الردع المتقدم فى مواجهة الجنون الإسرائيلى

الإثنين، 21 يوليو 2025 03:23 م
الردع المتقدم فى مواجهة الجنون الإسرائيلى
هشام السروجى

متابعة الأوضاع في سوريا، يجب أن ينظر إليه باهتمام شديد، حيث يكشف الكثير من الحقائق عن طبيعة العدو وحدود الردع والتدخل الخارجي في المنطقة، وعن كيفية إدارة إسرائيل معاركها الخارجية، واستراتيجية إخضاع الخصوم، واستغلال التمزقات الداخلية في تحقيق أهدافها.
 
التجربة السورية أظهرت أن العدو الإسرائيلي لا يعترف بالسيادة أو المعاهدات إذا اصطدمت بمصالحه الأمنية، ولا يؤمن إلا بلغة القوة. حين دعمت إيران وروسيا نظام الأسد، تصرفت إسرائيل بحذر، وتجنبت التصعيد المباشر رغم سيطرة النظام المنهكة. أما اليوم، ورغم دعم قوى عربية ودولية للنظام المؤقت، لا تجد إسرائيل حرجاً في قصف مقراته علناً، ما يؤكد أن الضمان الفعلي للسيادة ليس بالمواقف أو التفاهمات، ولا بالتحالفات والدعم الدولي، بل بتوازن الردع على الأرض.
 
لهذا نجد أن الصراع الإيراني الإسرائيلي في سوريا أبرز حرص إسرائيل الدائم على منع تشكيل تهديد جغرافي مباشر – كوجود كثيف لقوات إيرانية أو تزويد حزب الله بتقنيات متقدمة. إسرائيل وظفت تفكك سوريا وتمدد حلفائها كفرصة لإضعاف المحور المقابل، مراهنة على استنزاف إيران بفعل العقوبات ومنع تشكل "جسر بري" يصل طهران بـلبنان عبر دمشق. غياب التواجد البري الإيراني الفعلي فتح الباب أوسع أمام التصعيد العسكري الإسرائيلي، لأن إسرائيل تعتبر الجوار الجغرافي المدعوم بقوة برية هو إطلاق صافرة الإنذار القصوى، لذا ركز الاحتلال الإسرائيلي عن تقليم أظافر الأذرع الإيرانية قبل اطلاق طلقة واحدة تجاه إيران ولم يكن يحقق ذلك إلا بدعم إقليمي بالإضافة للولايات المتحدة الأمريكية.
 
المشهد السوري شديد التعقيد؛ تعدد الفصائل ذات المرجعية الدينية أو المذهبية خَلَقَ حالة من الفوضى وغياب الاستقرار، إذ تفتقد هذه الجماعات الرؤية السياسية الجامعة، ودخل بعضها في مواجهات طاحنة مع المدنيين والممتلكات والبنية التحتية. التجارب أثبتت أن أي فصيل يسيطر على منطقة - بغض النظر عن شعاراته - غالباً ما تخرب تلك المناطق وتتعمق الانقسامات، ما يمنح القوى الخارجية الذريعة للتدخل لصالح مصالحها.
 
من هنا نجد أن الردع الفعلي لا يكون إلا عبر قوة برية ذات حضور جغرافي مباشر، لا وعود أو اصطفافات سياسية. كما أن الرهان على الفصائل الدينية أو المذهبية أثبت فشله في بناء دولة أو مجتمع متماسك، بل ولد بيئة مناسبة للتدخل والاحتلال وتعدد الأزمات.
 
الردع الاستراتيجي المتقدم أمام إسرائيل، هو الأكثر قوة وتأثيرا عن الرادع النووي. التواجد الإيراني البري في سوريا، كان الأكثر ردعا للإسرائيليين، من المشروع النووي الإيراني، وهو ما استفاض فيه أمين هويدي وزير الدفاع ورئيس المخابرات العامة المصرية -معا- فترة حرب الاستنزاف، في كتابه الهام جداً (الصراع العربي الإسرائيلي بين الرادع التقليدي والرادع النووي) ١٩٨٣.
 
وفي الأخير، علينا إدراك أن آفة الشرق الأوسط الحقيقية، تتلخص في الجماعات الدينية المسيسة، وأن أي فصيل منهم لم يدخل قرية إلا دمرها تدميرا، الحكم على إطلاقه دون استثناء أو توريه، تجربة الحكم ذو المرجعية المذهبية، في كل الشرق الأوسط أثبت جنونه وفساده وانبطاحه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق