مثقفون عرب يحتفون عبر «صوت الأمة» بالمتحف المصري الكبير: القاهرة تقود نهضة ثقافية عربية جديدة

السبت، 08 نوفمبر 2025 10:30 م
مثقفون عرب يحتفون عبر «صوت الأمة» بالمتحف المصري الكبير: القاهرة تقود نهضة ثقافية عربية جديدة
محمد فزاع

وزيرة الثقافة الأردنية السابقة: منصة حضارية تجمع بين التعليم والابتكار والفنون والتراث

مدير التراث الفلسطيني: إنجاز فريد لا مثيل له.. ومدير مركز التراث العلمي العربي بجامعة بغداد: المتحف هبة مصر للعالم

 

تواصل مصر تأكيد مكانتها كقلب الثقافة العربية النابض، وكمحور حضاري يستلهم منه الأشقاء العرب روح الإبداع والإنجاز، مع الحدث الاستثنائي بافتتاح المتحف المصري الكبير، الذي أصبح رمزًا عالميًا يجمع بين عبقرية الماضي وابتكارات الحاضر، وعبّر عدد من المسؤولين والمثقفين العرب عن فخرهم بهذا الصرح المصري العملاق، معتبرين أنه لا يمثل إنجازًا وطنيًا فحسب، بل هو إنجاز عربي وإنساني يبعث برسالة أمل وتنوير إلى العالم.

وأعربت الدكتورة هيفاء النجار، وزيرة الثقافة الأردنية السابقة، عن اعتزازها بالدور الريادي الذي تضطلع به مصر في قيادة المشهد الثقافي والإبداعي العربي، مؤكدة أن الأردن ينظر إلى مصر باعتبارها نموذجًا حضاريًا ملهِمًا وشريكًا استراتيجيًا في صياغة مستقبل ثقافي يقوم على الإبداع والانفتاح.

وأوضحت هيفاء النجار لـ«صوت الأمة» أن المتحف المصري الكبير يمثل تجسيدًا عمليًا لرؤية مصر في الجمع بين التراث العريق والتكنولوجيا الحديثة، مشيرة إلى أن هذا المشروع العملاق ليس مجرد متحف يعرض القطع الأثرية، بل منصة حضارية تجمع بين التعليم والابتكار والفنون والتراث في آنٍ واحد، مؤكدة أن ما تقوم به مصر اليوم من مشاريع ثقافية كبرى، وفي مقدمتها المتحف المصري الكبير، يعكس إيمانها العميق بأن الثقافة هي رافعة التنمية ووسيلة لتعزيز الاقتصاد الوطني، فالصناعات الثقافية والإبداعية، كما تقول، أصبحت من أبرز أدوات بناء المجتمعات الحديثة ورفع الدخل القومي، مشددة على ضرورة تطوير تعاون عربي موسّع في هذا المجال بين مصر والأردن وبقية الدول العربية.

وترى وزيرة الثقافة الأردنية السابقة، أن العلاقات الثقافية بين البلدين تتجاوز الطابع الرسمي لتصل إلى عمق شعبي وإنساني ضارب في التاريخ، مؤكدة أن مصر بالنسبة للأردن كانت ولا تزال “الشقيقة الكبرى” التي تلهم العالم العربي في مجالات الفكر والفن والتعليم.

 

إبراهيم علوان: المتحف رسالة حضارية من مصر إلى العالم

أما من فلسطين، فقد عبّر إبراهيم علوان، مدير التراث بوزارة الثقافة الفلسطينية، لـ«صوت الأمة» عن سعادته البالغة بافتتاح المتحف المصري الكبير، مقدمًا التهنئة إلى الشعب المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي والقيادة المصرية على هذا الإنجاز الاستثنائي، وأوضح علوان أنه زار المتحف خلال مراحل إنشائه، واطلع عن قرب على تفاصيل المشروع الذي وصفه بأنه إنجاز فريد لا مثيل له في كثير من الدول الأوروبية والآسيوية، سواء من حيث العمق التاريخي أو الرؤية المعمارية والثقافية المتكاملة.

وأشار علوان إلى أن المتحف المصري الكبير يُعد رسالة حضارية من مصر إلى العالم، تؤكد قدرة الإنسان العربي على الإبداع والابتكار الحديث بروح تنبع من التاريخ، كما شدّد على أهمية ما يمكن أن يتيحه المتحف من فرص للتعاون الثقافي بين مصر وفلسطين، خصوصًا في مجالات حفظ التراث، والتوثيق الرقمي، والترميم، وهي مجالات تشهد اهتمامًا متزايدًا في كلا البلدين.

ويرى علوان أن مصر "أم الدنيا" ستظل منارة لكل العاملين في الشأن الثقافي والتراثي في العالم العربي، مشيرًا إلى أن هناك حراكًا ثقافيًا دائمًا بين مصر وفلسطين يعزز التواصل الإنساني بين الشعبين، مضيفا أن فلسطين بدورها "أم الديانات والتراث والثقافة"، ما يجعل التعاون المصري الفلسطيني في حماية التراث مهمة حضارية مشتركة تخدم الذاكرة الإنسانية بأسرها.

 

ليث حسين: المتحف المصري الكبير.. هبة مصر للعالم

ومن العراق، عبّر الدكتور ليث حسين، مدير مركز التراث العلمي العربي بجامعة بغداد، عن إعجابه العميق بالمتحف المصري الكبير، واصفًا إياه بأنه "هبة مصر للعالم"، وتحفة معمارية فريدة تجسد عظمة الحضارة المصرية وتاريخها الممتد عبر آلاف السنين، وأشار إلى أن أبناء بلاد الرافدين ينظرون إلى هذا المشروع باعتزاز كبير، معتبرين أن مصر بهذا الإنجاز قدّمت للعالم تحفة حضارية تمزج بين الأصالة والمعاصرة، وتُظهر للعالم الوجه الحقيقي لمصر الحديثة التي تستلهم ماضيها لتصنع مستقبلها.

وأكد ليث حسين لـ"صوت الأمة" أن المتحف المصري الكبير يعكس صورة مشرقة للدولة المصرية المستقرة والقادرة على تحويل الحلم إلى حقيقة بفضل رؤية القيادة السياسية واستثمارها الذكي في قطاعي الثقافة والسياحة، مضيفا أن مصر تمتلك خبرة رائدة في مجالات الصيانة والترميم والحفاظ على الآثار، ما جعلها نموذجًا يُحتذى به في إدارة التراث الثقافي، ويرى حسين أن المتحف لا يقتصر أثره على مصر وحدها، بل سيكون له دور في دعم السياحة العالمية إلى المنطقة بأكملها، إذ يُتوقع أن يصبح من أبرز المقاصد الثقافية على مستوى العالم، متفوقًا في بريقه على كبريات المتاحف مثل اللوفر والمتحف البريطاني.

كما أشار إلى أن الحضارتين المصرية والعراقية كانتا محورين متلازمين أثّرا في مسيرة الإنسانية منذ أقدم العصور، وأن ما يجمع البلدين من إرث حضاري عظيم يجعل كلاً منهما فخورًا بإنجازات الآخر، فكما يحتفي العراقيون بإنجازات مصر، فإن المصريين بدورهم يعتزون بتاريخ العراق العريق الذي يشكل مع وادي النيل مهد الحضارة الإنسانية الأولى.

 

مصر.. منارة الإبداع العربي ومركز الإشعاع الثقافي

يؤكد هذا الاحتفاء العربي الواسع بالمتحف المصري الكبير أن مصر لا تزال تمثل البوصلة الثقافية للعالم العربي، فهي التي أطلقت الشرارة الأولى للحركة الثقافية والفنية والتعليمية الحديثة في المنطقة، وهي التي ما زالت تحمل على عاتقها مسؤولية صون التراث العربي ونقله إلى الأجيال المقبلة.

فالمتحف المصري الكبير، بما يحتويه من كنوز فرعونية وتقنيات عرض حديثة، لا يُعد مجرد مبنى أثري، بل هو مشروع وطني قومي ورسالة حضارية للعالم، يعيد إلى الأذهان قدرة المصريين على الإبداع والإسهام في الحضارة الإنسانية.

وفي ضوء ذلك، يتفق المسؤولون العرب على أن الثقافة لم تعد ترفًا أو مجالًا هامشيًا، بل أصبحت عنصرًا محوريًا في التنمية المستدامة، وأداة فعالة لتعزيز الحوار والتفاهم وبناء جسور التواصل بين الشعوب، ولعل ما يميز التجربة المصرية هو أنها نجحت في تحويل تراثها التاريخي إلى مصدر إلهام وقوة ناعمة مؤثرة، جعلت من القاهرة مركز إشعاع دائم للفكر والإبداع والفن العربي.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق