبدأ بإنهاء العدوان الإسرائيلي، ويمر بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفي اليوم التالي، أجرى اتصالًا هاتفيًا مع سلطان عمان، هيثم بن طارق، تناول فيه تطورات الأوضاع الإقليمية، أكد خلاله أهمية العمل العربي المشترك لاحتواء الأزمة، مشيدًا بالدور الذي تلعبه السلطنة، كوسيط هادئ بين طهران وواشنطن.
كما حذر الرئيس السيسي، من «التبعات الجسيمة لتوسيع دائرة الصراع»، وأكد أن استمرار العنف سيؤدي إلى كوارث إنسانية إضافية، ويهدد الأمن الإقليمي والدولي برمته.
من جانبه، ثمن سلطان عمان، التحركات المصرية المكثفة في هذا التوقيت الحرج، مؤكدًا حرص بلاده على التنسيق الكامل مع القاهرة، والعمل المشترك على وقف نزيف الدم في المنطقة، وبالتوازي التحرك الرئاسي، أصدرت وزارة الخارجية المصرية، بيانًا أعربت فيه عن قلقها العميق من التصعيد المتسارع بين إيران وإسرائيل، وأدانت الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وجاء في البيان أن الحل العسكري لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والفوضى، مشددة على أن الحلول السياسية والدبلوماسية تبقى السبيل الوحيد للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
وأكدت الخارجية المصرية على ضرورة احترام سيادة الدول، وضبط النفس، وتغليب لغة الحوار حفاظًا على أرواح المدنيين، وتجنّبًا لانزلاق أوسع نحو الفوضى.منذ ثورة 30 يونيو، تبنت مصر سياسة خارجية واضحة المعالم، تقوم على دعم الدولة الوطنية، ورفض الانجرار خلف مشاريع الفوضى أو الاصطفاف خلف محاور إقليمية متصارعة.
وفي الأزمة الحالية، تظهر القاهرة، مجددًا كقوة عاقلة وسط الضجيج، تتحرك ليس لحصد مكاسب، بل لردع الانفجار الكبير، الذي قد يحول المنطقة إلى ساحة مواجهة شاملة.
مصر لا تسعى للاصطفاف، بل تنطلق من رؤية استراتيجية تركز على: حماية الأمن القومي العربي، الحفاظ على وحدة وسلامة الدول، تفكيك بؤر التوتر لا صبّ الزيت عليها.
بينما ترتفع وتيرة المواجهات وتنجرف قوى كبرى نحو الحل العسكري، تبقى مصر ثابتة على موقفها: لا سبيل للاستقرار الإقليمي إلا من خلال تسوية سياسية شاملة تعالج جذور الأزمات، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وفي وقت يُدق فيه طبول الحرب، تتحرك القاهرة، لإسكات صوت السلاح، وإعادة صوت العقل إلى المائدة، مستندة إلى خبرة دبلوماسية عميقة، وثقل إقليمي يزداد وضوحًا مع كل أزمة.
التحركات المصرية في الساعات الماضية، لم تكن مجرد رد فعل، بل تعبير عن سياسة متماسكة ترى في الاستقرار الإقليمي عمقًا استراتيجيًا للأمن المصري، وفي الحوار والوساطة أدوات لحماية المنطقة من الانهيار.