الأسود تتحدث بلغة جديدة والذكاء الاصطناعى يفكّ الشفرة لأول مرة
الإثنين، 24 نوفمبر 2025 08:02 م
في تقدم علمي مهم قد يغير طريقة مراقبة الحياة البرية في أفريقيا، أعلن فريق من الباحثين في جامعة إكستر اكتشاف نوع جديد كليًا من زئير الأسود الأفريقية، مما يشير إلى أن تواصل هذه الحيوانات الضخمة أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد على مدى عقود.
وقد وثقت الدراسة، التي نُشرت في مجلة علم البيئة والتطور، ما أطلق عليه العلماء اسم "الزئير الوسيط"، وهو صوت مختلف عن الزئير المعروف ذي الحنجرة العالية الذي يميز الأسود عادةً، ويعد هذا أول توثيق علمي ينجح في التمييز بين النمطين باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يفتح الباب أمام ثورة حقيقية في طرق رصد الحيوانات البرية.
الذكاء الاصطناعي يكشف بصمة صوتية جديدة للأسود
ومن جانبه أكد جوناثان جروكوت، عالم الأحياء بجامعة إكستر والمتخصص في استخدام التكنولوجيا لحماية الحيوانات آكلة اللحوم الكبيرة، أن هذا الاكتشاف يغير فهم العلماء لصوت الأسد، لافتاً :"زئير الأسد ليس مجرد رمز للقوة؛ إنه توقيعات صوتية فريدة يمكن استخدامها لتقدير أحجام السكان ومراقبة الحيوانات الفردية بدقة أكبر."
وأوضح "جروكوت"، أن الاعتماد التقليدي على تقدير الخبراء لسماع وتمييز الزئير كان يفتح الباب أمام تحيز بشري، لكن أنظمة الذكاء الاصطناعي الجديدة استطاعت لأول مرة فرز وتحليل الآلاف من التسجيلات بدقة عالية، ما سمح بتحديد "الزئير الوسيط" إلى جانب الزئير العالي الشهير.
يُصنَّف الأسد الأفريقي في قائمة الأنواع "المعرّضة للانقراض" بحسب الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، وتشير التقديرات الحديثة إلى أن أعداد الأسود البرية في أفريقيا تتراوح بين 20,000 و25,000 فقط، بعدما انخفض عددها إلى النصف خلال الـ25 عامًا الماضية نتيجة فقدان الموائل والصيد غير القانوني والنزاعات مع البشر.
ويؤكد جروكوت:"إن مراقبة الأسود بشكل دقيق أمر بالغ الأهمية لخبراء الحفاظ على الحياة البرية الذين يعملون على حماية ما تبقى من هذه الأنواع المهددة."
نقض النظريات القديمة عن زئير الأسود
لطالما افترض العلماء أن الأسود تنتج نمطًا واحدًا من الزئير، لكن الدراسة الجديدة تُسقط هذا الاعتقاد وتثبت أن للأسود نظامًا صوتيًا أكثر تنوعًا، فوجود زئيرين - عالٍ ووسيط - يشير إلى أن التواصل الصوتي لدى هذه القطط الضخمة قد يكون جزءًا من منظومة اجتماعية وسلوكية معقدة.
ويتماشى هذا الاكتشاف مع نتائج مشابهة لدى حيوانات كبيرة أخرى مثل الضبع المرقط، مما يعزز مفهوم أن الحيوانات آكلة اللحوم تمتلك طيفًا صوتيًا متنوعًا لم يُستكشف بالكامل بعد.
تقنيات جديدة تُحدث ثورة في مراقبة الحياة البرية
كما يرى الباحثون أن استخدام الذكاء الاصطناعي لتصنيف أصوات الأسود سيحدث نقلة نوعية في طرق تقدير أعداد الحيوانات مقارنة بالأساليب التقليدية مثل مصائد الكاميرات أو تعقب الآثار، والتي غالبًا ما تكون مكلفة وغير دقيقة.
ويوضح جروكوت أن تقنيات الصوت السلبي ،أي وضع مسجلات تستمع طوال اليوم للحياة البرية قد تصبح الأساس المستقبلي لأنظمة رصد الحيوانات المهددة، وقد توصلت الدراسة، إلى عدة حقائق علمية أهمها أن زئير الأسد ليس مجرد صوت واحد بل لغة صوتية متعددة الطبقات.