العلمين الجديدة لا تنام.. المهرجان يحول المدينة إلي منصة فنية وسياحية عالمية
السبت، 02 أغسطس 2025 11:03 م
حفل تامر حسنى يبهر الالاف بعرض فني يمزج بين الإبداع البصري والتقني.. والذكاء الصناعى كلمة السر
منير ودياب وتامر.. ثلاثية ذهبية تتصدر حفلات المهرجان.. والهضبة يشعل صيف الساحل بـ"ابتدينا"
في قلب صيف حافل على ساحل المتوسط، تشهد مدينة العلمين الجديدة ذروة تألقها، بعدما تحولت إلى وجهة فنية وسياحية عالمية، لا تقل سحرًا عن كبرى العواصم الترفيهية في العالم، حيث تتناغم أصوات النجوم مع هدير البحر، وتضيء المسارح بألوان الفرح، وتتسابق الجماهير على حجز مقاعدها في واحدة من أهم الفعاليات الثقافية والفنية في المنطقة، مهرجان العلمين في نسخته الثالثة، والذي انطلقت فعالياته وسط أجواء احتفالية تعكس نجاحًا لافتًا منذ لحظاته الأولى.
المدينة التي ولدت من رحم التخطيط العمراني الذكي، وبنيت على أساس فكر الجمهورية الجديدة، تفتح ذراعيها لاستقبال الآلاف من الزوار يوميًا، بين عشاق الموسيقى ومحبي الفنون، ومن يبحثون عن تجربة سياحية فريدة على شواطئ العلمين الخلابة، التي باتت تضاهي أشهر مدن البحر المتوسط، وأضحت المنصة المثالية لترويج صورة مصر الحديثة، الآمنة، المنفتحة على العالم، والواثقة في قدراتها التنظيمية والفنية.
وسط هذه الأجواء الساحرة، لا يمكن فصل النجاح الفني عن البنية التحتية المتكاملة، فقد تحولت مدينة العلمين إلى مسرح مفتوح على الحياة، تستضيف على أرضها مسارح عملاقة، أبرزها ساحة” (U- Arena)، التي باتت القلب النابض للمهرجان، وتنظيم فاعلياته يتم بإشراف شركة "تذكرتي"، التي تقدم نموذجًا احترافيًا متكاملًا في إدارة الحفلات والتجارب الثقافية، ما يعكس صورة مبهرة عن قدرة مصر على تنظيم الأحداث الكبرى، بتقنيات معاصرة، وأفكار تليق بالحلم المصري الحديث، بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.
في واحدة من الليالي التي لا تنسى، وقف النجم تامر حسني على خشبة المسرح ليقدم عرضًا فنيًا يمزج بين الإبداع البصري والتقني، حيث بدأ حفلته بفيديو مؤثر من إنتاج الذكاء الاصطناعي، ظهر خلاله بشخصية رجل مسن يستعرض أبرز محطاته الفنية، في لقطة جمعت بين الحنين والابتكار، واستطاع تامر أن يجذب أنظار الآلاف منذ اللحظة الأولى، ليطلق بعدها وصلة غنائية شملت مجموعة من أنجح أغنياته مثل "يا تاعبني"، و"هنا عمري ابتدى"، و"أكتر واحدة بحبك فيكي هو ده"، وسط تفاعل من الحاضرين الذين رددوا الكلمات معه في مشهد من الحميمية الفنية النادرة.
تامر لم يكتف بالغناء لنفسه، بل منح الفرصة لمواهب جديدة للصعود معه، فظهر على المسرح كريم أسامة ليقدما دويتو بعنوان "هو ده بقى"، قبل أن ينضم إليهما الفنان الشاب الشامي، الذي أضاف لمسة مختلفة من خلال أدائه لأغنيته الشهيرة "ملكة جمال الكون"، في لحظة جمعت بين الأجيال، ودعمت فكرة أن المهرجان لا يحتفي فقط بالنجوم، بل يحتضن أيضًا الأصوات الواعدة التي تمثل مستقبل الساحة الغنائية.
كما كانت المفاجأة الأكبر حين شارك الفنان يوسف جبريال في تقديم ريمكس خاص لأغنية "Come Back To Me"، أضفت مزيدًا من الحيوية على الأجواء، وتجاوز العرض الغنائي حدود الترفيه ليصبح منصة حقيقية لاكتشاف مواهب جديدة، مدعومة بحب الجمهور وتفاعله الذي لا يهدأ.
الجمهور الذي ملأ مقاعد "يو أرينا" لم يترك الساحة حتى آخر نغمة، حيث واصل تامر تقديم أغانيه، مستعرضًا باقة من أعماله الأحدث مثل "حبك لو غلطة" و"لينا معاد"، واختتم الليلة بأغنية "قدها"، التي كانت بمنزلة الوداع الحماسي لعشاقه، الذين غادروا الساحة وقد امتلأت قلوبهم بالبهجة.
وفي الليلة نفسها، تألق الفنان الشامي الذي ألهب المسرح منذ صعوده، مقدمًا مجموعة من أشهر أغانيه، منها: "جيناك"، "يا ليل يا عين"، و"وين"، والتي رددها الجمهور بحماس كبير، حتى إنه اضطر لإعادة أداء "وين" في نهاية الحفل نزولًا عند طلب الجماهير، وعبر عن امتنانه لهذه التجربة قائلًا: "دي أول حفلة ليا في مصر"، وإن شاء الله مش هتكون الأخيرة"، مؤكدًا رغبته في إصدار أغان باللهجة المصرية قريبا.
كلمات الشامي، المليئة بالمحبة، انعكست على جمهوره الذي لم يتوقف عن التصفيق، وخص المصريين بتحية خاصة قائلاً: "تؤبرني جمهور مصر حبيبي"، وهي العبارة التي تردد صداها في أرجاء الساحة، لتؤكد أن مهرجان العلمين بات ملتقى ثقافيًا حقيقيًا بين الشعوب، ومنصة لخلق حوار موسيقي عربي أصيل.
الحدث لم يتوقف عند أمسية واحدة، بل تتوالى الحفلات الواحدة تلو الأخرى، فالجمهور يترقب حضور "الهضبة" عمرو دياب، الذي يحيي حفله في الأول من أغسطس، بمشاركة الدي جي العالمية كلوي كتيلي، في أول حضور لها ضمن فعاليات المهرجان، وهي مشاركة تعكس البعد الدولي الذي أصبح السمة الغالبة على نسخة هذا العام، إذ إن انفتاح المهرجان على أسماء عالمية يعزز من مكانته في خارطة الفعاليات الموسيقية الكبرى في المنطقة.
عمرو دياب سيقدم مجموعة من أشهر أغانيه، إلى جانب باقة من ألبومه الجديد "ابتدينا"، الذي تصدر قوائم الاستماع فور صدوره، ما يعد الجماهير بسهرة لا تنسى على مسرح العلمين، المعروف بأضوائه الساحرة وصوته المتقن وتجهيزاته عالية الجودة.
وفي موعد ينتظره عشاق الطرب الأصيل، يعود الكينج محمد منير إلى المسرح في السادس عشر من أغسطس، ليقدم حفله الثالث ضمن مهرجان العلمين، الذي يعتبره منير بمثابة "لحظة إنسانية وفنية استثنائية"، حسبما قال في تصريحات صحفية، مضيفًا: "أنا مبسوط وأنا بغني في مهرجان العلمين، بحس إن الحفلات هناك فيها طاقة حلوة، والناس فعلًا محتاجة تفرح"، كلمات تعبر بصدق عن عمق العلاقة بين الفنان الكبير وجمهوره الذي يأتي من كل حدب وصوب للاستمتاع بصوته وأغانيه.
منير يخطط لمفاجآت فنية خلال الحفل، تشمل توليفة من أعماله التي حفرت مكانتها في ذاكرة الغناء العربي، إلى جانب تقديمه لتجارب موسيقية جديدة، إذ يؤمن بأن الفن رسالة وبهجة، وأن مهرجانًا بهذا الحجم هو المنبر الأنسب لتقديم ما يليق بالجمهور المصري والعربي.
النسخة الثالثة من مهرجان العلمين الجديدة تتجاوز في مضمونها فكرة الحفلات الموسيقية فقط، فهي تؤكد أن مصر تمضي بخطى واثقة نحو الترويج الثقافي والسياحي لوجهاتها الجديدة، حيث باتت المدينة الساحلية مثالًا على قدرة الدولة على تحويل مواقع مهجورة إلى مراكز جذب عالمية، عبر بنية تحتية متطورة ومرافق خدمية وسياحية متكاملة.
مدينة العلمين الجديدة التي كانت يومًا ما ساحة معارك تاريخية، أصبحت اليوم رمزا للسلام والإبداع والنهضة، بفعل الرؤية الطموحة للقيادة السياسية، التي جعلت من الاستثمار في الثقافة والفن جزءا لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الشاملة، والتي تسعى لتحويل مصر إلى مركز جذب إقليمي للفعاليات الكبرى، من خلال استضافة مهرجانات موسيقية وثقافية قادرة على المنافسة عالميًا.
كما أن مشاركة عدد كبير من الشباب سواء كضيوف أو مشاركين في الفعاليات، يعكس التحول الإيجابي في نظرة الدولة للثقافة كأداة فاعلة لتمكين الشباب، وتشجيعهم على التعبير عن أنفسهم في مساحات مفتوحة، محمية وآمنة، وتمنحهم فرصة المشاركة في تشكيل المشهد الفني لمصر الجديدة.
ولعل ما يميز هذه الدورة تحديدًا، هو المزج بين الطابع المحلي والبعد الدولي، فالمهرجان هذا العام لم يكتف بتقديم نخبة من نجوم الوطن العربي، بل وسع مشاركاته لتشمل فنانين عالميين، ما يعكس انفتاح مصر على الثقافات المتعددة، وسعيها لأن تكون محطة رئيسية على خارطة الترفيه العالمية.
تجربة مهرجان العلمين الجديدة ليست مجرد ترفيه، بل هي استثمار في "الاقتصاد الإبداعي"، الذي ينظر إليه اليوم كأحد روافد الدخل القومي في دول كثيرة، كما يسهم في تعزيز الصورة الذهنية الإيجابية عن مصر، ويكشف عن طاقات الشباب، ويمنح فرصة للكوادر التنظيمية أن تثبت جدارتها، ويروج للسياحة بمفهومها الأحدث، حيث يلتقي البحر بالفن، وتتحول الليالي الصيفية إلى ذاكرة جماعية لا تنسى.
ويعد مهرجان العلمين الجديدة في نسخته الثالثة، شهادة حية على ما يمكن أن تحققه الإرادة السياسية حين تتلاقى مع طموح الناس، وما يمكن أن تصنعه الفنون حين تمنح المساحة لتزدهر، وما تستطيع المدن الجديدة أن تقدمه عندما تبنى على أسس التخطيط المستدام والانفتاح الثقافي، فالعلمين ليست فقط مدينة على الخريطة، بل أصبحت عنوانًا لمستقبل مصر.