حماس تعترف بإسرائيل.. لماذا الآن؟

الأربعاء، 03 مايو 2017 12:48 م
حماس تعترف بإسرائيل.. لماذا الآن؟
حماس _أرشيفية
كتب - محمد الشرقاوي

في مساء الاثنين 1 مايو الجاري، اعترفت حركة حماس لأول مرة بحدود الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس، وذلك في وثيقة أسمتها «المبادئ والسياسات العامة»، تضمنت 42 بندًا مقسمة على 11 عنوانًا، تحدثت فيها عن تعريف نفسها ومشروعها ورؤيتها لمشروع التحرير والنظام السياسي، وتحمل مبادئ أساسية بالقضية بالفلسطينية ووحدة الشعب والأرض والقضية وتعريف النظام السياسي.

كشف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، خالد مشعل، الإثنين، الستار عن وثيقة الحركة الجديدة زاعمًا أن الحركة انهمكت عدة سنوات في إعدادها، وأخضعتها للتدقيق السياسي والقانوني الدولي، وترجمتها لأكثر من لغة، إضافة إلى أن المقاومة المسلحة هو الخيار الصحيح لحماية الثوابت الفلسطينية، وأنه لا مانع لدى الحركة من الاحتكام إلى صناديق الانتخاب الفلسطينية كما حدث في انتخابات 2006، مع منظمة التحرير الفلسطينية «فتح».

خالد مشعل
 

الإعلان جاء يوم سفر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما فتح عدة تساؤلات حول القضية الفلسطينية والتغيرات السياسية على الساحة.

إرهاصات

سبق الإعلان عن وثيقة حماس الجديدة عدة إرهاصات وتسريبات، كان أبرزها ما نشرته وكالة رويترز الإخبارية على لسان مصادرها الخاصة: «أن حركة حماس الفلسطينية تتضمن النأي بنفسها عن جماعة الإخوان المحظورة في مصر، في مسعى للحركة للحفاظ على علاقات جيدة مع مصر».

وأضافت رويترز أن الوثيقة السياسية الجديدة التي أعدتها الحركة تحذف الدعوة الصريحة لتدمير إسرائيل، مكتفية باعتماد سياسية العمل المقاوم، وأنها ستؤيد إقامة دولة فلسطينية مؤقتة على حدود 1967 دون الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.

وكان هناك إرهاصات أخرى تم تداولها في مارس الماضي، قبل انتخابات الحركة الأخيرة والتي فاز بها «يحيى السنوار»، تفيد بأن الحركة ستشدد على عودة اللاجئين وحقوق الأسرى.

يحيى السنوار
 

 

مفارقات

عدة مفارقات تضمنتها الوثيقة الجديدة، أهمها أن الحركة لن تقبل إلا بدولة فلسطينية إلا على كامل التراب الفلسطيني، على أنها اعترفت بحدود 1976 والتي تعترف بوجود دولة إسرائيلية، قال مشعل في مؤتمر الإعلان: «دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس».

 

القيادي الحمساوي تغافل عن الحديث عن علاقة الحركة بجماعة الإخوان الإرهابية وتنظيمها الدولي، وهو ما فسرته الأغلبية بأن ذلك انفصال عن الجماعة بعد ما يقرب من 30 عامًا، من ميثاق الحركة الأول 1988، نص في مادته الثانية على: «صلة حركة المقاومة الإسلامية بجماعة الإخوان المسلمين: الحركة جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين، وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث، وتمتاز بالفهم العميق، والتصور الدقيق والشمولية التامة لكل المفاهيم الإسلامية في شتى مجالات الحياة، في التصور والاعتقاد، في السياسة والاقتصاد، في التربية والاجتماع، في القضاء والحكم، في الدعوة والتعليم، في الفن والإعلام، في الغيب والشهادة، وفي باقي مجالات الحياة».

 

تغيرات

الوثيقة الجديدة اعتبرت تغيرًا جذريًا في تاريخ الحركة حتى أن البعض اعتبره التأسيس الثاني للحركة، ما اعتبره الباحث في شئون حركات الإسلام السياسي مصطفى زهران، لـ«صوت الأمة»: أن الواقع الذي تحياه الحركة الإسلامية السياسية، يدفعها إلى استنساخ نسخ أخرى جديدة من قياداتها على غرار راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة التونسية، وسعد الدين العثماني، وخالد مشعل، لديها من المناورة السياسية وإنتاج البدائل وإبداء المرونة ما يتيح لها البقاء في ظل سياق عام يسعى للقضاء عليها.

 

وتابع: الدلالة الأهم في تتبع مسارات التحول الذي تحياه الحركة الإسلامية ما بين المشرق والمغرب والسعي نحو فك ارتباطها بالمركز - والمعني به هنا هو جماعة الإخوان المسلمين- هو وعي الجماعة ذاتها بحجم التحولات التي تشهدها الأطراف، إذ إن ما قدمته حماس لم يكن البداية وإنما بدا من قبل في تونس ومن ثم بالمغرب وشمل أطراف أخرى. خاصة بعد إخفاقات الجماعة في المركز في تدبير شئونها مع تزايد حالة الانقسام في الرؤي والأليات حيال واقعها الداخلي ومنظورها إلى الخارج.

 

وأكمل: «ولعل في تحولات الحالة الجهادية ملمحًا هامًا وإن كنا لا يمكن وضع نقاط تقاطع بين التنويعات الإسلامية السياسية والراديكالية، إلا أن مراقبة حجم التحولات لدى البنى الإسلامية الراديكالية شديد الأهمية والخطورة، فلقد تطورت أيدلوجيتها من فكرة الجماعة والتنظيم وانتقلت به إلى الإطار الدولاتي، بل ونسجت أدبيات كثيرة لتعزيز تلك الفكرة وأن الواقع لم يعد قابلًا لمزيد من الجماعات والتنظيمات».

 

غير أن مراقبين اعتبروا أن الحركة تحاول الانضمام لنادي اللاعبين المقبولين على السياسة الإقليمية، خاصة أنها تضمنت مواقف من أهمها قبول دولة فلسطينية على حدود 67 والتخلي عن جماعة الإخوان.

مصطفى زهران
 

وهو ما أكد عليه مسئول الاتصال السياسي بحركة تمرد على الظلم في غزة، محمد أبو الرُب لصوت الأمة، أن الحركة تسعى إلى الترويج بكونها بديلًا لمنظمة التحرير الفلسطينية، ودخول لعبة المفاوضات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، خاصة وأن الإعلان جاء قبل 48 ساعة من لقاء الرئيس الفلسطيني بدونالد ترامب؛ لكي تبعث برسالة للعالم أن حماس موجودة للتفاوض بديلاً عن منظمة التحرير.

 

محمد أبو الرب
 

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، أوضح أن حماس تحاول أن تتأقلم مع التغيرات الدولية والإقليمية، مضيفًا أن بعض النقاط في الوثيقة غامض وملتبس، ويحتمل أكثر من تفسير، لكن عمومًا اقتربت كثيرًا من برنامج منظمة التحرير في ما يتعلق بالدولة المستقلة على حدود عام 1967، واستخدام أساليب النضال المختلفة.

 

إسرائيل ترفض

الكيان الصهيوني رفض الوثيقة، واتهم على لسان دافيد كيز المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي الحركة بمحاولة خداع العالم عبر الإعلان عن وثيقتها الجديدة، مضيفًا أنها «لن تنجح في ذلك».

 

واعتبرت الهيئة المكلّفة بالأراضي المحتلة في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن حركة حماس تهزأ من العالم عبر محاولتها تقديم نفسها عبر هذه المسماة وثيقة وكأنّها منظمة منفتحة ومتطورة.

 

اقرأ ايضًا: 

مرصد الإفتاء: انفصال حماس هزيمة جديدة للإخوان

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق