الأرض «السورية» تتكلم عربى

الإثنين، 05 يونيو 2017 05:30 م
الأرض «السورية» تتكلم عربى
عبدالفتاح على يكتب:

الأحلام المستحيلة فى سوريا، باتت تلوح فى مخيلة أصحابها، تداعب عقولهم، وتدغدغ قلوبهم، لكن ما بين المداعبة والدغدغة، أرض عربية قررت وبعد سنوات سبع من المذلة أن تتكلم بالعربية.
 
دانت الأرض لأكبر قوتين على الأرض السورية، الجيش وحلفائه، والأكراد ومَن وراءهم، وأخذت تلفظ، تجار العرض، ومرتزقة الريال، وعبدة الدولار، والساجدين لكل مَن يدفع أكثر.
 
32 كيلومترا يسبح فوقها الحلم الكردي، وهى المسافة بين قريتى «العريمة» آخر حدود القسم الشرقى للأكراد (الحسكة والقامشلى وامتداد غرب الفرات) و«شغالة» أول حدود القسم الغربى (عفرين).
 
30 % من الأرض السورية باتت فى حضن الأكراد، موزعة على قسمين، يتطلب وصلهما معجزة أولى (على جثة النظام التركي)، بينما الثانية تحتاج حربا قاسية وعنيفة، لفتح ممر يصل بين عفرين والبحر المتوسط (على جثة النظامين التركى والسورية).
 
الممر يتطلب حربا لانتزاع المسافة ما بين حريتان وجسر الشغور شمال إدلب، ثم حربا أعنف وأكثر ضراوة مع النظام السورى وحليفه الروسى لانتزاع 16 كيلو شمال اللاذقية من قرة كليسة وحتى البدروسية على البحر المتوسط.
 
خريطة الصراع الدائر الآن لا تمنع حدوث المستحيل، ولا تسمح بتحقيقه فى الوقت نفسه، إلا إذا قامت حرب ليس بالوكالة هذه المرة، بين روسيا وأمريكا وقتها سينهار حلف الناتو وسنكون فى قلب حرب عالمية ثالثة.
 
الدولة السورية باتت الوريث الأكبر لدولة «داعش» المزعومة والمصنوعة والمزروعة من أجل أهداف لن يجنيها زارعها، بل ستكون من نصيب حاصدها وهم هذه المرة الجيش السورى والأكراد.
 
الجيش السورى وحلفاؤه حاليا يسيطرون على ما يقرب من 35 % من الأرض السورية، أقل من 10 % انتزعوها من الفصائل المسلحة، و20 % كانوا يحتفظون بها منذ بداية الأزمة، و5 % انتزعت من داعش.
 
هذا هو الوضع الآن، لكنه وضع متحرك، سيستمر شهورا قليلة لتتبدل وضعية وراثة دولة داعش، على نحو لن يزيد رقعة الأكراد سوى على مساحات قليلة جدا، بعد انتزاع الرقة.
 
كانت الخطة الأمريكية تقضى بفتح ممر آمن للدواعش للخروج من الرقة لمواجهة الجيش السورى فى البادية، فيعيق تقدمهم، وهى الخطة البديلة لتلك التى فشلت فى فتح ممر آمن لهم من الموصل نحو البادية السورية ومنها إلى الجنوب حتى الحدود السورية الأردنية.
 
يقظة الإيرانيين أفشلت الخطة الأولى بتحريك الحشد الشعبى على الرقعة العراقية، وانتباه الروس للفخ الكردي أفشل الخطة الثانية، وستنتهى معارك البادية باكتساح للجيش السوري.
 
سيعبر الجيش نهر الفرات لأول مرة منذ ست سنوات، حتى بلدة «سعدة» على الحدود العراقية ومنه نزولا إلى «توصين» ثم «الشلبية» ثم «القائم» ثم وادى الولج، التى تبعد 50 كيلو من قاعدة التنف وفقا لقواعد الاشتباك الأمريكية فى القاعدة العسكرية عند منفذ «التنف» الحدودي.
 
فى هذا الوضع القريب، ستكون الوضعية الجديدة للجيش السوري، سيطرة على 60 % من أراضيه المسلوبة، ويتفرغ بعدها لأمور عديدة غاية فى الأهمية.
 
الأول: التفاوض عبر الروس لإخراج الأمريكان من معبر التنف، بعد منح الأردن تعهدا بإبعاد الميليشيات العراقية والإيرانية واللبنانية (الشيعية) عن المنطقة الواقعة على الضفة الأخرى من الحدود الأردنية.
 
الثانى: التفاوض مع الأكراد لمنحهم حكما ذاتيا، مقابل التراجع عن الأراضى التى ليس فيها مكون كردي، والذى يتواجد فقط على 20 % من الأرض السورية، وسيتخلى النظام عن مساحات فى الحسكة والقامشلي، مقابل الطبقة والرقة، والأرض الواقعة غرب نهر الفرات (منبج).
 
الثالث: التفاوض مع جيوب الفصائل المعارضة شمال حمص وغرب وشمال غرب العاصمة دمشق والتخلص من مرتزقة الفصائل فى بادية السويداء وريف دمشق.
 
الرابع: التوجه عسكريا نحو إدلب وريف حلب الشرقى وشمال غرب اللاذقية، مع فتح باب صغير جدا للمصالحات والمفاوضات التى يجب أن تنتهى بالاستسلام.
 
الخامس: إنهاء التواجد المسلح فى درعا وريفها، والوصول نحو حدود هضبة الجولان، فى واحدة من أصعب المراحل، والتى ستكتب الفصل قبل الأخير فى الحرب الأهلية السورية.
 
يتبقى منطقة الشمال الفاصلة بين منطقة الأكراد، والتى تحتلها تركيا، بمساعدة ميليشيات درع الفرات، لتكون المرحلة السادسة والأخيرة، ووقتها فقط سيكون التطبيع السورى والتركى على حساب الأكراد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق