مكتبة الإسكندرية.. 23 عامًا من المعرفة والحضارة على شاطئ المتوسط

الإثنين، 20 أكتوبر 2025 01:32 م
مكتبة الإسكندرية.. 23 عامًا من المعرفة والحضارة على شاطئ المتوسط
مكتبة الإسكندرية

في كل شهر أكتوبر، تحتفل محافظة الإسكندرية بذكرى ميلاد واحد من أعظم رموزها الثقافية والحضارية الحديثة، وهي مكتبة الإسكندرية الجديدة، التي تُعد اليوم أكبر صرح ثقافي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأحد أبرز المعالم التي تجسد التقاء التاريخ العريق بالحاضر المتجدد.
 
فمنذ افتتاحها رسميًا في أكتوبر عام 2002، بحضور عدد من رؤساء وملوك العالم ووفود دولية رفيعة، أصبحت المكتبة مقصدًا سنويًا لأكثر من مليون ونصف زائر من داخل مصر وخارجها، وواجهة حضارية تعيد للأذهان مجد مكتبة الإسكندرية القديمة، التي كانت منارة للعلم في العصور البطلمية قبل احتراقها عام 84 قبل الميلاد.


من فكرة الإحياء إلى ميلاد الصرح
بدأت فكرة إحياء المكتبة القديمة في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حين تبنّت منظمة اليونسكو والحكومة المصرية مبادرة لإعادة بعث هذا الرمز العالمي للمعرفة، وفي عام 1988، أُطلقت مسابقة معمارية دولية لاختيار تصميم المكتبة الجديدة، شارك فيها أكثر من 500 مهندس ومعماري من مختلف دول العالم.
 
وفي النهاية، فاز مكتب "سنوهِتا" النرويجي بالمركز الأول، مقدّمًا تصميمًا فريدًا استلهم من الأفق والشمس الساطعة التي تغيب في مياه البحر المتوسط، في تجسيد رمزي يربط الماضي بالحاضر والمستقبل.
 
تولى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك دعم المشروع منذ بدايته، فأصدر قرارًا بإنشاء الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية لتتولى التنفيذ والإشراف، فيما ساهم الفنان العالمي عمر الشريف في الترويج للمشروع عالميًا خلال مؤتمر التمويل الذي عُقد في محافظة أسوان بمشاركة منظمة اليونسكو وعدد من القادة العرب والأجانب.
 
وفي عام 1992 بدأت الأبحاث الأثرية في موقع الشاطبي، على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، حيث يُعتقد أن المكتبة القديمة كانت قائمة، وأفضت أعمال الحفر إلى اكتشاف لوحات فنية من الموزاييك تعود للعالم القديم، ما زالت تُعرض اليوم في متحف الآثار بالمكتبة.
 
بعد ذلك، انطلقت أعمال الحفر والإنشاء في عام 1995، واستمرت نحو سبع سنوات كاملة حتى الافتتاح الرسمي عام 2002، لتتحول الرؤية إلى واقع ملموس يزين كورنيش الإسكندرية بإطلالته المهيبة.

روعة التصميم.. تحفة تجمع بين الرمز والمعمار
 
جاء تصميم مكتبة الإسكندرية الجديدة نتاج تعاون فني ومعماري دقيق، هدفه أن يعكس رمزية الشمس والمعرفة في الحضارة المصرية.
فقد أكد فريق التصميم النرويجي أن المبنى استوحى هيئته الدائرية من خريطة الإسكندرية القديمة ومن شكل الميناء الشرقي، بينما يرمز انحدار السطح الزجاجي الكبير إلى الشمس المشرقة على البحر، كصورة بصرية للمعرفة التي تضيء العالم.
 
واجه المصممون تحديات معقدة خلال التنفيذ، من أبرزها تصميم السطح المائل الذي يسمح بانعكاس ضوء الشمس إلى القاعات الداخلية من دون استخدام المصاعد، وهو ما تطلّب حلولًا هندسية مبتكرة.
 
أما قاعة الاطلاع الرئيسية، فتم تصميمها لتبدو كـ«شلال من الضوء» يربط بين المساحات الإدارية والمناطق العامة، مع أعمدة ضخمة مستوحاة من المعابد المصرية القديمة، وإضاءة داخلية دافئة توحي بالسكينة والتركيز.
 
أما الأثاث الخشبي فصُمم على الطراز النرويجي البسيط ليتناغم مع الحداثة المعمارية للمبنى.

جدارية المعرفة.. حروف من كل لغات الأرض
 
من أكثر عناصر المكتبة تفرّدًا هو جدارها الخارجي، الذي بُني من الجرانيت الرمادي الأسواني والممتد على مساحة نحو 6000 متر مربع، ويضم أكثر من 4200 رمز حرفي من 120 لغة، نُقشت يدويًا على ألواح بلغ وزنها الإجمالي حوالي 2400 طن.
 
هذه الجدارية المهيبة تجسد رسالة المكتبة العالمية القائمة على التواصل بين الحضارات، إذ تمثل كل لغة وحرف جزءًا من التراث الإنساني المشترك الذي تحفظه المكتبة.

الساحة الخارجية.. بين البحر والنخيل
 
حرص المصممون على أن تكون الساحة الخارجية أو "البلازا" فضاءً مفتوحًا يعكس روح الترحيب والانفتاح، فتم تبليطها بأحجار ملونة تضاهي تلك المستخدمة في الجدار الرئيسي، وزُرعت فيها أشجار الزيتون والنخيل كرمز للسلام والجذور المتوسطية لمصر والإسكندرية.
هذه الساحة أصبحت اليوم من أبرز أماكن التنزه الثقافي في المدينة، حيث تحتضن الفعاليات الفنية والمعارض المفتوحة، وتشكّل مساحة تفاعل بين المواطنين والزائرين.

منارة علمية وثقافية عالمية
 
تضم مكتبة الإسكندرية اليوم أكثر من مليوني كتاب بلغات متعددة، إلى جانب 12 مركزًا بحثيًا متخصصًا، من بينها:
مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط، مركز المخطوطات، مركز دراسات الخطوط، المعهد الدولي للدراسات المعلوماتية، مركز الدراسات القبطية، مركز دراسات الحضارة الإسلامية، ومركز الدراسات الاستراتيجية، بالإضافة إلى برنامج دراسات التنمية المستدامة وبرنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعي.
 
كما تحتوي المكتبة على 17 معرضًا دائمًا تغطي مجالات الفن والتاريخ والعلوم، أبرزها: الإسكندرية عبر العصور، عالم شادي عبد السلام، الخط العربي، تاريخ الطباعة بمطبعة بولاق، الآلات الفلكية عند العرب، ومتحف الفنان محمد شاكر.
 
وتُعرض فيها أيضًا مختارات من أعمال كبار الفنانين المصريين مثل آدم حنين وأحمد عبد الوهاب وحسن سليمان، إلى جانب معرض "محمد حسنين هيكل.. رحلة حياة" الذي يوثق مسيرة عميد الصحافة العربية.
 
وتضم المكتبة كذلك 3 متاحف كبرى هي: متحف الآثار، متحف المخطوطات، ومتحف الرئيس الراحل أنور السادات، فضلًا عن متاحف حديثة صغيرة مثل متحف حسنين هيكل، إضافة إلى 6 مكتبات متخصصة أبرزها مكتبة الخرائط، مكتبة النشء، ومكتبة المكفوفين.

المكتبة الرقمية.. المعرفة في متناول الجميع
 
تواكب مكتبة الإسكندرية التطور الرقمي العالمي عبر مشروعها الطموح لـالرقمنة الشاملة للمحتوى، فبالنسبة للكتب الخاضعة لحقوق النشر، يستطيع المستخدمون تصفح نحو 5% من محتواها عبر الإنترنت، بينما يُتاح الاطلاع الكامل عليها داخل المكتبة، كما تُتيح المنصة الرقمية البحث في آلاف العناوين حسب الموضوع أو المؤلف أو اللغة، ما يجعلها واحدة من أكبر قواعد البيانات الثقافية في الشرق الأوسط.

رمز يتجدد مع الزمن
 
بعد مرور 23 عامًا على افتتاحها، ما زالت مكتبة الإسكندرية تمثل رمزًا مصريًا وعالميًا للمعرفة والإنسانية، يجمع بين تراث الماضي وتطلعات المستقبل.
فهي ليست مجرد مكتبة بمعناها التقليدي، بل مدينة فكرية كاملة تحتضن العلماء والباحثين والفنانين، وتُجسّد رؤية مصر لدورها التاريخي كجسر بين الحضارات.
 
وكل عام، حين تحل ذكرى افتتاحها، تتجدد الرسالة: أن الإسكندرية – مثل مكتبتها – لا تحترق أبدًا، بل تولد من جديد، تحمل شعلة العلم والنور على شاطئ المتوسط.
 
 
 الاضاءة الطبييعة من السطح 8الاضاءة الطبييعة من السطح 

 

أثناء انشاء المبنى الرئيسى أثناء انشاء المبنى الرئيسى

 

أثناء وضع الاساسات أثناء وضع الاساسات

 

اكبر صرح ثقافى7اكبر صرح ثقافى7

 

الاضاءة بمكتبة الاسكندرية الاضاءة بمكتبة الاسكندرية

 

الاعمال الانشائية الاعمال الانشائية

 

التصميم المبدئىالتصميم المبدئى

 

الرسوم الاولى للمبنى الرسوم الاولى للمبنى

 

الرسوم الاولى للمكتبة_1الرسوم الاولى للمكتبة_1

 

المبنى الحالى للمكتبةالمبنى الحالى للمكتبة

 

المكتبة من الخارجالمكتبة من الخارج

 

المكتبة من الداخل meالمكتبة من الداخل 

 

الممتبة الجديدة eالممتبة الجديدة 

 

انشاء مكتبة الاسكندرية 5انشاء مكتبة الاسكندرية 

 

فريق التصميم المعمارى فريق التصميم المعمارى

 

فريق التصميم خلال زيارتة للمكتبه بعد 20عاما فريق التصميم خلال زيارتة للمكتبه بعد 20عاما

 

قاعات المكتبة eقاعات المكتبة

 

قاعة الاطلاع على شكل شلال والاعمة فرعونيهقاعة الاطلاع على شكل شلال والاعمة فرعونيه

 

لقطات نادرة لانشاء القبة السماوية8لقطات نادرة لانشاء القبة السماوية

 

مبنى المكتبة eمبنى المكتبة 

 

مبنى المكتبة meمبنى المكتبة 

 

مبنى مكتبة الاسكندرية مبنى مكتبة الاسكندرية

 

متحف الاثار eمتحف الاثار

 

متحف المخطوططات eمتحف المخطوطات 

 

مخطوطات نادرة eمخطوطات نادرة 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق