من دعا من؟..جدل حول زيارة الرئيس الاسرائيلي للفاتيكان

الخميس، 04 سبتمبر 2025 11:11 ص
من دعا من؟..جدل حول زيارة الرئيس الاسرائيلي للفاتيكان
بابا الفاتيكان

تشهد الفاتيكان اليوم الخميس، لقاءاً دبلوماسيًا رفيع المستوى بين البابا ليو، أول بابا أمريكي في تاريخ الفاتيكان، والرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، في وقت تنزف فيه غزة تحت وطأة حرب إسرائيلية مستمرة على القطاع منذ نحو عامين، إلا أن الاجتماع سبقته عاصفة من الجدل حول سؤال بسيط ظاهريًا: من دعا من؟
 
ففي بيان أصدرته الرئاسة الإسرائيلية صباح الثلاثاء، أعلنت تل أبيب أن الرئيس هرتسوغ  يلتقي البابا بدعوة رسمية من الفاتيكان،  لكن ساعات قليلة بعد ذلك، جاء الرد من الدائرة الإعلامية في الفاتيكان بلهجة دبلوماسية حازمة:  من المعتاد أن يستجيب البابا لطلبات اللقاء التي يقدمها رؤساء الدول والحكومات، وليس العكس، و هذا التصريح النادر ألقى بظلاله على الحدث المرتقب، وفتح الباب لتأويلات متعددة حول الرسائل التي يحملها كل طرف للرأي العام العالمي.
 
وأوضح مصدر لشبكة دوتش فيله، من مكتب الرئيس الإسرائيلي، أن هرتسوغ كان يعتزم لقاء البابا الراحل فرنسيس خلال زيارة سابقة إلى إيطاليا، لكن مرض الأخير ثم وفاته حالا دون ذلك،  وبعد انتخاب البابا ليو في مايو الماضي، جرى ترتيب اللقاء الجديد بالتنسيق الكامل مع الفاتيكان عبر القنوات الدبلوماسية،  غير أن التباين في البيانات الرسمية أظهر أن ترتيب اللقاء لم يكن خاليًا من الحساسية السياسية، خاصة في ظل الانتقادات التي واجهها الفاتيكان إبان الحرب على غزة.
وبحسب بيان مكتب هرتسوغ، ستشمل المحادثات المرتقبة ملفات متعددة، أبرزها الجهود المبذولة لإعادة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، والتصدي لمعاداة السامية عالميًا، وحماية المجتمعات المسيحية في الشرق الأوسط، وهي قضايا تمس مباشرة صورة إسرائيل وعلاقاتها الدولية.
 
و في المقابل، يواصل البابا ليو تبني خطاب يصفه المحللون بـالإنساني الصريح، إذ وجه الأسبوع الماضي مناشدة قوية لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، داعيًا إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتحرير الرهائن، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
 
ووضعت هذه المواقف البابا الجديد في مواجهة ضمنية مع السياسات الإسرائيلية، على غرار ما كان عليه موقف سلفه البابا فرنسيس الذي عرف بانتقاداته المتكررة للحرب الإسرائيلية على غزة،  ويتوقع أن يثير اللقاء المرتقب تساؤلات حول مدى قدرة الفاتيكان على لعب دور الوسيط المحايد في النزاعات الدولية، وهو الدور الذي يحرص الكرسي الرسولي على الحفاظ عليه تاريخيًا.
 
ومن المعروف أن الفاتيكان يتجنب عادة إصدار بيانات تفصيلية قبل اللقاءات البابوية، مكتفيًا ببيانات مقتضبة بعدها،  لكن إعلان اجتماع البابا ليو مع هرتسوو، إلى جانب لقاء آخر مع الرئيس البولندي كارول نافروتسكي يوم الجمعة، يعكس أجندة دبلوماسية نشطة للبابا الجديد الذي يسعى إلى رسم ملامح سياسة خارجية متوازنة، مع الحفاظ على تقاليد الكرسي الرسولي في الوساطة والحياد.
 
ونشرت شبكة دويتشة فيله،  أن الجدل الأخير حول الجهة الداعية للقاء قد يكون في حد ذاته رسالة من الفاتيكان تؤكد أنه ليس طرفًا يستقبل الدعوات بل جهة تراجع وتستجيب وفق بروتوكولات صارمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بنزاعات معقدة مثل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني،  وفي المقابل، ترى مصادر إسرائيلية أن التأكيد على  دعوة البابا  يعكس رغبة تل أبيب في إبراز أهمية اللقاء للرأي العام المحلي والدولي، باعتباره دعمًا معنويًا من الفاتيكان لجهودها في ملف الرهائن والتصدي لمعاداة السامية.
 
يأتي اللقاء المرتقب في لحظة حساسة يشهد فيها الشرق الأوسط تصاعدًا في الضغوط الدولية لوقف القتال في غزة، وإطلاق سراح الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية،  كما يتزامن مع استمرار الانتقادات الحقوقية الموجهة لإسرائيل بشأن سياساتها العسكرية في القطاع المحاصر، في حين تتعرض المجتمعات المسيحية في المنطقة إلى تهديدات متزايدة نتيجة الصراعات الممتدة.
 
في ظل هذا السياق، يترقب المجتمع الدولي ما سيخرج عن لقاء البابا ليو وهرتسوغ، ليس فقط على مستوى التصريحات البروتوكولية، بل أيضًا على مستوى الإشارات السياسية التي قد تعيد رسم خريطة علاقات الفاتيكان بإسرائيل، أو تعزز دور البابا في دفع مسار السلام الفلسطيني الإسرائيلي إلى الأمام.
 
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق