مجلس الوحدة الاقتصادية العربية إلى أين؟.. اجتماع 4 ديسمبر يحدد المستقبل
الأحد، 23 نوفمبر 2025 03:25 م
مجلس الوحدة الاقتصادية العربية
تحليل يكتبه: يوسف أيوب
في الثالث من يونيو 1957 تم إقرار اتفاقية الوحدة الاقتصادية بين الدول العربية من قبل المجلس الاقتصادى للجامعة العربية، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ بتاريخ 30 إبريل 1964، ومن وقتها بدأ عمل مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، الذى كان يضم فى عضويته 17 دولة عربية، لكن بمرور الوقت بدأ هذا العدد يتناقص إلى أن وصل إلى 6 دول عربية فقط، بعد إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى فى إطار المجلس الاقتصادى والاجتماعى بجامعة الدول العربية، وبذلك فقد مجلس الوحدة الاقتصادية المهام الأساسية له، وأصبح هناك ازدواجية بينه والمجلس الاقتصادى والاجتماعى، وهو ما دفع الكثيرون للمطالبة بمراجعة اتفاقية مجلس الوحدة الاقتصادية العربية والنظر فى وضعية المجلس نفسه، والبحث عن مهام جديدة له فى إطار منظومة العمل العربى المشترك وتفعيل مسماه وآليات عمله حتى تعود إليه عضوية بقية الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية.
وبعدها عادت دول أخرى إلى المجلس، الذى أصبح اليوم يضم في عضويته 10 دول، وهم، مصر، السودان، الأردن، فلسطين، اليمن، موريتانيا، الصومال، جزر القمر، ليبيا، وسوريا. لكن على الأرض فإن هذه الدول ليست كلها فاعلة في إطار المجلس، وبعضها يفكر في الخروج، وهناك دولاً لم تسدد نسب المساهمة حتى الآن.
وبالنظر إلى قرار تأسيسه، يعد مجلس الوحدة الاقتصادية العربية مظلة اقتصادية مهمة، فكان يعمل منذ إنشائه في الستينات على تطوير التعاون الاقتصادي العربي والإطار المؤسسي للعمل الاقتصادي العربي المشترك وصولا إلى التكامل الاقتصادي والوحدة الاقتصادية، وقام بتأسيس عدة كيانات منها اتحاد المدفوعات العربي الذي حل محله فيما بعد صندوق النقد العربي لتمويل وإقراض المشروعات الاقتصادية، بالإضافة إلى إنشاء الشركات العربية المشتركة والاتحادات العربية المتخصصة والأكاديميات النوعية واللجان الاستشارية المتخصصة، وعلى الرغم من توافر كل المقومات الأساسية لإقامة تكامل اقتصادي عربي إلا أن هذه التجربة لازالت تسير بخطوات بطيئة بل تسير بسرعة السلحفاة.
واليوم، يمر المجلس بحالة من الرتابة الشديدة، أو ما يمكن وصفها بالبيروقراطية الشديدة، فرغم أن العالم يمر بمنعطفات اقتصادية، تتطلب أن يكون للدول العربية موقفاً واضحاً تجاهها، نرى المجلس منكمش على ذاته، ولا يعبر الا عن لقاءات لا طائل منها للأمين العام، ورغم أن العالم كله يتحدث عن الاقتصاد، وأنه المحرك الأكبر لسياسات الدول، الا إن القائمين على مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، لازالوا يعيشون في الماضى، وهو جعل البعض يطالب أما بالغائه وتوفير ما ينفق عليه من أموال، أو العمل على أعادة أحيائه من جديد بضخ دماء شابة في شرايينه، ولتكن الفرصة متاحة اليوم، من خلال اختيار قيادة جديدة للأمانة العامة للمجلس، قادرة على التفاعل مع التحديات الاقتصادية العالمية، وبلورة موقف عربى موحد، يستطيع قراءة الوضع بشكل واقعى، وتحقيق أكبر استفادة للدول العربية.
الرأي الأخير مرتبط اساساً بما يدور حالياً في الكواليس، بشأن إنتهاء دورة الأمين العام الحالي "السفير محمدي أحمد الني" في يونيو المقبل، وهى فرصة تراها بعض الدول التي لا تزال عضوا في المجلس مناسبة للوقوف على أرض صلبة لأحداث التغيير المطلوب في المجلس، وإلا فلا حاجة إليه.
لكن من الواضح أن هذا الرأي يواجه بمقاومة شديدة، خاصة من موظفي الأمانة العامة، المستفيدين من استمرار الوضع على ما هو عليه، وأكبر دليل على ذلك، ما يحدث في مسألة تجديد الثقة في الأمين العام الحالي، الذى تنتهى ولايته الأولى في يونيو المقبل، ووفقاً للأعراف داخل الجامعة العربية والمجلس أيضاً، كان من المفترض أن تقوم الأمانة العامة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، بإبلاغ مندوبيات الدول بشغور المنصب، ليكون بوسع هذه المندوبيات تقديم مرشحين جدد، أو تجديد الثقة في الأمين العام الحالي، لكن هذا لم يحدث، وما حدث أن الأمانة العامة حددت جلسة المجلس الوزاري الـ120 في الرابع من ديسمبر المقبل لتمرير قرار بتجديد الثقة في الأمين العام الحالي لدورة جديدة مدتها خمس سنوات.
وبعيداً عن التجديد أو عدم التجديد للأمين العام الحالي، فهو وضع تقره الدول الأعضاء في المجلس، لكن أن تكون هناك ممانعة او مقاومة لفكرة التغيير فهذا أمر يحتاج إلى وقفة، خاصة من جانب مصر، الممثلة في المجلس من خلال وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، فالقصة لا علاقة لها بشخص الأمين العام أو غيره، لكنها مرتبطة بسؤال. هل هناك نية لإحياء دور المجلس أم ماذا. ولماذا يترك مصير مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في يد موظفين داخل الأمانة العامة ليحركوا الوضع كيفماء شاءوا.
هذا السؤال يظل مطروحاً إلى حين معرفة ما ستسفر عنه جلسة الرابع من ديسمبر، خاصة مع وجود تهامس أن بعض الدول تهدد بتجميد نشاطها في المجلس، اذا لم تكن هناك فرصة للتغيير.
أمر أخر يتردد في الأروقة أيضاً، أن الارتكان إلى فكرة أن التجديد للأمين العام الجالى أمر مفروغ منه، كونه "وفقاً للنظم المعمول بها في المجلس"، هي فكرة مردود عليها بالسوابق التاريخية، فقد تعاقب على الأمانة العامة للمجلس منذ 1965 وحتى اليوم، 9 أمناء، منهم من شغل المنصب لدورة واحدة، وهم الدكتور عبد العال الصكبان، من 1973 حتى 1978، وتلاه الدكتور فخرى ياسين لدورة واحدة انتهت في 1983، ثم مهدى محسن العبيدى، الذى انتهت دورته في 1988، ثم الدكتور هانى الخصاونة الذى تولى الأمانة العامة لشهرين فقط في عام 1988.
هذا بعض مما يحدث في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، وفى انتظار ما سيحدث في جلسة الرابع من ديسمبر.