بعد فيلم الـ«CNN» عن «بوتين».. الغموض سمة العلاقات الأمريكية الروسية (تقرير)

الأربعاء، 15 مارس 2017 03:16 م
بعد فيلم الـ«CNN» عن «بوتين».. الغموض سمة العلاقات الأمريكية الروسية (تقرير)
بوتين وترامب
كتبت- شيريهان المنيري

يتساءل الكثيرون عن إحتمالية أن تشهد العلاقات الروسية الأمريكية بداية جديدة تتسم بالتحسُن، بعد تولي الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحُكم، فبعد محطات من الخلاف وصلت إلى أقصاها في نهاية فترة تولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؛ أكد «ترامب» في تصريحات نقلتها «سكاى نيوز» الإخبارية، في يناير الماضي، على رغبته في عمل الدولتان معًا، لحل المشكلات والعقبات التي تُواجه العالم في الآونة الأخيرة، قائلًا: «الأغبياء أو الحمقى هم فقط من يظنون أن العلاقات الجيدة بين أمريكا وروسيا أمر سئ».

وهو ما كانت الصين قد أشارت إلى أهميته في ديسمبر من العام الماضي، عندما حثت كُلًا من أمريكا وروسيا على تسوية الخلافات بطريقة ملائمة من خلال مفاوضات ودية، وذلك عندما أعلنت واشنطن عن فرض عقوبات مُشددة على عدد من المؤسسات الروسية، وصلت إلى حد طرد ما يقرُب من 35 مسؤولًا روسيًا بعد اتهامهم بالتجسس على البلاد.

صحيفة «موسكوفسكي» تطرقت في مارس الجاري، إلى وضع العلاقات الروسية الأمريكية، مُشيرة إلى عدم سماح واشنطن بإمكانية الشراكة المُتكافئة. كما التقت برئيس وحدة دراسات أمريكا الشمالية في جامعة سان بطرسبورج الحكومية، البروفيسور بوريس شيريايف، والذي ذكر أن فرص تحسين العلاقات الروسية الأمريكية ظهرت مرات عديدة، مُشيرًا إلى أن الموقف السلبي الذي تعمق في الغرب من روسيا قديم جدًا ومنذ قرون، وقد ورثته الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وأضاف «شيريايف» بحسب «روسيا اليوم» أن: «دونالد ترامب شخصية فريدة في التاريخ الأمريكي، ونأمل به لكونه يُمثل العُمق الأمريكي المحافظ وليس المؤسسة السياسية، التي سيطرت على الساحة السياسية لأمريكا على مدار الـ10 سنوات الماضية، كما أنه يُدرك مشكلات عديدة داخل بلاده وضرورة العمل على حلها، إضافة إلى أنه ليس من جماعة الرهاب الروسي».

ولكن يبدو أن هناك بعض الأصوات الأمريكية التي تُحاول العبث في مسار العلاقات الروسية الأمريكية الجديد، أو ما يُمكن تسميته بمُحاولة للوقيعة بين «ترامب» و«بوتين»، الأمر الذي عكسه فيلم وثائقي عرضته قناة الـ«CNN» الأمريكية أول أمس الإثنين؛ يدور حول الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والذي عقب على مضمونه من قِبَل «الكرملين»، أمس الثلاثاء، بالعاطفي والهيستيري.

في هذا الإطار يقول المحلل السياسي والكاتب البحريني، عبدالله الجنيد لـ«صوت الأمة»: «هناك مثل إنجليزي يحب الأمريكان توظيفه سياسيًا، وهو لا يذهب عمل صالح بدون عقاب no good deed goes unpunished ، فالعلاقات الأمريكية الروسية اليوم هي نتاج تكلفة عدم استخدام روسيا لحق الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار غزو العراق في 2003.. وبمراجعة التحولات في العلاقات الأمريكية الروسية من الحرب في الشيشان إلى شبكات التجسس الروسية في الولايات المتحدة يتضح حجم التغلغل الروسي في النسيج الاجتماعي والاقتصادي الأمريكي»، مُضيفًا «بوتين نجح في إعادة أحلام روسيا القيصرية فقط بسبب الأوبامية المُهادنة، وتكلفة إعادة تحجيم الطموح الروسي، التي قد تكون كبيرة، خصوصًا مع تنامي حالة عدم الإستقرار السياسي عالميًا».

فيما يرى الخبير في الشؤون الأمريكية الكاتب والباحث حسام إبراهيم، أنه لا يوجد رؤية استراتيجية أمريكية واحدة لإدارة العلاقات مع روسيا، مُشيرًا إلى أن هناك تبايُنات في الرؤى تجاه العلاقة مع موسكو داخل الدوائر الأمريكية، فواحدة تذهب في اتجاه العلاقات الطبيعية مع روسيا، مؤكدة على ضرورة بناء علاقات ثنائية إيجابية، والإستفادة من ذلك في إدارة الملفات الإقليمية التي تُلحِق الضرر بأمريكا، وفي مقدمتها ملف الإرهاب، والأخرى ترى في روسيا العدو التقليدي لأمريكا، حيث النظر لروسيا على أنها قوى تسعى للتوسع الإقليمي، وتمديد نفوذها في مناطق مُحددة بالشرق الأسط، إلى جانب دعمها لإيران والرئيس السوري بشار الأسد.

وقال لـ«صوت الأمة»: «الرؤيتان تعكسان استراتيجيتين ُمتعارضتين، لحالة الإنقسام الواضح والحاد داخل الساحة الأمريكية، حول كثير من ملفات السياسة الخارجية بشكل عام، في ظل إدارة ترامب».

وأضاف «نرى قدرة ترامب علي دفع العلاقات نحو مسار مختلف عن الذي سادها أثناء إدارة أوباما، تكاد تكون محدودة، وذلك لعدة أسباب، الأول المعارضة القوية جدًا داخل الكونجرس والدوائر الفكرية الأمريكية، والثاني أن هناك تقييم استراتيجي روسي يري أن هذه المعارضة تُحِد بالفعل من قدرة ترامب، ومن ثم لن يكون بمقدوره الذهاب بعيدًا في العلاقات، وبناء عليه لا يجب أن تقدم موسكو تنازلات قوية في ملف العلاقة بين الجانبين، والسبب الثالث أن مصالح واشنطن الاستراتيجية مع أوروبا تُحد أيضًا من قدرة ترامب على الذهاب بعيدًا في العلاقات مع موسكو».

ومع ذلك يعتقد «إبراهيم» أن العلاقات الأمريكية الروسية في ظل إدارة «ترامب» يُمكن أن تشهد نمطًا مُختلفًا في إدارتها عن الذي سادها خلال فترة إدارة «أوباما»، في إطار ما يُمكن أن نُطلِق عليه «التقارب الاستراتيجي المحسوب»، والمقصود به تعزيز التعاون بين الطرفين في إدارة ملفات معينة مثل الملف السوري، بما يضمن على الأقل تحييد التأثيرات السلبية للتوجهات الروسية علي المصالح الأمريكية، وفي نفس الوقت تقليل نمط التوتر في الملفات الخلافية مثل أوكرانيا، أو التدخل الروسي في الشؤون الأوروبية.

وأخيرًا قال الخبير في الشؤون الأمريكية: «من المحتمل أن تظل التوترات والخلافات داخل واشنطن بشأن إدارة العلاقة مع موسكو مستمرة لفترة ما؛ بين الرئيس ووزارتي الخارجية والدفاع في مواجهة أجهزة الاستخبارات، وأيضًا ما بين الإدارة في مواجهة الكونجرس ودوائر الإعلام ومراكز البحث والتفكير». 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق