النفوذ الخليجى.. بين الرضا الأمريكى.. والرفض الروسى

الإثنين، 08 مايو 2017 04:00 م
النفوذ الخليجى.. بين الرضا الأمريكى.. والرفض الروسى

تاريخ الغزو العراقى للكويت كان نقطة فاصلة ومحورية فى المنطقة، خاصة فى الفكر المسيطر والقابض على زمام الأمور فى كل دولة خليجية، فانتقلت من مفعول بها مغلوبة على أمرها ومالها، إلى فاعل مؤثر بأمره وماله أيضا. وبغض النظر على خيوط التأثير الممتدة عبر البحار، والصحراء، ودون التطرق فى مدى مشروعية التدخل من عدمه، وبغض الطرف عن تأثير هذا التدخل على الأمن القومى المصرى، إلا أن هذا التأثير أحدث هزات عنيفة عالميا، حتى ولو اتسق مع الأفكار المسيطرة على صانعى القرار السياسى فى البيت الأبيض.
 
تمسك الإمارات بأغلب أوراق اللعبة الآن فى ليبيا، خاصة بعد واقعة لقاء الخصمين حفتر والسراج فى أبوظبى يوم الثلاثاء الماضى، وهو أمر فى حقيقته امتداد لنفوذها فى مصر، الذى انخفضت وتيرته كثيرا كلما ابتعدنا عن 30 يونيو، وبات رجلها يبحث عن دور فى باريس.
 
ظل الشرق الليبى يخضع للنفوذين المصرى والإماراتى، حتى بلغ مستوى أعلى، قاطعا الطريق، بشكل نسبى على النفوذ الروسى المتصاعد، وكتب شهادة ميلاد جديدة للنفوذ الإيطالى المتراجع.
 
واستكمالا للتنسيق المصرى الإماراتى، تمكنت أبوظبى من الاتفاق على قاعدة فى أرض الصومال، قد تكون أكبر من قدراتها العسكرية، لكن التنسيق المشترك قد يجعل الفراغات ممتلئة، ويسد الخانات الفارغة.
 
فى المقابل، هناك تنامى كبير للدور الإماراتى فى اليمن، جعل الرياض ذاتها، تتراجع عن كثير من نقاط الاتفاق مع أبوظبى ما جعل المصالح تتعارض، كان آخرها الضغط على الرئيس اليمنى لإقالة رجل الإمارات من منصبه كمحافظ لعدن، العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية.
 
تعتقد أبوظبى أن امتلاكها لأوراق فى اليمن سيجعل موقفها التفاوضى مع إيران على الجزر الثلاث قويا، خاصة أن القوات الإماراتية تحارب وكيل طهران فى باب المندب (أنصار الله) المعروف إعلاميا بالحوثى.
 
قطر كان لديها طموح فى نفوذ أكثر اتساعا، وأشد قوة من الإمارات، حيث استهدفت الجلوس على عرش السعودية فى المنطقة، وجعلت الأمريكان يقتنعون بأن فى إمكان الدوحة أن تقوم مقام الرياض.
 
تملكت قطر 80% من أوراق اللعب فى سوريا، واقتربت من هذه النسبة فى مصر فى عام الإخوان، وكادت تجعل أميرها حاكما على ليبيا، وروضت حركة حماس فى غزة، واقتربت كثيرا من بعض أمراء الطوائف اللبنانيين، وبات لها فى تونس ناقة وجملا.
 
جاءت الرياح عكس ما تبغى سفن الدوحة، فطالت الحرب فى سوريا، بفعل روسى إيرانى، وأطاح المصريون بحكم الوكيل الإخوانى، وغرقت ميليشياتها الليبية فى وحل الاقتتال والنهب، وخرج حفتر من المصباح المصرى الإماراتى يهز صورة قتلة الدوحة المتأسلمين.
 
خيرت مصر حماس بين الخضوع للدوحة أو التعاون معها، فاختارت القاهرة، وجاءت الانتخابات التونسية بغير أتباع حمد، وعاد أمراء لبنان للحضن السعودى من جديد، فكانت نهاية حمد، وبداية تميم، نقطة ومن أول السطر.
 
السعودية قبل الملك سلمان، غير بعده، فقبله كانت نهاية حكم الملك عبدالله، أثر فيها المرض، أكثر مما أثر فيه شخصيا، وهى طبيعة سعودية بحتة، ليس هناك مؤسسات، بل ملك يحكم مع أبنائه، فإذا مات الملك، مات نفوذ أبنائه، كأنهم لم يحييوا من قبل.
 
فمن نفوذ جاوز المحيطات، إلى نفوذ بالكاد لا يخرج عن البحرين الأحمر والأبيض، أقصى مراده انقلاب أبيض ثان، على ولاية العهد، ومن أجل هذا، جرت محاولات استعادة النفوذ المخطوف فى الدوحة.
 
تمكنت الرياض من السيطرة على فصائل سورية مؤثرة، فى الجنوب والشمال والوسط، وقررت فرض قرارها فى اليمن حتى لو بالخطأ، وباتت مطلعة على أوراق اللعبة الليبية، وأصرت على بعثرتها فى لبنان حتى لو بالخسارة.
 
كان من مصلحة الأمريكان أن يكون هناك نفوذ لدول الخليج، لكن طرفا جديدا دخل فى المعادلة الإقليمية، وباتت له كلمة مسموعة، وهم الروس، الذين قد يرضون بنفوذ هنا للبعض، ويرفضون نفوذا هناك للبعض الآخر.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق