بعد خسارته «الطبقة» السورية.. داعش يغير استراتيجيات التحرك لاستمرار تواجده

الجمعة، 05 مايو 2017 04:57 م
بعد خسارته «الطبقة» السورية.. داعش يغير استراتيجيات التحرك لاستمرار تواجده
داعش
كتب - محمد الشرقاوي

انسحب تنظيم داعش الإرهابي أمس الخميس، من كامل مدينة «الطبقة» غربي محافظة الرقة السورية، بعدما تمكنت القوات الكردية المدعومة أمريكيًا من السيطرة على ما يزيد عن 95 % من المدينة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

العمليات التي تشنها «سوريا الديمقراطية» تحت شعار «غضب الفرات»، بدأت نوفمبر الماضي، وحققت نجاحات كبيرة دفعت أطراف دولية إلى المطالبة بتوقف تلك القوات حتى لو وصل الأمر إلى توجيه ضربات عسكرية.

كافة تلك الانتصارات دفعت تنظيم داعش، لتغيير خريطة التحركات الميدانية في عواصمه بـ«سوريا والعراق»، خاصة في ظل الهزائم المتكررة وفقدانه أغلب المواقع التي كان يسيطر عليها في الدولتين، ومظاهر بنيته التنظيمية بتخليه عن التمسك بالمعقل الرئيسي له في الرقة (العاصمة).

وفي دراسة أعدها مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، أكدت أن هناك دلالات متعددة، أهمها رمزية، غير تحركات ومنها التداعيات على الأرض، في إطار إعادة التمركز والانتشار في المرحلة المقبل عليها، والتي يفترض أنها ستحدد مسار التنظيم.

المركز اعتبر أن تلك الهزائم لا تعني انتهاء التنظيم وتفككه هيكليًا، مؤكدًا أنه وفق المعطيات على الساحة السياسية فإن التنظيم دخل مرحلة أقرب إلى المراحل التنظيمية كما حدث في مرحلة ما بعد انهيار «دولة العراق الإسلامية» أو «دولة الزرقاوي».

وأكدت الدراسة أن التنظيم يتجه إلى إعادة الانتشار بشكل «لا مركزي» في مواقع تواجده السابقة، مع التركيز على البيئات الأقرب إلى التعاطف أو التقارب معه في مرحلة «ما بعد الرقة».

مسارات الخروج 

واعتمد التنظيم الإرهابي خلال الآونة الأخيرة عدة سيناريوهات لاستمرار تواجده، أولها أنه خفض أعداد مقاتليه في الرقة، وبدأ الدفع بهم تجاه «دير الزور»، ومنها سيتفرع باتجاهات مختلفة، حددها المركز:

الأول: مسار جنوب سوريا باتجاه تقاطع الحدود مع الأردن، كمسار إجباري، بسبب عدة عوامل، من بينها وجود «محطة دعم» متاخمة للحدود تتمثل في مجموعات ما يُعرف بـ«جيش خالد بن الوليد» الموالي للتنظيم، والتي تتراوح تقديرات مقاتليه ما بين 400 و1500 مقاتل وفقًا لتقديرات غير رسمية.

الثاني: وهو أيضًا مسار إجباري باتجاه مركز مفصلي للخروج من الرقة وهو دير الزور، ثم الانعطاف مع الحدود العراقية - السورية التي تصل إلى 600 كلم باتجاه الأنبار التي يعرفها «داعش» جيدًا بحكم تواجده فيها خلال المراحل السابقة كمركز عمليات للتنظيم وقاعدة للانطلاق لتنفيذ عملياته في أنحاء العراق.

دير الزور

وفي تقرير سابق نشرته «صوت الأمة»، قال إن المدينة الحدودية تعد نقطة التقاء لجنود أمير التنظيم أبو بكر البغدادي، ونقطة المنتصف بين بغداد ودمشق أو حلب، ومنها كان من المقدر أن ينطلق خط الغاز العراقي الإيراني نحو الساحل السوري، قبل أن يصدر نحو أوروبا.

من بداية التواجد الداعشي في سوريا وتحظى تلك المدينة بأهمية خاصة لدى التنظيم بخلاف الرقة، فهي مصدر التمويل الرسمي للتنظيم لما تحويه من آبار النفط، فسبق وذكرت تقارير صحفية أن التنظيم كان يبيع التنظيم ما يقرب من 150 ألف برميل يوميًا لتركيا.

الاستراتيجيات العسكرية

التنظيم الإرهابي اعتمد عدة استراتيجيات عسكرية مختلفة لإعادة التحرك، أهمها الإنهاك الواسع وما يسمى «نكاية العدو» وهو استنزاف القوات المعادية للتنظيم بأقل الخسائر، وهو ما ظهر مع ارتفاع مستوى العمليات التي يشنها التنظيم خارج الرقة والموصل.

فمع تقدم القوات العراقية والتحالف الدولي، بدا واضحًا أن التنظيم يشن عمليات من خلال فرق التفجيرات والانغماسيين للقيام باستهداف التمركزات الأمنية في الكثير من المواقع في الأنبار والفلوجة وتكريت حيث قواعد تمركز التنظيم السابقة، بالإضافة إلى رفع مستوى عمليات الاستهداف في المزارات الشيعية كما حدث في سامراء، وإقامة بعض المعسكرات في بعض المدن مثل الفلوجة، في خارج المحيط السكاني، خاصة وأن التنظيم فَقَدَ قدرًا كبيرًا من الحاضنة الشعبية في ديموغرافيا الانتشار السابقة.

إضافة إلى عمليات انتقام نوعية، في المناطق الكردية والسنية التي سبق وخرج منها التنظيم في وقت سابق، فسبق واستخدم التنظيم تكتيك الخداع والتمويه، كما حدث في عملية حادث تلعفر، ارتدى مقاتلوه «زي» الجيش العراقي وتصفية نحو 15 عراقيًّا، وكذلك في عملية سامراء.

وانتهى المركز إلى أن تنظيم داعش يدرك أنه بصدد الانتقال للمرحلة الثانية التي سيتحول فيها إلى «تنظيم تقليدي»، كما هو الحال مع تنظيم «القاعدة» على سبيل المثال، وبالتالي لا يُعطي الأولوية للتمسك بالأرض، وهو ما سبق ونبه إليه أبو محمد العدناني المتحدث باسم التنظيم في آخر رسائله قبل مقتله، وبالتالي تحولت عملية السيطرة على الأرض من «إستراتيجية» في مراحل التمدد إلى «تكتيك» في الانتقال المرحلي التي ينتهجها التنظيم حاليا.

 

اقرأ أيضًا: 

انفراد.. 8 آلاف وثيقة تكشف مؤامرة داعش في مصر.. مناهج التطرف (الحلقة الرابعة)

«رحلة الهروب الجماعي».. وثائق تكشف فرار عناصر داعش من سوريا والعراق

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق