آلام أطفال الفلوجة

الأربعاء، 17 مايو 2017 02:11 م
آلام أطفال الفلوجة
صبرى الديب يكتب

لا أدري لماذا لم يستغل العراقيون حتى الآن المأساة التي يتعرض لها «أطفال الفلوجة» منذ 16 عاما وحتى الآن -عالميا-؟ لكشف مدى بشاعة الجرم الذي تعرضت له بلادهم على أيدي الأمريكان والغرب، والذي لا يرضى عنها جاحد، أو كافر، أو ملحد على وجه الأرض.
 
فمنذ أن أمطر الأمريكان والبريطانيون «المفلوجة» بآلاف الأطنان من القنابل المزودة باليورنيوم المنضب في عام 1991، ونحو 90% من مواليد تلك المدينة يولدون مصابين إما بسرطان الدم، أو برؤوس غير  طبيعية، أو برأسين، أو برؤوس على أشكال غريبة، أو دون أعضاء تناسلية، أو دون يدين، أو رجلين، أو بتشوهات في القلب أو العمود الفقري، أو بعين واحدة وسط الرأس، لدرجة جعلت سيدات «الفلوجة» يتجنبن الحمل، وأن صادف وحملت سيدة، فإنها تظل في رعب، أن يخرج طفلها إلى الدنيا مشوها، أو يكون مصيره الموت بعد أيام أو شهور قليلة مثلما حدث مع الآلاف من مواليد المدينة.
 
ولعل ما يدعو للأسف في القضية، أن العراقيين أنفسهم لم يرحموا آلام أطفال الفلوجة، خاصة بعد أن أكدت معلومات أن وزارة العلوم والتكنولوجيا العراقية تحتفظ بتقارير سرية،  تثبت بالدليل القاطع، انه يوجد بالبلاد نحو 100 موقعا بخلاف الفلوجة، تنتشر في كل أنحاء البلاد، ملوث بشكل كامل بالإشعاعات النووية، نظرا لاحتوائهم على مخلفات الأسلحة والحروب التي توالت منذ عام 1991، ما أدى إلى انتشار السرطانات المختلفة بين الكبار والصغار في تلك المناطق، وانتقالها إلى المناطق الأخرى.
 
في الوقت الذي ترفض فيه منظمة الصحة العالمية، بضغوط أمريكية وبريطانية، الإفراج عن التقارير التي جمعتها من الفلوجة و6 محافظات عراقية آخرى على مدار السنوات الماضية، والتي تحوى الأرقام والنسب الحقيقية لتشوهات الأطفال في تلك المدينة وأسبابها، منذ العدوان الأمريكي والبريطاني على العراق.
 
ورغم تتفاوت التقارير الموجودة بالمستشفيات داخل وخارج الفلوجة، عن نسب الأطفال الذين يولدون مشوهين في كل مدينة بشكل كبير، غير أنها جميعا تتحدث عن موت وإصابة آلاف الأطفال بتشوهات على مدار السنوات الأخيرة، في الوقت الذي أكدت فيه تقارير أخرى، استحالة ولادة إنسان متكامل الصفات في أغلب مناطق العراق لـ 3 أو 4 أجيال قادمة، بسبب تأثيرات إشعاعات اليورانيوم المخصب الذي خلفته الحروب الأمريكية المتتالية على العراق.
 
ورغم ذلك، يكاد يكون هناك إجماع على أن كل الإحصائيات العراقية والدولية لم تستطيع حصر سوى أقل من ثلث الموجود الفعلي من الأطفال المشوهين، خاصة وإنها بالكامل قد اعتمدت على ما هو مثبت في دفاتر المستشفيات، في حين أن نحو 70% ويزيد من تلك الحالات كانت لا تتردد على المستشفيات، ويتم متابعتها في العيادات الخارجية، وأن تلك الأعداد لم يتم توثيقها، بالإضافة إلى آلاف الحالات التي توفيت، أو ولدت ميتة وتم دفنها دون إثباتها في دفاتر المواليد أو الوفيات، لدرجة أن هناك أمهات فقدت كل منهن بين 3 و 4 أطفال.
 
للآسف أنه لم يفضح أمر أمريكا وبريطانيا وغيرهما من الدول التي شاركت في الجرم، سوى دراسة قام بها فريق طبي بريطاني متخصص ضم 11 باحثا من مختلف الجامعات البريطانية، رأسه «كريس باسبي» الأستاذ بجامعة أولستر في أيرلندا الشمالية، والذي أكدت أن معدل وفيات الأطفال والإصابة بسرطانات الدم في مدينة الفلوجة العراقية نتيجة للقصف الأمريكي للمدينة، قد فاق معدلات الوفيات والإصابة التى حدثت في «هيروشيما وناجازاكي» بنحو 38 ضعفا.
 
هذا هو الواقع العراقي، الذي لم يحرك ساكن للمجتمع الدولي الذي يدعي أنه يحتكم إلى قواعد العدل، والذي لم يلتف أو يرحم «آلام أطفال الفلوجة» ولم يطبق حتى أدنى قواعده لمحاسبة القادة الذين ساهموا بشكل مباشر في الوصول بأطفال العراق إلى هذه الحالة. 
 
ولله الأمر من قبل ومن بعد..

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق