نكشف شبكة الإخوان الإرهابية لتنفيذ حرب الإنهاك والإرباك

السبت، 13 سبتمبر 2025 11:50 م
نكشف شبكة الإخوان الإرهابية لتنفيذ حرب الإنهاك والإرباك
محمد الشرقاوي

1.25 مليار دولار وضعت في خزائن الجماعة لاستهداف الدولة المصرية.. وتحويل جزء من التمويل لدعم تنظيم حسم

الهاربان يحيى موسى وعز الدين دويدار مسئولان عن إدارة المنصات الإعلامية الجديدة.. وتجنيد وجوه جديدة ليست محروقة إعلامياً وسياسيا

الخطة تتضمن خوض حروب شاملة توظف الإعلام ووسائل التواصل الحديثة ومنظمات حقوقية "وهمية" كسلاح واحد

الإعلام الإخواني تحوّل إلى مصنع كامل لإنتاج الأكاذيب وإعادة تدويرها.. والاعتماد على غرف عمليات رقمية لنشر رسائل مضللة

 

 

انكشفت مطلع أغسطس 2025 واحدة من أخطر فضائح التمويل الخارجي، بعدما تبيّن أن جماعة الإخوان الإرهابية تلقت أكثر من مليار وربع دولار، في محاولة ممنهجة لاستهداف الأمن القومي المصري.

مصادر مطلعة أكدت لـ"صوت الأمة" أن هذا التمويل الضخم لم يُوجَّه فقط إلى القنوات المعتادة مثل «الشرق» و«مكملين» أو صفحات الجماعة الإرهابية على وسائل التواصل الاجتماعي، بل امتد ليشمل إنشاء منصات جديدة بواجهات مدنية مزيّفة لإخفاء صلتها بالتنظيم، مع تكليف شخصيات بعينها مثل: الهارب يحيى موسى، المشرف على تنظيم «حسم» الإرهابي، بإدارة جزء من هذا المخطط، بالتنسيق مع عز الدين دويدار، المسؤول الإعلامي لحركتي «إسناد» و«ميدان».

وشددت المصادر على أن التمويل لا يقتصر على منصات الدعاية السوداء، بل يتوزع بين ثلاثة أذرع رئيسية: الإعلام المضلل، الذراع المسلح ممثلًا في حركة «حسم»، وواجهات حقوقية مصطنعة تعمل على إصدار تقارير مسيّسة لتشويه صورة مصر في المحافل الدولية.

ووفق المعلومات، يُوجَّه جزء من هذه الأموال لتمويل عمليات إرهابية محتملة، بينها مخططات لاستهداف السفارات المصرية بالخارج، فضلًا عن استمرار دعم الجماعة لتحركاتها التخريبية على الأرض.

وتكشف هذه الوقائع أن جماعة الإخوان الإرهابية بعد 2013 لم يعودوا يتحركون تحت لافتة الإصلاح أو المعارضة، بل يسعون إلى تفريغ الدولة من الداخل عبر حرب شاملة توظف الإعلام والسلاح والحقوق المزيّفة كسلاح واحد في معركة «الإنهاك والإرباك».

 

إعلام الظل.. ماكينة الدعاية السوداء

منذ سقوط حكم جماعة الإخوان الإرهابية عام 2013، شكّلت المنابر الإعلامية في الخارج رأس الحربة لأجندة الجماعة التخريبية، فقد ركّزت لسنوات على قنوات فضائية محدودة مثل «الشرق» و«مكملين» و«وطن» و«الحوار»، التي تحوّلت إلى ما يشبه غرف عمليات لبث الشائعات وتشويه الدولة المصرية، وكشفت التحقيقات الأخيرة، المدعومة بمصادر موثوقة، أن هذه القنوات لم تنشأ من فراغ، بل تتغذى على خطوط تمويل مباشرة من التنظيم الدولي للجماعة، تديرها شخصيات بعينها: أيمن نور الذي يتولى قناة «الشرق»، ومحمود حسين الممسك بخيوط «وطن»، فيما يشرف إبراهيم منير على «مكملين» و«الحوار».

لكن الأهم أن القضية لم تقتصر على القنوات التقليدية، فمع انكشاف وجوهها وتراجع مصداقيتها، لجأت الجماعة إلى أسلوب جديد: إنشاء منصات تحمل واجهات مدنية أو مستقلة، لتبدو بعيدة عن الإخوان، وكذلك ظهرت مواقع إلكترونية وصفحات تواصل اجتماعي خلال الأعوام الأخيرة بغطاء رقمي مزيف، تديرها أسماء جديدة بعيدة عن "الوجوه المحروقة" إعلاميًا، غير أن مضمونها ظل واحدًا: دعاية سوداء، وفبركة ممنهجة، وبث أكاذيب مصممة للنيل من استقرار الدولة.

ومن بين أحد أبرز الكوادر الإعلامية الهاربة، عز الدين دويدار، لعب دورًا محوريًا في إدارة هذا الملف، إلى جانب يحيى موسى الهارب في تركيا، والذي يشرف أيضًا على «حركة ميدان»، فقد شكل الاثنان نواة شبكة إعلامية حديثة، تنطلق من لندن وبعض العواصم الإقليمية، وتعمل وفق أجندة موحدة تموَّل من المليار وربع التي كُشف عنها مؤخرًا.

ولا يمت الخطاب الذي تروّجه هذه المنصات للإعلام بصلة، فما تبثه تلك القنوات لا يقوم على المهنية أو القواعد الصحفية الرصينة، بل يعتمد كليًا على البتر والفبركة وتزييف السياق من أجل خلق صورة زائفة عن الأوضاع الداخلية، كونها مجرد «ماكينات دعاية سوداء» تستهدف وعي المصريين.

وما يؤكد الطابع المنظَّم أن هذه المنصات تتشارك التمويل ذاته مع أذرع الجماعة الأخرى، سواء المسلحة أو الحقوقية، فهي ليست مبادرات فردية ولا محاولات عفوية للمعارضة، وإنما جزء من مخطط أكبر لصناعة «حرب معلوماتية» متكاملة، يهدف إنهاك الدولة، وضرب الروح المعنوية للمجتمع، وتهيئة المسرح لأدوار أكثر خطورة تديرها الجماعة عبر أدوات العنف المباشر والواجهات الحقوقية المزيّفة.

وبينما تنشغل هذه القنوات في الخارج بتكرار الشائعات وصناعة الأكاذيب، يتضح أن الرسالة التي تسعى الجماعة لترسيخها هي أن مصر دولة مأزومة وغير قادرة على الصمود. لكن القراءة الأعمق تكشف أننا أمام فصل أول فقط من خطة أشمل، حيث الإعلام المضلل ليس سوى مقدمة لذراع آخر لا يقل خطورة: الذراع الإرهابي المسلح الذي يتغذى على نفس التمويل ويمارس دوره في الميدان الدموي.

لم يكن الإعلام الإخواني مجرّد أداة لنقل الخبر، بل تحوّل إلى مصنع كامل لإنتاج الأكاذيب وإعادة تدويرها، فالقنوات المموّلة من الخارج، مثل «مكملين» و«الشرق»، لم تكتفِ بترديد خطاب المظلومية، بل طورت آلية بث يومي للشائعات تعتمد على سرعة الانتشار أكثر من دقة المحتوى.

وفي هذا السياق، يلاحظ أن هذه المنابر باتت تتحرك وفق أجندة واحدة: خلق حالة من «الإرهاق المعلوماتي» بحيث يصعب على المواطن العادي التمييز بين الحقائق والأكاذيب. ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي، جرى تجنيد آلاف الحسابات الوهمية التي تعيد إنتاج الرسائل الإعلامية المضللة، ما جعلها أقرب إلى غرف عمليات رقمية تستهدف استقرار الدولة. الخطورة تكمن في أن هذا النمط من الإعلام لم يعد مرتبطًا بخطاب سياسي تقليدي، بل صار أداة نفسية تعيش على نشر الشكّ والارتباك، بهدف إضعاف ثقة المواطن في أي منجز واقعي.

 

حسم.. الدم كعملة سياسية

لم يقتصر مشروع الإخوان التخريبي على الدعاية السوداء، بل تمدد إلى العنف المباشر عبر ذراعهم الأخطر: تنظيم «حسم» الإرهابي، هذا الكيان، الذي ظهر منذ 2015، يعكس الوجه العسكري للجماعة الإرهابية بعد سقوطها السياسي، ومع تضييق الأجهزة الأمنية في الداخل، أعادت الحركة ترتيب أوراقها بتهريب عناصرها وأموالها إلى الخارج، حيث وجدت في شبكات التمويل الدولية متنفسًا يضمن لها الاستمرار.

وكشفت تقارير أمنية أن «حسم» تحولت إلى كيان عابر للحدود يتغذى على الدعم القادم من عواصم إقليمية، إضافة إلى مسارات مالية معقدة تمر عبر أوروبا، حيث وفرت هذه الشبكات للتنظيم القدرة على شراء السلاح، وتدريب العناصر، وتوفير ملاذات آمنة لكوادره، وهنا يبرز دور القيادي الهارب يحيى موسى، الذي عُدّ العقل المدبر للذراع المسلحة، والمسؤول عن التخطيط والتجنيد وتنسيق العمليات العدائية.

وتتخذ الجماعة الإرهابية من سردية الدماء ورقة ضغط لابتزاز الدولة والترويج لرواية «المظلومية»، فالآلة الإعلامية الممولة بالخارج لا تكتفي بتزييف الحقائق، بل تصنع غطاءً خطابياً لـ«حسم»، مقدمةً العنف على أنه «مقاومة» أو «جهاد» يبرر الفوضى.

ويكشف هذا التداخل بين الإعلام المسيس والعنف المسلح عن استراتيجية موحدة: إشعال الساحة بالتحريض والدعاية، ثم استثمار الدم كعملة لإرباك الداخل وإرهاب المجتمع.

ولعل أخطر ما في الأمر أن التنظيم لا يكتفي باستهداف رموز الدولة أو مؤسساتها، بل يسعى إلى خلق مناخ دائم من الخوف، يفرغ المجال العام من الاستقرار والثقة.

وتعكس تجربة «حسم» بوضوح تحوّل الجماعة من العمل السياسي التقليدي إلى التوظيف المباشر للعنف، فالحركة، التي بدأت بسلسلة هجمات محدودة داخل مصر، سرعان ما اتخذت شكلًا شبكيًا معقّدًا، يُدار من الخارج ويغذّى بمسارات تمويل خفية.

ورصدت بعض الدراسات الأمنية أن التمويل لا يتوقف عند حدود الأموال، بل يشمل أيضًا الدعم اللوجستي والتقني، مثل تدريب العناصر على تكتيكات حرب المدن واستخدام التكنولوجيا في التواصل الآمن.

الأهم أن وجود شخصيات مثل يحيى موسى لم يكن فرديًا، بل جزءًا من شبكة أوسع تعمل كحلقة وصل بين القيادة السياسية للإخوان والجناح الإرهابي، وهذا التداخل بين السياسي والعسكري يكشف أن الجماعة لا تفصل بين الخطاب الدعائي والسلاح، بل تدمجهما معًا في مشروع واحد: استخدام الدم كرسالة سياسية لإرهاب الدولة وابتزازها.

 

واجهات حقوقية.. أقنعة التضليل الأسود

على خطٍ موازٍ، يوظف تنظيم الإخوان ملف حقوق الإنسان كسلاح في حربه النفسية ضد الدولة المصرية، فالمتابع يلحظ أن الجماعة لم تكتفِ بإطلاق أبواق إعلامية، بل صنعت شبكة واجهات حقوقية مموهة تمتد عبر عواصم غربية وإقليمية، تتخفى تحت شعارات إنسانية بينما تؤدي عمليًا دور الذراع الدعائية للجماعة.

وتشير دراسات حديثة إلى أن هذه المنظومات الحقوقية المرتبطة بالجماعة الإرهابية تنوعت في تخصصاتها ووسائل تأثيرها، حتى باتت قادرة على التفاعل مع الآليات الدولية للأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، بما يمنحها غطاء شكليًا يضفي على خطابها الزائف صفة الشرعية.

غير أن جوهر هذه الواجهات يكشف عن حراك ممنهج لتوظيف لغة حقوق الإنسان كأداة هجومية، فهي ليست منظمات مستقلة، بل «دكاكين» تدار بعقلية سياسية هدفها إنتاج تقارير مفبركة تستهدف مصر ودول عربية أخرى.

من الأمثلة البارزة، منظمة «هيومان رايتس مونيتور» التي برز اسمها مع ظهور الناشطة سلمى أشرف على شاشة قناة «مكملين» الإخوانية، حيث قدمت تقريرًا مليئًا بالاتهامات الملفقة، ولم يكن هذا الظهور عابرًا، بل جزءً من خطة دعائية أشمل، تعتمد على شركات علاقات عامة دولية لتسويق تقارير تلك الواجهات عبر منصات أمريكية وأوروبية موجهة، والهدف هنا واضح: إعادة تدوير الأكاذيب في صورة وثائق حقوقية لتصبح مادة جاهزة تستخدمها منظمات كبرى مثل «هيومان رايتس ووتش» في حملات دعائية ضد مصر.

ولا تكمن الخطورة فقط في الأكاذيب ذاتها، بل في القدرة على إدخالها في دوائر النقاش الغربي باعتبارها روايات «مستقلة»، لكن كلما أصدرت تلك المنظمات تقريرًا مشبوهًا، جاء الرد سريعًا من الداخل المصري: شهادات مضادة، تفنيد بالأدلة، وكشف للروابط التمويلية التي تدير هذه «الدكاكين الحقوقية»، وهذه المواجهة المستمرة أضعفت نسبيًا من تأثير الخطاب الإخواني، لكنها لم توقف محاولات الجماعة لإعادة إنتاج ذات الأسلوب عبر كيانات جديدة تحمل أسماء مختلفة.

بهذا المعنى، لم يعد خطاب تلك المنظمات مقنعًا إلا في دوائر مغلقة سلفًا، بينما في السياق العربي والمصري خصوصًا، صار مكشوفًا أنه غطاء إعلامي رثّ، يتكرر فيه الأسلوب ذاته: إنتاج اتهامات مصطنعة، ضخها عبر قنوات إخوانية، ثم إعادة تسويقها بلسان منظمات دولية. إنها عملية تضليل كاملة، لا صلة لها بمبادئ العدالة أو حقوق الإنسان، بقدر ما هي محاولة يائسة لإبقاء الجماعة على قيد الحضور في المشهد الدولي.

وما يجعل «الواجهات الحقوقية» خطيرة هو أنها تكتسب شرعية زائفة في المحافل الدولية. فالتقارير المفبركة التي تنتجها هذه المنظمات لا تبقى حبيسة قنوات الجماعة، بل يتم تدويرها عبر مؤسسات ومنصات إعلامية كبرى في أوروبا والولايات المتحدة، لتتحول لاحقًا إلى أوراق ضغط سياسي على الدولة المصرية.

هذا المسار يوضح أن الغطاء الحقوقي لم يعد مجرد أداة دعائية، بل صار قناة معتمدة للتأثير في السياسات الخارجية. وفي بعض الحالات، جرى رصد تعاون وثيق بين هذه المنظمات ومكاتب محاماة دولية تقدم دعاوى ضد مسؤولين مصريين في الخارج، كجزء من استراتيجية تشويه متكاملة. بعبارة أخرى، يُستثمر خطاب «حقوق الإنسان» كواجهة ناعمة لمشروع خشن، إذ يُستخدم لإضعاف الموقف الدبلوماسي لمصر وإرباك علاقاتها مع شركاء دوليين، بينما الهدف الحقيقي ليس الإصلاح بل توفير مظلة تحمي الجماعة وتمنحها قدرة على المناورة.

 

أذرع الإنهاك والإرباك.. مشروع تخريبي برعاية خارجية

عند تتبّع خيوط تحرك تنظيم الإخوان يتضح أن ما يظهر للعلن من منصات إعلامية أو كيانات حقوقية ليس سوى أجزاء من منظومة متكاملة، فالمشروع التخريبي يقوم على تناغم ثلاثي: إعلام مضلل، ذراع مسلحة، وواجهات حقوقية.

وهذه الأذرع ليست مبعثرة أو عفوية، بل تتحرك وفق خطة واحدة ترسمها قيادة الجماعة، بحيث يتكامل التضليل مع العنف ومع الدعاية الحقوقية لتشكيل جبهة ضاغطة على الداخل المصري.

في هذا السياق، برز دور الإعلام الخارجي واللجان الإلكترونية كحجر الزاوية في المعركة النفسية، فالمتابع يدرك أن كل شائعة تُبث عبر منصات التواصل الاجتماعي ليست معزولة، بل تأتي كجزء من حملة منسقة تستهدف التشكيك في كل إنجاز أو مشروع وطني.

الجماعة الإرهابية اعتمدت على منصات مدعومة خارجيًا وقنوات فضائية معروفة بتوجهاتها العدائية لتكرار خطابها ليلًا ونهارًا، حتى تبدو الأكاذيب وكأنها حقائق ثابتة، وبذلك يندمج خطاب الكراهية مع حملات «التشكيك» في الداخل، ليكوّن صورة مشوهة تسعى الجماعة لتسويقها خارج الحدود.

ولا يخرج ذلك عن كونه ضمن استراتيجية حرب معلوماتية تستند إلى ضخ جرعات متكررة من الأخبار الكاذبة والشائعات، في محاولة لإرباك المشهد الداخلي وزعزعة الثقة المجتمعية، فكل تقرير حقوقي مشبوه أو مقطع فيديو دعائي على قناة معارضة، يتحول إلى أداة ضمن نسق دعائي متكامل، يضعف من رصيد الدولة ويعطي الخارج مادة يستخدمها ضدها.

لكن الأهم أن هذه الحملات ليست ذاتية التمويل، فالجماعة تحصل على دعم مالي ولوجستي من جهات خارجية ترى في استقرار مصر تهديدًا مباشرًا لمصالحها. هذا الدعم لا يقتصر على المال، بل يشمل الرعاية السياسية والإعلامية، سواء عبر تغطية متحيزة في بعض المنصات الغربية، أو عبر توفير منصات بث فضائي تنطلق من عواصم إقليمية معروفة، وبذلك يصبح المشروع التخريبي مزيجًا من دعم خارجي وتنفيذ داخلي، يتغذى على الفوضى ويعيد إنتاج خطاب الكراهية.

وبالنسبة لخطاب «الإصلاح السياسي» الذي ترفعه الجماعة لا يتعدى كونه قناع باهت يخفي مشروعًا أكثر خطورة، هدفه تقويض الدولة أو على الأقل إنهاكها وتشويه صورتها، لذلك فإن المواجهة مع هذا المشروع لا يمكن أن تُختزل في البُعد الأمني فقط، بل إن بناء جبهة فكرية وثقافية وإعلامية مضادة يمثل ضرورة قصوى لإحباط هذه الاستراتيجية.

ولهذا لم يكن غريبًا أن يشدد الجميع على أن هزيمة الإخوان لا تتحقق إلا عبر فضح مشروعهم الدعائي، وهو ما عملت عليه الدولة عبر سنوات سواء بكشف مصادر التمويل أو بتفنيد الأكاذيب، لكن المؤكد أن استمرار الرعاية الخارجية للمشروع يمنحه قدرة متجددة على العودة بأشكال جديدة.

وهنا تكمن الخطورة الحقيقية: أن تتوسع هذه الأذرع المضللة وتتمدد، بما يفتح الباب لمزيد من محاولات التأجيج والتحريض، فالمعركة لم تعد فقط حول صورة الدولة في الخارج، بل حول صلابة الجبهة الداخلية أمام مشروع إرهابي يُدار من وراء الستار ويستهدف الإنهاك والإرباك المستمر.

ولا يمكن فصل المشروع التخريبي للإخوان عن الرعاية الخارجية التي يتلقاها، فالتنظيم يعتمد على شبكة من التحالفات تمتد من دول إقليمية إلى منظمات عابرة للحدود، تسعى جميعها لتقويض استقرار مصر باعتبارها حجر الزاوية في معادلة الشرق الأوسط.

هذه الرعاية لا تأتي فقط عبر التمويل المباشر، بل أيضًا عبر فتح المجال الإعلامي والسياسي للتنظيم كي يقدّم نفسه كـ«معارضة شرعية» في الخارج، وبذلك، تتحول بعض العواصم إلى منصات بديلة تحتضن خطاب الجماعة وتعيد تسويقه.

الأخطر أن هذا الدعم الخارجي يمنح الإخوان شعورًا زائفًا بالقدرة على الاستمرار، رغم فشلهم في الداخل، ولهذا، يدرك الخبراء أن المواجهة ليست مع تنظيم محلي منعزل، بل مع مشروع عابر للحدود يستند إلى موارد وإسناد سياسي وإعلامي متشعب، ما يجعل الصراع معه معركة طويلة الأمد لا تُحسم إلا بكشف شبكاته وتعريتها.

لقد أثبتت التجربة أن معركة الدولة المصرية مع تنظيم الإخوان أبعد ما تكون عن مجرد مواجهة أمنية، بل هي حرب شاملة على الصعد الفكرية والإعلامية والحقوقية أيضًا، فالتنظيم لم يتخل يومًا عن أدوات التضليل والدجل، معتمدًا على تمويل خارجي يضمن بقاءه كأداة ضغط لا كفاعل سياسي شرعي. ومن هنا، فإن أي رهان على تسوية أو استرضاء للجماعة هو رهان خاسر، إذ يقوم مشروعها برمته على الفوضى والإرباك لا على الإصلاح أو البناء.

إن مشروع الدولة الوطنية بقيادة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أكد أن المواجهة الفعالة لا تُختزل في القبضة الأمنية، بل تشمل تفكيك الخطاب الإخواني عبر إعلام وطني يقظ، ومواجهة فكرية وثقافية طويلة المدى تفضح زيف شعارات «المظلومية» و«الشرعية» التي تتستر خلفها الجماعة، وفي المقابل، لمس المواطن بوضوح – عبر إنجازات حية مثل مبادرة «حياة كريمة» وتطوير الريف والمدن الجديدة – أن خطاب الإخوان المتطرف ما هو إلا ستار لتخريب مكتسبات التنمية.

لذا فإن الوعي الشعبي بات اليوم خط الدفاع الأول، وهو السلاح الأهم في معركة الوعي التي تحاول الجماعة اختراقها عبر الشائعات، ولذلك، يبقى الرهان على يقظة المصريين وإعلامهم الوطني كفيلًا بإفشال المشروع التخريبي، وتحصين المجتمع ضد أباطيل هذه الجماعة الإرهابية.

ما يتعين التأكيد عليه أن معركة مصر مع الإخوان لم تعد مجرد شأن داخلي، بل صارت ساحة اختبار لإرادة الدولة أمام خصوم خارجيين يوظفون الجماعة كورقة ضغط.

ومن هنا تأتي أهمية بناء خطاب وطني متماسك يفضح تداخل المال والسياسة والإعلام في مشروعهم التخريبي، كما أن مواجهة هذه الحرب المركبة تتطلب تطوير أدوات الرصد والردع في الفضاء الرقمي، بحيث لا يُترك المجال للمنصات المموّلة لتحتكر الرواية، ولهذا فإن الوعي الشعبي، حين يقترن بمؤسسات قوية وإعلام وطني نشط، يتحول إلى جدار حماية لا يخترقه التضليل ولا تنال منه الأكاذيب.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة