نكسة إخوانية.. صدمة تسيطر على قيادات الجماعة الإرهابية بعد وقف الحرب.. وفشل خطة "بوابة غزة" للعودة إلى الشارع
السبت، 18 أكتوبر 2025 09:00 م
صدمة تسيطر على قيادات الجماعة الإرهابية بعد وقف الحرب.. وفشل خطة "بوابة غزة" للعودة إلى الشارع
التنظيم استخدم "الحرب" لإعادة تدوير خطابه واستهداف مصر.. والشبكات واللجان الإخوانية بثت ملايين الأكاذيب والروايات التحريضية
منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر 2023، لم تكن القاهرة طرفًا عابرًا في المشهد الإقليمي المضطرب، بل كانت – كعادتها – مركز التوازن الذي دارت حوله محاولات وقف النزيف وإعادة ضبط إيقاع المنطقة.
ورغم حالة الفوضى التي عمّت الإقليم منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، دفعت القاهرة مجددًا ثمن التزامها التاريخي بالقضية الفلسطينية، من دماء جنودها، ومن استقرارها الداخلي، ومن ضغوط إقليمية متزايدة، دون أن يغير ذلك موقف جماعة الإخوان الإرهابية، التي وجدت في الموقف المصري ساحة جديدة لتصعيد حملاتها الممنهجة وتشويه صورته في الوعي العربي، على نحو يتناقض مع ما تدّعيه من نصرة للقضية الفلسطينية.
وعلى مدى عامين من الحرب، كانت مصر هي الضامن الإنساني الأول، والوسيط الذي حمى الأرواح ومنع تمدد النار، بينما انشغلت أبواق الجماعة ببث خطاب الكراهية وإطلاق الشائعات حول تواطؤ مزعوم مع الاحتلال. أرادت الجماعة أن تعيد تدوير أسطوانتها القديمة: فكلما انكشفت أمام الرأي العام العربي، لجأت إلى المتاجرة بدماء الفلسطينيين بحثًا عن عائد سياسي مفقود.
لقد حافظت القاهرة، رغم ضغط الميدان وابتزاز الإعلام، على اتزانها الدبلوماسي في أصعب اللحظات، فمدّت جسور الحوار مع واشنطن، وأنقذت آلاف المدنيين عبر معبر رفح، ودافعت عن حق الفلسطينيين في دولة مستقلة من منطلق أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا.
وبينما نجحت القاهرة في فرض هدنة شاملة وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووجدت دعمًا دوليًا متزايدًا، تواصل ماكينة الإخوان الإعلامية بث سمومها للنيل من صورة الدولة المصرية، غير أن الحقائق على الأرض تفضح زيف تلك الادعاءات، وتؤكد أن القاهرة لم تكن يومًا متواطئة، بل كانت المجني عليها في حرب الأكاذيب التي لم تُطلق فيها رصاصة، بل أُطلقت فيها الشائعات كسلاح جديد لتشويه الحقائق وإضعاف مركز الدولة التي ما زالت تحمي المنطقة من الانفجار الكامل.
مصر في قلب النار
لم يكن موقع مصر من الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 موقع المراقب أو الوسيط العابر، بل كانت في صميم الحدث، تدير توازنات معقدة بين واجبها التاريخي تجاه القضية الفلسطينية، ومصالحها الاستراتيجية التي تمس أمنها القومي مباشرة، فالقاهرة وجدت نفسها، منذ اللحظة الأولى، بين نارين: نار التصعيد الميداني الذي يهدد بتمدد الحرب نحو سيناء، ونار الابتزاز السياسي الذي مارسته جماعة الإخوان الإرهابية وأدواتها الإعلامية لتشويه موقف الدولة واتهامها زورًا بالانحياز أو الصمت.
غير أن ما غاب عن تلك الدعايات هو أن مصر كانت وحدها الدولة العربية التي أبقت المعابر مفتوحة، والمفاوضات قائمة، والخيوط متصلة بين الأطراف كافة، في وقت انهارت فيه جسور الثقة الإقليمية وتراجع حضور القوى الدولية التقليدية، فمن خلال جهازها الدبلوماسي والاستخباراتي، تحركت القاهرة على أكثر من خط: تثبيت الهدنة، وتأمين الممرات الإنسانية، وضمان عدم توسع نطاق العمليات نحو الحدود المصرية، ومع كل جولة قتال كانت القاهرة تستعيد موقعها كصاحبة القرار الصعب، الدولة التي تتحمل ضغط النار حتى لا تحترق المنطقة.
على مدار عامين، خاضت مصر معركة مزدوجة؛ ميدانية بوسائل سياسية، وإعلامية عبر مواجهة سيلٍ من الشائعات التي استهدفت مصداقيتها، فبينما كانت سيارات الإسعاف المصرية تنقل المصابين الفلسطينيين إلى مستشفيات العريش وومدن القناة والدلتا، كانت منصات تابعة للإخوان تبث اتهاماتها المعتادة بأن القاهرة "تغلق المعبر" أو "تتواطأ مع الاحتلال".
ولم يكن هذا التضليل مجرد اجتهاد سياسي، بل جزء من استراتيجية نفسية تهدف إلى كسر الصورة الرمزية لمصر بوصفها الحاضن العربي الأول للقضية الفلسطينية، وإرباك الرأي العام الداخلي والخارجي معًا.
ولم تكتفِ مصر بإدارة تفاصيل الأزمة، بل أعادت صياغة معادلة الصراع الإقليمي، فنجحت في كسب دعم واشنطن لمسار التهدئة، حيث جرى التوافق على خطة هدنة شاملة وضعت مصر في موقع الشريك لا الوسيط، وأعادت تثبيت دورها كركيزة استقرار في الشرق الأوسط. ثم جاء الدور الأوروبي داعمًا للتحرك المصري، بعدما اعتبر زعماء الدول المشاركة أن القاهرة تمثل نقطة التوازن الوحيدة القادرة على التحدث إلى جميع الأطراف دون خطوط حمراء.
وبلغت هذه الجهود ذروتها في قمة شرم الشيخ للسلام يوم 13 أكتوبر 2025، التي شكّلت لحظة التحول من إدارة الحرب إلى هندسة التهدئة، والمؤكد أن قمة شرم الشيخ جاءت لتؤكد أن القاهرة تملك مفاتيح الاستقرار، فالاتفاق الذي تم توقيعه لم يكن مجرد ترتيبات ميدانية لوقف النار، بل خارطة طريق من ثلاث مراحل: تثبيت الهدنة، إطلاق مسار إعادة الإعمار، واستئناف المفاوضات حول الدولة الفلسطينية، وهي البنود التي تبنتها الأمم المتحدة في بياناتها اللاحقة.
وبذلك تحوّلت مصر من "وسيط إنساني" إلى "مهندس سياسي" للسلام الإقليمي، في لحظة أعادت فيها تعريف مفهوم "السلام العربي" باعتباره مبادرة ذات سيادة تنطلق من منطق المسؤولية لا من الضغوط الخارجية.
ولم تكن تلك الإنجازات الدبلوماسية بمعزل عن الواقع الداخلي؛ فالقاهرة أدارت كل ذلك وسط أزمة اقتصادية حادة وضغوط متصاعدة، لكنها تمسكت بخطاب متزن يُقدّم مصر كفاعل مسؤول لا كطرف في صراع، وحتى عندما واجهت هجمات إعلامية منظمة تقودها جماعة الإخوان الإرهابية لخدمة أطراف معادية لم تنزلق إلى سجال أو رد انفعالي، بل اكتفت بالوقائع على الأرض: آلاف الشاحنات عبرت من رفح، مئات الجرحى عُولجوا في المستشفيات المصرية، ووقفٌ فعليٌ لإطلاق النار لم يكن ليتحقق لولا تدخل القاهرة.
من هنا، تبدو المقارنة صارخة بين من يخوض معركة لحقن الدماء، ومن يتاجر بالدم الفلسطيني لاستعادة شرعية مفقودة. فبينما كانت الدولة المصرية تُدير معركة إنسانية ودبلوماسية بشفافية ومسؤولية، كانت جماعة الإخوان الإرهابية تواصل تحريضها وتزييفها، محاولةً تحويل مسار الحرب إلى منصة لإحياء خطابها القديم ضد الدولة الوطنية. لكن التاريخ - كما يؤكد هذا الملف - يُعيد نفسه دومًا: فكما فشلت الجماعة في كسر هيبة مصر عام 2013، فشلت أيضًا في تشويه صورتها عام 2025، لتبقى القاهرة – رغم كل الضغوط – قلب النار والعقل الذي يطفئها.
لماذا يصر الإخوان على تشويه مصر؟
منذ اللحظات الأولى لاشتعال حرب غزة بدت الإخوان الإرهابية في حالة استنفار دعائي موجه ضد مصر، وكأنها تخوض معركتها الخاصة لا دفاعًا عن الفلسطينيين، بل نكايةً في الدولة التي أسقطت مشروعها عام 2013، فبينما كانت القاهرة تفتح قنواتها الدبلوماسية والإغاثية لتطويق النيران، انشغلت المنصات الإخوانية بترويج روايات التشكيك في الموقف المصري، وتصويره كطرف متواطئ أو عاجز، مستثمرةً مشاعر الغضب الشعبي لتصفية حساب سياسي قديم.
لكن قراءة أعمق تكشف أن هذا السلوك ليس طارئًا، بل امتداد لمنظومة فكرية تأسست على خصومة بنيوية مع الدولة الوطنية الحديثة، وعلى رأسها الدولة المصرية التي شكّلت دائمًا نقطة ارتكاز النظام العربي، فمنذ حسن البنا وسيد قطب، ارتبط فكر الجماعة بمفهوم "الأمّة " العابرة للحدود، في مقابل الدولة "القُطرية" التي يرونها صناعة استعمارية يجب تجاوزها، لذا، لم يكن عداؤهم لمصر مجرد خلاف سياسي، بل نتاج رؤية تعتبر سيادة الدولة القومية عقبة أمام مشروعهم الأممي.
وحين تحولت مصر بعد 2013 إلى نموذج لمواجهة التنظيمات العابرة للحدود، تضاعفت الكراهية الأيديولوجية، وصار استهدافها أولوية استراتيجية، ومع كل أزمة إقليمية – من ليبيا إلى السودان وصولًا إلى غزة – كانت الجماعة تحاول تحميل القاهرة المسؤولية، في محاولة لتقويض صورتها الإقليمية واستعادة حضورها الإعلامي والسياسي من بوابة "القضية الفلسطينية".
في حرب غزة تحديدًا، تكرّست هذه النزعة بوضوح، فبينما كانت القاهرة تقود مساعي التهدئة وتستضيف وفود المفاوضات، لجأت المنصات الإخوانية في الخارج إلى شن حملة موازية عبر وسائل التواصل، بدأت ببداية الحرب ولم تنته بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في «قمة شرم الشيخ للسلام» التي رعتها مصر يوم 13 أكتوبر 2023 وأسفرت عن تثبيت وقف إطلاق النار، حيث روّجت تلك المنصات بأن القمة لم تُحقق شيئًا، وأن مصر تبحث عن مجد دبلوماسي مفقود.
ويكشف هذا الخطاب عن مفارقة لافتة: فالجماعة التي كانت تُصوّر نفسها يومًا كمدافع عن فلسطين، أصبحت تستثمر في استمرار الحرب، لأنها تدرك أن التهدئة تُعيد لمصر زمام المبادرة، ومن هنا يمكن فهم موجات التشكيك المتلاحقة التي أعقبت القمة، والتي حاولت توظيف خطاب "الخذلان" و"التطبيع" لزرع الشكوك حول الدور المصري.
سياسيًا، أدرك الإخوان أن حرب غزة مثلت فرصة أخيرة لإعادة تدوير خطابهم داخل الشارع العربي والإسلامي بعد عقد من التراجع، وأن نجاح القاهرة في فرض تهدئة سيقضي على أي إمكانية لعودتهم كفاعل مؤثر، لذا سعت الجماعة إلى كسر الثقة بين مصر والوجدان العربي، عبر اتهامها بالتقصير أو الانحياز، وهي تكتيكات تتكرر منذ سقوط حكمهم في 2013، لكنها بلغت ذروتها مع حرب غزة التي أعادت اختبار المصداقية بين الدولة والجماعة.
إن الحملة التي شُنّت عقب قمة شرم الشيخ لم تكن مجرد خلاف حول تقدير موقف سياسي، بل عملية ممنهجة لإفراغ الحدث من معناه الاستراتيجي. فبينما كانت مصر تؤكد أن «وقف إطلاق النار ليس نهاية الطريق بل بدايته»، كانت الأبواق الإخوانية تصف القمة بأنها «صفقة شكلية»؛ محاولةً طمس دلالة أن القاهرة استعادت موقعها كضامن رئيسي لأي تسوية شرق أوسطية.
في المحصلة، يتضح أن تشويه الإخوان لمصر خلال حرب غزة لم يكن رد فعل انفعاليًا، بل فعلًا محسوبًا يتغذى على سردية أيديولوجية ترى في الدولة المصرية خصمًا وجوديًا، وفي أي نجاح لها تهديدًا لهويتها السياسية، وهكذا، تلاقت الدوافع الفكرية مع الحسابات الانتقامية، لتُنتج حملة منظمة استهدفت ضرب الثقة بدور مصر في واحدة من أكثر لحظات الإقليم سخونة منذ سنوات.
إن الهجوم على قمة شرم الشيخ لم يكن سجالًا سياسيًا عابرًا، بل جزءًا من استراتيجية ممتدة لتشويه الدولة المصرية كلما اقتربت من تحقيق اختراق في ملفات الإقليم. فالمعادلة لدى الإخوان واضحة: كلما تعافت الدولة المصرية، تراجعت سرديتهم، وهكذا، تلاقت دوافع الانتقام مع بقايا العقيدة الأيديولوجية التي ترى في مصر خصمًا وجوديًا، لتُنتج حملة منظمة استهدفت تحييد تأثير القاهرة وإضعاف حضورها في واحدة من أكثر لحظات الشرق الأوسط حساسية منذ سنوات.
توظيف المأساة وإحياء المشروع عبر دماء الفلسطينيين
لم يكن الهجوم الإخواني على الموقف المصري في حرب غزة مجرد تعبير عن خصومة سياسية، بل محاولة مدروسة لاستثمار المأساة في استدعاء شرعية مفقودة، فالجماعة التي لفظها الواقع العربي منذ سقوطها في 2013، وجدت في الحرب فرصة نادرة لإعادة إنتاج ذاتها كقوة "ممانعة" تحت لافتة الدفاع عن فلسطين، في حين كانت في جوهر خطابها تبحث عن موطئ قدم داخل الوعي العربي، عبر تحويل الكارثة الإنسانية إلى منصة دعائية لمشروعها القديم.
اعتمدت الجماعة الإرهابية في هذا التوظيف على آلية مزدوجة: من جهة، تبنّت خطابًا عاطفيًا مفعمًا بالشعارات الدينية عن "الأمة" و"الواجب الإسلامي"، ومن جهة أخرى، عملت على اختراق المجال الرقمي بخطاب يصور الحكومات العربية – وعلى رأسها مصر – كجزء من "التحالف الصامت" مع الكيان المحتل، وبهذه الصيغة، حاولت الجماعة أن تُعيد تعريف نفسها كضميرٍ مفقودٍ للأمة، لا كتنظيم سياسي فشل في الحكم، لتستبدل عجزها الواقعي ببطولات رمزية في الفضاء الافتراضي.
لكنّ هذا الاستثمار الدعائي لم يكن بريئًا؛ فقد جاءت سرديات الجماعة متزامنة مع محاولات إعادة تفعيل شبكاتها الإعلامية والمالية في الخارج، حيث تحولت المنصات الإخوانية إلى غرف بثّ يومية تعيد تدوير الأكاذيب، وتضخ روايات تحريضية تستهدف تقويض الثقة بين الشعوب ودولها، فقط كان الهدف واضحًا: استعادة الزخم الجماهيري عبر "بوابة غزة"، بعدما عجزت الجماعة عن استعادته عبر أي ملف آخر.
وفي العمق، يكشف هذا السلوك عن تحوّل في فلسفة "التمكين" داخل بنية التنظيم؛ فبدلًا من السعي للسلطة من الداخل، اتجه الإخوان إلى استراتيجية “التمكين عبر الأزمات”، أي استغلال كل حدث مأساوي لتغذية خطاب المظلومية وإبراز أنفسهم كضحايا وحرّاس للقيم، وهو ما يفسر التحول الملحوظ في أدواتهم الإعلامية، من المنابر الدينية التقليدية إلى شبكات التواصل التي تُدار بخبرة نفسية تستهدف تضخيم مشاعر الغضب وإعادة توجيهها نحو الدولة المصرية تحديدًا.
لقد أدرك الإخوان أن الشارع العربي بات أكثر وعيًا، وأن خطابهم الأيديولوجي لم يعد مقنعًا كما كان، فاختاروا الاحتماء بالمأساة الفلسطينية كغطاء أخلاقي، متجاهلين أن هذا التوظيف الانتهازي لمآسي الشعوب هو ما أفقدهم مصداقيتهم في المقام الأول، ومع كل حملة تشويه ضد مصر، كانوا يخسرون المزيد من رصيدهم الأخلاقي أمام جيل جديد بات يرى في الجماعة "تاجرًا بالقضية" لا نصيرًا لها.
الانكشاف الأخير وسقوط القناع
لقد كشفت حرب غزة عن لحظة انكشاف نهائية في مسار جماعة الإخوان، إذ سقط القناع الذي حاولت الجماعة الحفاظ عليه طوال عقدٍ من العزلة، بعدما تبيّن أن خطابها لم يعد يستند إلى مشروع أو رؤية بقدر ما يقوم على تصفية حسابات سياسية مع خصومها، وعلى رأسهم الدولة المصرية، فخلال الحرب، بدا الإخوان في موقع من فقد قدرته على التمييز بين المبدأ والمصلحة؛ إذ تخلّوا عن منطق "المقاومة" لصالح منطق "الشماتة السياسية"، محاولين توظيف المأساة لإحياء سرديتهم القديمة عن "خذلان الأنظمة"، لكن الرأي العام العربي بدا هذه المرة أكثر وعيًا، وأكثر إدراكًا لحدود هذا الخطاب الذي استُهلك حتى التلاشي.
المؤكد أن فشل الجماعة في استثمار حرب غزة لا يعود فقط إلى ضعف أدواتها الإعلامية أو تراجع حضورها التنظيمي، بل إلى أزمة أعمق تتصل بغياب المرجعية الفكرية القادرة على مواكبة التحولات في الوعي الجمعي العربي، فالمجتمعات التي عاشت تجربة العقد الماضي لم تعد تقبل الشعارات العابرة للحدود، ولا ترى في الإسلام السياسي مشروعًا للتحرر، بل عبئًا على استقرار الدولة وقدرتها على الفعل.
وهنا تبرز المفارقة: بينما خرجت مصر من الأزمة وقد أكدت قدرتها على إدارة التعقيد الإقليمي بمنطق الدولة الراشدة، خرج الإخوان أكثر انكشافًا، مكشوفين أمام جمهورٍ لم يعد يصدق ادعاء المظلومية، ولا يراهم سوى كصوتٍ خارج السياق.