حركة حسم الإرهابية.. تاريخ من الدم.. ويقظة أمنية أجهضت عودتها
الأحد، 20 يوليو 2025 01:44 م
أحبط قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، مخططًا إرهابيًا كان يستهدف إعادة إحياء نشاط حركة «حسم» الإرهابةي، أحد أذرع جماعة الإخوانية الإرهابية، عبر تنفيذ عمليات عدائية داخل البلاد. ونجحت الجهود الاستباقية في ضبط عنصرين من الحركة قبل تنفيذ مخططهما، مما جنب البلاد موجة عنف جديدة كانت الجماعة تُعد لها في الخفاء.
هذه التحركات الأخيرة ليست مفاجئة لمن يعرف تاريخ «حسم»، الذراع المسلحة التي خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية عقب سقوطها المدوي في ثورة 30 يونيو 2013. فبينما خرج الملايين في الشوارع لإسقاط حكم الجماعة، كانت قياداتها في الخارج تُعيد ترتيب صفوفها، وتُطلق مشروعًا دمويًا للعودة من بوابة الإرهاب.
في الظل، تأسس تنظيم «حسم» كأداة انتقام من الدولة، بإدارة مباشرة من قيادات إخوانية هاربة، ليبدأ فصلًا جديدًا من العنف المنظم، تتصدره عمليات اغتيال وتفجير وتخطيط محترف يستهدف مؤسسات الدولة ورموزها
لم تكن «حسم» مجرد تنظيم إرهابي عابر، بل جناح مسلح محترف أدارته الجماعة الإرهابية عن وعي وتخطيط، استخدمت فيه الشباب كوقود، والدين كغطاء، والدم كسلاح.
في 16 يوليو 2016، أعلنت الحركة عن نفسها لأول مرة، بمحاولة اغتيال رئيس مباحث مركز طامية بمحافظة الفيوم. لم تكن تلك مجرد عملية معزولة، بل إعلان رسمي عن انطلاق ذراع إرهابي يعتمد تكتيك الخلايا العنقودية، ويتلقى أوامره من القيادي الإخواني محمد كمال، الذي أعاد هيكلة التنظيم فيما عُرف بـ«اللجنة الإدارية العليا» بعد سقوط حكم الجماعة.
كلف كمال المجموعات النوعية بتنفيذ عمليات ضد رموز الدولة من قضاة وضباط وجنود، ونسق مع قيادات هاربة بالخارج لتدريب عناصر شابة داخل مصر وخارجها، في إطار مشروع منظم لاستنزاف الدولة بدعم استخباراتي إقليمي.
في أكتوبر 2016، قُتل محمد كمال في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن. ومع سقوطه، بدأت خيوط «حسم» تتفكك، لتنكشف تفاصيل صادمة في القضية 441 أمن دولة: اجتماعات إخوانية بالخارج لإحياء العمل المسلح، وتأسيس جناحين مسلحين هما «حسم» و«لواء الثورة»، واختيار العناصر بعد فحص بدني ونفسي دقيق، وتدريبهم في معسكرات داخل السودان وماليزيا على أحدث الأسلحة والمتفجرات.
ضمت قيادة «حسم» شخصيات بارزة أبرزها يحيى موسى (المتحدث السابق باسم وزارة الصحة في عهد الإخوان)، وعلاء السماحي، ومحمد عبد الرؤوف سحلوب (مسؤول العمليات)، ووجدي العربي (الذي تولى التدريب الاستخباراتي في ماليزيا)، وطارق فراج (المدير المسؤول عن معسكرات السودان). تولى هؤلاء الإشراف على خلايا الرصد والتجهيز والتمويل والعمليات، وكانوا وراء العديد من المحاولات الإرهابية.
من أبرز العمليات التي نفذتها «حسم»: محاولة اغتيال الدكتور علي جمعة، واستهداف موكب النائب العام المساعد، واغتيال ضباط في الجيزة، وتنفيذ تفجيرات متفرقة في القاهرة والمعادي والفيوم والمنصورة، فضلًا عن الهجوم على مأموريات أمنية. كل هذه العمليات جرى توثيقها من خلال بيانات سرية بثّتها الحركة قبل أن تُغلق منصاتها.
عام 2018، صنّفت الولايات المتحدة «حسم» تنظيمًا إرهابيًا عالميًا، وتبعتها بريطانيا، فيما أعلنت مصر رسميًا أن التنظيم هو الذراع المسلح لجماعة الإخوان، ووجهت النيابة العامة لعناصره اتهامات بالانضمام لتنظيم مسلح، والتخطيط لقلب نظام الحكم بالقوة.
وبالتزامن مع «حسم»، ظهر تنظيم آخر هو «لواء الثورة»، يحمل نفس البصمة الفكرية والتنظيمية، ونفذ عمليات مشابهة، لكن «حسم» كانت الأكثر خطورة وانتشارًا.
رغم كل الأدلة، واصلت جماعة الإخوان إنكار صلتها بـ«حسم»، وادعت أن لا علاقة لها به، بينما كانت الأدلة تشير بوضوح إلى تمويل مباشر، وتحريض إعلامي من خلال قنواتها بالخارج، وتنسيق مع أطراف إقليمية داعمة للفوضى.
ما جرى بعد 30 يونيو لم يكن مجرد ارتباك تنظيم، بل مشروع عنف متكامل لإعادة الجماعة عبر الدم، والفوضى، والتخريب. تنظيم «حسم» لم يكن حادثًا عابرًا، بل نموذجًا لجريمة منظمة، شارك في تنفيذها من تخلوا عن السياسة وارتدوا ثوب الإرهاب.
ورغم تفكيك أغلب خلاياها، فإن عودة أخبار ضبط عناصر من «حسم» اليوم، تؤكد أن الخطر لم ينتهِ، وأن المعركة مع الإرهاب مستمرة.. وأن الذاكرة الوطنية لا يجب أن تنسى.