السياحة الروسية.. ماذا تريد موسكو من مصر؟

الإثنين، 20 مارس 2017 12:00 م
السياحة الروسية.. ماذا تريد موسكو من مصر؟

مع ذلك لم نجد سوى الوعود المتكررة وأحيانا المتناقضة من المسئولين الروس عن عودة السياحة التى لم تأت حتى الآن.
 
الحقيقة أن القلق لدى الرأى العام فى مصر والتشكك فى النوايا الروسية تجاه مصر رغم التعاون المتصاعد بين الجانبين عقب 30 يونيو، يدفع إلى البحث عن السر وراء الضغوط الروسية على مصر بورقة السياحة.
 
أسباب القلق والشك من «العناد الروسى» تكمن فى المواقف المتناقضة للجانب الروسى فى التعامل مع أزمة الطائرة فى مصر وأزمات أخرى مع تركيا ومنها اغتيال السفير الروسى فى أنقرة، وقبلها إسقاط تركيا طائرة عسكرية لروسيا، ففى الوقت الذى تعند فيه موسكو مع القاهرة، نجدها تتعامل بشكل مختلف مع أنقرة. 
 
روسيا لم تتخذ أي إجراءات عقابية ضد تركيا رغم سقوط الطائرة، وعندما قتل السفير الروسى فى تركيا وأمام العالم كله لم تفرض روسيا الحصار وتمنع السياحة وتطالب بإجراءات أمنية مشددة وتبعث بوفودها الأمنية إلى تركيا، وكأن شيئا لم يحدث.. بل أعلنت جمعية منظمى الرحلات السياحية الروسية بأن تركيا ستكون الوجهة الأولى للسياح الروس فى الصيف المقبل وليست مصر!
 
وفى اللقاء الأخير من بين اللقاءات المتكررة بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بدا بوتين وكأنه المروج الأول للسياحة فى تركيا، ودعا الروس لقضاء عطلاتهم فى تركيا لأنه شخصيا قضى عطلته هناك و«المواطنون الروس يشعرون بكرم الضيافة».
 
دعاية بوتين المجانية للسياحة التركية تأتى فى الوقت الذى يماطل فيه لعودة السياحة الروسية لمصر ويغفل كل الأحداث فى العلاقات مع تركيا. 
 
فماذا تريد روسيا من مصر حتى تتعطف وتأمر بعودة السياح إلى المنتجعات والشواطئ المصرية..؟
 
حسب وزير الطيران المدنى شريف فتحى، فمصر نفذت جميع التدابير الأمنية المطلوبة من الجانب الروسى، «وليس بإمكاننا إجبار دولة على المجيء لمصر، ولكننا نقوم بدورنا فيما يتعلق بجانب التأمين»، وقال: «أنا لا ألوم أحدا.. لكننى ألوم نفسى لو لم تكن إجراءاتنا مضبوطة.. هناك شركات من دول عديدة فى العالم تتعامل مع مطارات القاهرة ولا تشكو من التأمين، ونحترم كل وجهات النظر التى ترفض التعامل مع مطار القاهرة، خاصة الجانب الروسى الذى تربطنا به علاقات قوية، ولديه بعض الملاحظات على عدم المجىء لمصر، فلا يوجد مطار فى العالم ليس عليه ملاحظات».
 
ومَن يتابع ما تقوم به الحكومة المصرية من مجهودات لعودة السياحة الروسية يجد أن هذه الجهود تقابل بتعقديات و«تلكيكات» من الجانب الروسى بزيادة سقف الطلبات للحيلولة دون وقوع حوادث إرهابية، رغم أن الإدارة الأمريكية وضعت مصر ضمن الدول الآمنة للسفر لمواطنيها.
 
كل ذلك يدفع للظن بأن عودة السياحة الروسية لمصر ليست مرتبطة بالوضع الأمنى والإجراءات الأمنية المطلوبة، ولكن ربما أو أكيد لها خلفيات سياسية واقتصادية أخرى. 
 
فلماذا عادت السياحة الروسية لتركيا، ولم تعد إلى مصر، رغم أنه بحسب الخبراء السياحيين لا تتعدى نسبة السياحة الروسية فى تركيا 20 %.
 
هل هناك أسباب تتعلق بالمفاعل النووى فى الضبعة، كما تردد، وربط عودة السياحة بالتوقيع على الاتفاقيات بين الجانبين، أم أن هناك أسبابا داخلية اقتصادية تتعلق بتنشيط السياحة الروسية وزيادة ضخ الاستثمارات الروسية فى الداخل؟
 
لا نستطيع الجزم، لكن الشواهد تشير إلى ذلك، فهناك مماطلة زادت عن الحد لاستئناف الرحلات الجوية إلى مصر، وكما يرى خبراء السياحة فإن موسكو ترغب فى الاستفادة بأكبر قدر من حظر الطيران إلى القاهرة والمنتجعات المصرية لمحاولة تنشيط السياحة الداخلية لديها، وبشكل خاص على المدن الساحلية مثل سوتشى والقرم، ويتوقع خبراء السياحة ارتفاع نسبة السياحة الداخلية 20 % أى ما يقرب من 60 مليون سائح روسى عن العام الماضى الذى وصل إلى 50 مليون سائح روسى، وذلك على خلفية حظر الطيران العارض من وإلى روسيا لكل من مصر وربما تركيا.
 
ما يؤكد الفرضية الثانية لعدم عودة السياحة الروسية إلى مصر هو تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الروسى ديميترى ميدفيدف الذى أكد فيها ضرورة الاستفادة من كل الفرص المتاحة لتطوير القطاع السياحى الروسى، وقال إن «روسيا حظرت الطيران العارض لمصر وتركيا لأسباب معروفة للكل، وهذا طبعا سيئ، حيث يقلل من فرص الاختيار للمواطن، ولكنه جيد فى إعطاء فرصة لنا لتشجيع السياحة والمنتجات الداخلية، حيث يوجد لدينا أماكن يمكن الاستماع بها».
 
ويكفى مرور عامين تقريبا على سقوط الطائرة الروسية فى شرم الشيخ حتى يتيقن المسئولون المصريون ماذا تريد روسيا من مصر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق