العالم يتجه إلى القاهرة.. الصحافة العالمية: المتحف المصري الكبير مشروع يعيد رسم القوة الناعمة المصرية دوليا
الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025 02:19 م
المتحف المصري الكبير
طلال رسلان
في الأول من نوفمبر تتحول عيون العالم إلى بوابة أهرامات الجيزة، حيث تستعد مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير، المشروع الذي وُصف في الإعلام الدولي بأنه أضخم إنجاز ثقافي في القرن الحادي والعشرين وأكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة. الحدث لا يُعامل عالميًا كمجرد افتتاح متحف جديد، بل كمحطة تاريخية تعيد رسم صورة مصر الثقافية على خريطة العالم، وتضع الهوية المصرية أمام الملايين في أضخم عرض أثري وتكنولوجي شهدته المتاحف الحديثة.
التقارير الأجنبية وصفت المتحف بأنه تتويج مشروع استمر لأكثر من عشرين عامًا ليصبح وجهة لا بد من زيارتها، ومركزًا ثقافيًا وسياحيًا سيغيّر اتجاهات الحركة السياحية نحو القاهرة والجيزة لسنوات طويلة. صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أكدت أن المتحف يمتلك كل مقومات الوجهة العالمية، من الدقة الهندسية إلى التجربة التقنية التي تقدم التاريخ بصيغة بصرية تفاعلية، وصولًا إلى المعمار المهيب المواجه مباشرة للأهرامات. أما مجلة “ناشيونال جيوغرافيك” الأمريكية فنشرت دليلًا كاملاً لزوّار المتحف قبل الافتتاح، معتبرة أنه سيمنح العالم تجربة غير مسبوقة، خصوصًا مع توحيد مقتنيات الملك توت عنخ آمون داخل قاعات العرض لأول مرة في التاريخ.
اللافت في تغطية الصحافة الأوروبية هو وصف الحدث بأنه افتتاح سياسي وثقافي في آن واحد، حيث أشارت وكالات أنباء إيطالية إلى أن القاهرة أنهت ترتيبات استقبال وفود دولية رفيعة المستوى تضم رؤساء دول وحكومات وملوكًا من أوروبا وآسيا وإفريقيا، ما جعل العاصمة المصرية في واجهة الأجندة الثقافية العالمية لأول مرة بهذا الحجم منذ عقود. وسائل إعلام إسبانية وصفت المتحف بأنه “منارة الفن الفرعوني”، مؤكدة أن المشروع ليس مجرد قاعة للعرض بل مركزًا متكاملاً يعيد تشكيل ذاكرة الحضارة المصرية بأكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بينها نحو 25 ألف قطعة لم تُعرض من قبل.
الصحافة الأمريكية اهتمت بالتفاصيل العلمية والتقنية، حيث ركزت “نيوزويك” على صور الأقمار الصناعية التي أظهرت اللمسات الأخيرة قبل الافتتاح، بينما سلطت منصات ثقافية الضوء على التكنولوجيا المستخدمة لحفظ الآثار، وخزائن العرض الذكية، وشاشات التفسير المتقدمة، وتجربة المشاهدة التي تعتمد على السرد القصصي لا مجرد التوثيق، بما يجعل الزائر يعيش حكاية مصر منذ الدولة القديمة وحتى العصر اليوناني الروماني.
المتحف المصري الكبير وُصف أيضًا بأنه مشروع يعيد رسم القوة الناعمة المصرية عالميًا، خصوصًا مع قرب تحرير ساحات العرض المحيطة بالأهرامات وفتح منطقة أثرية سياحية موحدة، في إطار توجه لإنعاش السياحة الثقافية قبل الموسم الشتوي، وسط توقعات بطفرة كبيرة في معدلات الزوار ومتوسط الإقامة السياحية.
ومع اقتراب الافتتاح، انتشرت أيضًا حملات بصرية محلية اعتمدت على الذكاء الاصطناعي لدمج رموز تاريخية من الماضي مع رموز الفن والأدب والرياضة في العصر الحديث. صور تخيلية جمعت أم كلثوم، عادل إمام، نجيب محفوظ، محمود الخطيب ومحمد صلاح مع رموز الحضارة المصرية القديمة، في رسالة تحمل معنى واحدًا: “مصر وجه واحد عبر الزمن”.
ومع هذه التغطية الواسعة، بدا واضحًا أن المتحف المصري الكبير لم يعد مشروعًا مصريًا فقط، بل حدثًا عالميًا يتعامل معه العالم على أنه إضافة ثقافية للبشرية كلها. فبينما تتأهب القاهرة لاستقبال الوفود الرسمية، تتأهب الصحف ووكالات الأنباء والبرامج الوثائقية لإطلاق تغطية غير مسبوقة، وسط اعتراف دولي بات واضحًا: مصر تعود إلى موقعها التاريخي، ليس فقط كأرضٍ للآثار، بل كصاحبة أكبر مشروع ثقافي يشهده العالم منذ عقود.
هكذا يتحول الافتتاح المنتظر إلى رسالة عابرة للحدود: مصر لا تروي تاريخها فقط، بل تضعه في واجهة العالم، من قلب الجيزة وعلى خط بصر الأهرامات، في متحف يُقال عنه اليوم إنه ليس مجرد صرح أثري.. بل بداية فصل جديد في الحضارة المصرية.