نوستالجيا رمضان الحلقة 8: المسحراتي.. «بيدن في مالطة»

السبت، 03 يونيو 2017 11:07 ص
نوستالجيا رمضان الحلقة 8: المسحراتي.. «بيدن في مالطة»
المسحراتي - أرشيفية
كتب عمرو حسين

«في هذه الحلقات نقدم لكم ذكرياتنا مع شهر رمضان عبر السنين، كثيرٌ من الأمور تغيرت، ليبقى منها فقط الذكرى، التي سنستعيدها معكم كل يوم طوال الشهر الفضيل».

على من تنادي؟

هل من أحد ينام لكي يصحو؟!

أجننت؟

هذه الكلمات تدور في أذهاننا حينما نرى المسحراتي في هذه الأيام، فالمهنة المتفردة التي شهدتها مصر طيلة حياتها ذهبت مع الريح، هذه الريح التي لم تُبقي منها إلا ذرات متناثرة تحاول الصمود دون جدوى.

يتبقى في ذاكرتنا الآن بقايا صورة رجل يرتدي جلبابًا يسير في الطرقات، ممسكًا طبلة صغيرة يقرع عليها، هذه الذاكرة المشوشة تلتقط كلمات دائمًا ما تلازمه "اصحي يا نايم وحِّد الدايم"، "اصحي يا نايم صحّي النوم"، "اصحى يا فلان واصحى يا فلان".

نلتقط بقايا من هذه الذاكرة لنرى أنفسنا صغارًا نفتح عيوننا في جوف الليل غير منتبهين، وتلتقط آذاننا صوت آباءنا وأمهاتنا يتحدثون مع المسحراتي لينادي بأسماءنا، هذه هي إشارة الاستيقاظ، نجري مترنحين نحو النافذة لنلقي نظرة على الرجل الذي يُسمِع الشارع بأكمله الاسم، "اصحى يا فلان".

نجد أيضًا ركنًا في هذه الذاكرة لتلك الأيام التي تًصادِف أن نكون فيها مستيقظين، لسبب نادر الحدوث بالتأكيد، هنا نستعد ونترقب قدوم المسحراتي بفارغ الصبر، على الرغم من استيقاظنا، لكن الأمر يتعلق بمناداة الاسم لا أكثر، هي المتعة الأعظم لكل الأطفال حينها.

أما الآن فمن سينادي هذا الرجل وقد استيقظ الجميع وقبعوا أمام التلفاز بالساعات، ومن لم يجلس أمام التلفاز ستجده في عمله يَكِد حتى يقتله التعب، الجميع الآن يغلق على نفسه بابه، لا يريد أحد أن يسمع اسمه في الشارع بعد الآن، لا أحد يريد المسحراتي بعد الأن.

يرد علينا المسحراتي مدافعًا: "بالأمس كُنتُ أناديكم كي تأكلون، وليومكم القادم تتجهزون، وبصوتي الجميل الذي ينادي أسماءكم تتوددون، ولقرعي للطبول تطربون..أما الأن وقد أصبحتم جميكم متيقظون، فانتبهوا لما وراء كلماتي جيدًا..عندما كنت أنادي بأن يصحو النائم فقد أدركنا رمضان، لم أكن أعني الاستيقاظ للأكل، بل الاستيقاظ من الغفلة، من أيامنا التي تسرقنا فلا ندري أين ضاعت فطرتنا، من خطايانا التي تُغرِقنا، عندما كنت أنادي أن تستيقظوا كنت أقصد العقول لا البطون، المشاعر والضمير والتقوى، لا ملذات الطعام..نعم أنتم الآن يقظة الأعين..لكنكم مازلتم غافلون".

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق