صناعة الجمال

الإثنين، 10 أبريل 2017 08:40 م
صناعة الجمال
مرايا - أرشيفية
وهيبة صالح

مشهدان جعلانى أشعر بالأسى والأمل فى آن واحد، عند زيارتى لقرية برج البرلس، القرية الفقيرة والعشوائية التى يعيش أهلها على الصيد، أصبحت فجأة تحت بؤرة الضوء بعد أن اختارها الدكتور عبد الوهاب عبد المحسن، وكيل وزارة الثقافة الأسبق، وحاليا هو مؤسس مؤسسة تحمل اسمه، وتعمل فى مجال الثقافة والفنون.
الدكتور عبد الوهاب، أقام فى القرية مشروعًا ضخمًا للرسم على جدران بيوتها.
جلست مع أصدقائى بمقهى متواضع حتى تقدم ناحيتنا صبى فى الثانية عشر وسألنا: هل أنتم أصحاب الأستاذ عمر.
كان بالطبع يقصد الفنان الكبير عمر الفيومى، أجبناه نعم.
فقال «أمانة لما تشوفوه.. قولوا له محمد بيقول لك ما تزعلش منى، أصل أنا غبت عنه شهرا، خبطنى توكتوك وأنا رايح الشغل فى البحر، وقعدت عشرين يوم فى المستشفى.. أصل أنا كنت بساعده وبارسم معاه»، محمد هذا لم يتعلم ويعمل بالصيد.. ولكنه يحب الرسم ويحب الفنان عمر الفيومى.
المشهد الثانى: امرأة فى العقد الخامس من عمرها.. عندما لمحتنا من بعيد، نتمشى فى الشارع كما يفعل السواح ونلتقط الصور للوحات التى حولت جدران البيوت الفقيرة لمعرض عالمى.. جلست السيدة على عتبة بيتها حتى اقتربنا منها، وسألتنا: «أنتم تبع اللى بيرسموا على الحيطان» قلنا لها نعم.. قالت بحزن.. «طب ليه ما رسموش على بيتى.. والله أنا نضفته ومحرته علشان يرسموا عليه.. وكادت تدمع.. اشمعنى أنا؟» 
تلك السيدة حتما لا تفهم معنى اللوحات، ولكنها تشعر بالجمال وتقدره، والطفل الذى يجهل الأمى وربما لا يفهم كلمة الفن.. ولكنه فنان.. هؤلاء لم يصنعوا القبح.. بل فرض عليهم واجبروا للتعايش معه.. شعرت بالأسى لما آل إليه أحفاد الفراعنة، الفراعنة الذين صنعوا الجمال وصدروه للعالم، المصريون الذين تم فصلهم عن هويتهم عمدا واتهامهم أنه شعب يتعايش مع القبح، وشعرت بالأمل فى أننا نستطيع صناعة الجمال بأبسط الأدوات كى نواجه قبح الحكومات واللصوص.. ونبنى على فكرة ملتقى البرلس.
أثرية

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق