سقوط "الفاشر السودانية" وأمن وادي النيل القومي

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025 07:02 م
سقوط "الفاشر السودانية" وأمن وادي النيل القومي

التطورات الأخيرة في السودان بعد سيطرة ميليشيا "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور تعد تحولا خطيرا في مسار الأزمة السودانية.
 
التحولات الأخيرة لا تهدد فقط وحدة السودان الشقيق واستقراره الداخلي، بل تمتد تداعيات سقوط المدينة إلى الأمن القومي المصري والمنطقة بأكملها.
 
مدينة "الفاشر" من أقدم المدن السودانية ويبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة من إجمالي 9.5 ملايين نسمة يقطنون الإقليم. 
 
وتعد مدينة الفاشر مركزا إداريا واقتصاديا مهما تضم عدة مستشفيات رئيسية وهرب إليها عشرات الآلاف من النازحين بعدما فروا من مناطق الصراع بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع. 
 
تقع مدينة الفاشر غرب السودان وتعد حلقة وصل استراتيجية بين السودان وتشاد وليبيا وترتبط تاريخيا بمصر عبر طريق درب الأربعين التجاري.
 
درب الأربعين هو بمثابة شريان حيوي للتجارة بين مصر والسودان والسيطرة عليه من قبل ميليشيا "الجنجويد" يمثل بعد استراتيجي مهم وبالغ الحساسية بالنسبة للقاهرة.
 
 استمرار غياب الدولة وتنامي نفوذ الميليشيات بالسودان يفتح الباب أمام فوضى عابرة للحدود يتطلب تحركا إقليميا عاجلا للحفاظ على سودان موحد ومستقر حماية لأمنه وأمن جيرانه.
 
سقوط الفاشر السودانية ليس مجرد معركة في صراع داخلي سوداني لكنه إنذار استراتيجي لمصر والمنطقة، فالقاهرة ترى أن استقرار السودان لا يمكن أن يتحقق عبر الميليشيات المسلحة، بل من خلال مؤسسات الدولة الشرعية، وعلى رأسها الجيش السوداني.
 
 تمدد ميليشيا "الجنجويد" على حساب الجيش السوداني يعد تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، لما قد يترتب عليه من تفكك السودان إلى كيانات متصارعة وانتشار للفوضى والإرهاب وتهريب الأسلحة، فضلا عن تسلل عناصر مسلحة عبر الحدود وازدياد تدفقات اللاجئين.
 
 أعدمت ميليشيا "حميدتى" أكثر من ألفي مدني أعزل خلال يومين فقط معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن فى مدينة الفاشر التى يضربها الجوع وانتشار الأمراض فى ظل نقص حاد فى الأدوية.
 
 الأمم المتحدة ومكتبها لحقوق الإنسان تلقي تقارير عن إعدامات ميدانية وجرائم ذات دوافع قبلية ما يعيد إلى الأذهان أكثر فصول الحرب الأهلية دموية في دارفور.
 
 الجيش السوداني أكد عزمه على محاسبة المسؤولين عن جرائم "الفاشر" المروعة"  أما الأمم المتحدة ومفوضية الاتحاد الإفريقي فطالبتا بوقف فوري لإطلاق النار ورفع الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة منذ أكثر من عامين.
 
 الجامعة العربية أدانت بشدة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، وطالبت بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي  الذي نص على رفع الحصار عن الفاشر والسماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة وشددت على ضرورة تقديم مرتكبي الجرائم للمحاسبة، وضمان حماية المدنيين الذين يعيشون أوضاعًا إنسانية متدهورة.
 
 رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وصف ما جرى في الفاشر بأنه "تدمير ممنهج وقتل متعمد للمدنيين".
 
 القاهرة تتابع الموقف بحذر بالغ مدركة أن تفكك السودان وتحول ميليشياته إلى قوى أمر واقع سيشكل خطرا مباشرا على حدودها الجنوبية، ومصدرا محتملا لتوترات إقليمية تهدد الأمن في وادي النيل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق