اقتصاد مصر يستعيد توازنه.. التضخم يتراجع والنمو يسجل أعلى معدل في 3 سنوات

الأربعاء، 08 أكتوبر 2025 03:27 م
اقتصاد مصر يستعيد توازنه.. التضخم يتراجع والنمو يسجل أعلى معدل في 3 سنوات
أحمد سامي

بعد فترة من التقلبات الاقتصادية التي فرضتها الأزمات العالمية وتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، بدأ الاقتصاد المصري يستعيد توازنه تدريجيًا، مدفوعًا بإصلاحات مالية ونقدية وضخ استثمارات محلية وأجنبية في قطاعات حيوية.

تراجع معدل التضخم وزيادة النمو
تشير بيانات رسمية حديثة إلى تراجع معدل التضخم السنوي إلى أدنى مستوياته منذ عامين، بعدما نجحت السياسات النقدية في كبح جماح الأسعار وتثبيت سوق الصرف، مع تحسن ملحوظ في وفرة السلع الأساسية واستقرار أسعار الوقود والطاقة. كما أسهمت زيادة الإنتاج المحلي وتراجع الواردات غير الضرورية في تهدئة معدلات التضخم التي كانت أبرز التحديات أمام المواطنين والقطاع الخاص.
 
في المقابل، سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا هو الأعلى خلال ثلاث سنوات، مدعومًا بارتفاع الاستثمارات العامة والخاصة، وتعافي قطاعي السياحة والصناعة، وزيادة الصادرات إلى الأسواق العربية والأفريقية. وأشار تقرير وزارة التخطيط إلى أن معدل النمو تجاوز 5% خلال العام المالي الأخير، مقابل 3.7% في العام السابق، ما يعكس عودة النشاط الاقتصادي إلى مساره الطبيعي، ومن المتوقع أن ينخفض معدل التضخم فى مصر ليصل إلى 8% فى النصف الثانى من عام 2026.
 
وسجّل الاقتصاد المصري تحسناً ملحوظاً في تعاملاته مع العالم الخارجي خلال العام المالي 2024-2025، بعد تراجع عجز الحساب الجاري بنسبة 25.9% ليبلغ 15.4 مليار دولار مقارنة بـ 20.8 مليار دولار في العام المالي السابق، بحسب بيان البنك المركزي المصري حول ميزان المدفوعات.
 
وأوضح البنك أن التحسن جاء مدفوعاً بتحسن المعاملات التجارية الخارجية، خاصة خلال النصف الثاني من العام المالي الماضي (يناير – يونيو 2025)، الذي شهد انخفاضاً في العجز الجاري بنسبة 59.9% مقارنة بالفترة المناظرة من العام السابق.

قفزة في تحويلات المصريين بالخارج والسياحة
 
ووفقاً لبيان البنك المركزي، ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 55.3% لتسجل 36.5 مليار دولار مقابل 21.9 مليار دولار في العام المالي 2023-2024. كما زادت إيرادات السياحة بنسبة 16.3% لتصل إلى 16.7 مليار دولار مقارنة بـ 14.4 مليار دولار، مدفوعة بزيادة عدد الليالي السياحية إلى 179.3 مليون ليلة مقابل 154.1 مليون ليلة في العام السابق.

الاستثمارات الأجنبية المباشرة والصفقات الاستثنائية
 
وسجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة صافي تدفق قدره 12.2 مليار دولار خلال 2024-2025، مقارنة بـ 46.1 مليار دولار في العام السابق، الذي كان قد شهد تدفقات استثنائية بلغت نحو 35 مليار دولار نتيجة تنفيذ صفقة «رأس الحكمة».
 
ورغم التراجع النسبي في التدفقات الاستثمارية، إلا أن ميزان المدفوعات الكلي حقق فائضاً قدره 2.1 مليار دولار مقابل عجز كلي بلغ 9.7 مليار دولار في العام المالي 2023-2024، وهو ما يعكس استمرار التحسن في الحساب الجاري واستقرار أداء الاقتصاد الخارجي.

العجز التجاري البترولي يرتفع.. وغير البترولي يتسع
 
وأشار البيان إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري البترولي ليصل إلى 13.9 مليار دولار مقابل 7.6 مليار دولار في العام السابق، نتيجة زيادة الواردات البترولية إلى 19.5 مليار دولار بسبب ارتفاع واردات الغاز الطبيعي والبترول الخام.
في المقابل، تراجعت الصادرات البترولية إلى 5.6 مليار دولار مقابل 5.8 مليار دولار، متأثرة بانخفاض صادرات الغاز والبترول الخام رغم ارتفاع صادرات المنتجات البترولية.
 
أما العجز التجاري غير البترولي فقد بلغ 37.1 مليار دولار مقارنة بـ 31.9 مليار دولار، نتيجة ارتفاع الواردات غير البترولية إلى 71.7 مليار دولار مقابل 58.8 مليار دولار، في حين ارتفعت الصادرات غير البترولية إلى 34.6 مليار دولار مقابل 26.8 مليار دولار، بزيادة قدرها 7.8 مليار دولار تركزت في صادرات الذهب، والملابس الجاهزة، والفواكه والخضر الطازجة، والألومنيوم.

قناة السويس.. تراجع الإيرادات وتحسن طفيف بالنصف الثاني
 
وسجّلت إيرادات قناة السويس انخفاضاً بنسبة 3.6% لتبلغ 6.6 مليار دولار مقابل 6.8 مليار دولار في العام المالي السابق، متأثرة بتراجع أعداد السفن العابرة بنسبة 38.5% والحمولة الصافية بنسبة 55.1% نتيجة اضطرابات حركة التجارة العالمية.
ومع ذلك، شهد النصف الثاني من العام المالي تحسناً طفيفاً في الحصيلة بمعدل 1.4%، لتصل إلى 1.83 مليار دولار مقابل 1.8 مليار دولار خلال الفترة المقابلة من عام 2024.
 
وشهدت العملة المحلية استقرارًا نسبيًا أمام العملات الأجنبية بفضل زيادة موارد النقد الأجنبي من تحويلات العاملين بالخارج، والسياحة، وقناة السويس، إلى جانب تحسن ميزان المدفوعات، كما ساهمت الاتفاقات التمويلية الجديدة مع المؤسسات الدولية في تعزيز الاحتياطي النقدي ودعم الثقة في الاقتصاد المصري.
 
ويرى خبراء اقتصاديون أن المؤشرات الإيجابية الأخيرة تمثل بداية مرحلة جديدة من التعافي، لكنها تتطلب استمرار الانضباط المالي وتشجيع الاستثمار الإنتاجي وتحفيز القطاع الخاص، ويؤكدون أن التركيز على الصناعة والتصدير هو الطريق الأمثل لتحقيق نمو مستدام وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب.
 
 
 
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق