قصة إنشاء التنظيم السري لـ «الإخوان» الذي حاول اغتيال عبدالناصر بالمنشية

الخميس، 15 يونيو 2017 05:48 م
قصة إنشاء التنظيم السري لـ «الإخوان» الذي حاول اغتيال عبدالناصر بالمنشية
جمال عبد الناصر
عنتر عبداللطيف

اتفق المرشد الأول لجماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا والحاج أمين الحسيني، مفتي فلسطين وقتها على تأسيس تنظيم خاص للتصدي لليهود والإنجليز خلال احتلالهم لمصر وفلسطين، إلا أن هذا التنظيم  انحرف عن فكرة مقاومة المستعمر ليرتكب العديد من الجرائم من قبيل محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى الإسكندرية عام 1954 فيما عرف بحادث المنشية، وهى الواقعة التي تناولها بالتفصيل الكاتب والسيناريست وحيد حامد في مسلسل الجماعة 2 المعروض على فضائية «أون تي في» وأثارت الكثير من الجدل.


 
حسن البنا

التنظيم الخاص للجماعة كان «شبه عسكري» وهي ظاهرة كانت منتشرة؛ فالتنظيمات العسكرية السرية كانت تابعة للكثير من الأحزاب السياسية من قبيل تنظيم القمصان الزرقاء التابع  لحزب الوفد، وتنظيم القمصان الخضراء التابع لمصر الفتاة.

يعد صالح عشماوي، هو قائد التنظيم السري بتكليف من حسن البنا قيادة النظام الخاص كما استطاع محمود عبدالحليم، أن يجعل من الطلاب العنصر الأساسي في تكوين التنظيم.

 

الهضيبى

التنظيم شبه العسكري جرى تقسيمه إلى مجموعات عنقودية صغيرة لا تعرف بعضها مع تلقينهم برنامجا إيمانياً وروحياً مكثفا، إضافة إلى دراسة مستفيضة حول الجهاد في الإسلام وذلك لغسل أدمغة هؤلاء الشباب.

في 16 يونيو 1941 انتقل محمود عبدالحليم للعمل إلى دمنهور ليعهد بتدريب الشباب على استعمال الأسلحة والأعمال الشاقة والمبالغة في السمع والطاعة في المنشط والمكره وكتمان السر إلى عبدالرحمن السندي.

 وفى عام 1948جرى فضح هذا النظام السري في قضية السيارة الجيب، بعد أن عثر البوليس السياسي على سيارة جيب بها جميع أسرار التنظيم الخاص، ومن بينها أوراق التأسيس والأهداف، وقدمتها حكومة النقراشي إلى محكمة الجنايات.

اطلاق
 

يقول علي عشماوي، الذي كان عضوا بهذا التنظيم السري في كتابه: «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين»، وهو الكتاب الذي جرى نشره مع الصعود السياسي للإخوان في مصر، عام 2005 بنجاح 88 من مرشحيهم لمجلس الشعب وتشكيل حركة حماس للحكومة في فلسطين: «جرت محاولتان لاغتيال عبد الناصر والاستيلاء على الحكم ( 1954 و 1965)».

وحدثت مواجهات دموية بين نظام يوليو والإخوان المسلمين بالفعل، وتم إعدام عدد من قيادات الإخوان في المناسبتين، وكان الذي يقود الإخوان المسلمين في محاولتي الانقلاب والاغتيال والاستيلاء على السلطة، تنظيم مدرب عسكريًا، من ذوي اللياقة البدنية العالية، وذوي التلقين العقيدي المتعمق، والمبرمجين على السمع والطاعة المطلقة، وكان هذا التنظيم شبه العسكري يعرف في صفوف الإخوان باسم «التنظيم الخاص»، وفي دوائر السلطة باسم «الجهاز السري». 


ناصر
 
 
يتابع عشماوى فى كتابه: «أن قيادة التنظيم الخاص كانت مخترقة من الأجهزة الغربية الاستعمارية وتعمل لحسابها، وأن جميع الأعمال الكبرى التى يتفاخر بها الإخوان فى تاريخهم قد تم تفريغها من نتائجها، فمثلاً حرب فلسطين التى يفخر بها الإخوان باستمرار، فإنهم لم يدخلوا إلا معارك قليلة جدًا فيها، ثم صدرت من الشيخ محمد فرغلى الأوامر بعدم الدخول فى معارك بحجة أن هناك مؤامرة لتصفية المجاهدين، ولكن هذا كان مبرره فى الأساس لحماية اليهود من إحدى القوى الخطيرة إذا استعملت، وتم تنفيذ الأوامر وظل الإخوان فى معسكرهم لا يحاربون إلى أن عادوا من فلسطين. وكان شباب الإخوان فى غاية التوتر و القلق لعدم اشتراكهم فى المعارك لدرجة أنهم اجتمعوا وقرروا أن الشيخ فرغلى قد خان و ينبغى تصفيته، وفعلاً قرروا ذلك لولا أن الخبر قد وصل إلى الشيخ فاجتمع بهم و شرح لهم الأمر وأطلعهم على الأوامر التى صدرت له من القاهرة وأسبابها. و مثلاً هناك واقعة حادث فندق الملك جورج بالإسماعيلية، وقد كان هذا الفندق يعج بالإنجليز و بالجواسيس فى جميع الأشكال، وقد أراد الإخوان ضرب هذا الفندق، ولكن حين تم التنفيذ تم إفراغ العملية من أى تأثير ضار بالإنجليز، وكان من نتيجة ذلك أن قتل منفذ العملية دون أدنى ضرر بالإنجليز».
محمود-فهمي-النقراشي


ويضيف عشماوى: «بدأت أراجع جميع أعمال الإخوان والتى كانوا يعتبرونها أمجادًا لهم بعد معرفتى بعلاقات العمالة والتبعية من بعض قادة الإخوان للأجهزة الغربية الصهيونية والتى أكدها لى المرحوم الأستاذ سيد قطب من أن عبد الرحمن السندى والدكتور محمد خميس، الذى كان وكيل للجمعية فى عهد حسن الهضيبي وأن أحد أصحاب المطابع الكبرى والذى كان أحد كبار الإخوان وكان عميلا للمخابرات الإنجليزية، و يقول إن الشئ الذى يتعب شباب الإخوان هو تفكيرهم الدائم فى الجهاد، وكان من السهل قيادتهم حين تحدثهم فى هذا الأمر. هكذا نرى الضرر الفادح الذى يلحق الساذجين الذين ينتمون إلى مثل تلك التنظيمات، فهم مخلصون وقادتهم عملاء يتصرفون فيه بلا آمان ولا رقابة ودون أى تقوى من الله الذى يبايعون الأفراد على طاعته والالتزام بأمره، فيطيع الأفراد ويضل القادة، ويستعملون الأفراد فى غير طاعة ولاخوف من الله».

يقول العشماوي: «والغريب أن الإخوان في العراق قد وقفوا مع الأمريكان في العراق وكان مندوبوهم متعاونين للغاية في مواجهة محاولة السيطرة على مقدرات العراق داعمين جميع خطط الأمريكان التيي تنفذ الآن، ومن التناقض أن يقف الإخوان في مصر ضد غزو العراق.. فمن نصدق؟ القادة المحليين أم قيادة الإخوان في القاهرة أم أنها السياسة التي لا مبدأ لها ولا أصول إلا البحث عن المصلحة والجري خلف السلطة. ولقد اكتوت السعودية أيضًا بنارهم الآن، فإن الذين يقومون بعمليات التفجير والقتل وإشاعة الفوضى هناك هم تلاميذ أساتذة الأخوان، ولقد صرح سمو الأمير نايف وزير الداخلية منذ مدة وجيزة أن وجود الإخوان بالمملكة قد أحدث أشد الضرر بالبلاد؟ ومثلما فعلوا بدول الخليج فعلوا ما هو أشد بالجزائر فلقد كانت جبهة الإنقاذ تقدم نفسها للعامة وعلى أنهم دعاة الإسلام المعتدل والتيار الوسطى لكنهم حين اختلفوا مع الحكومة و وجدوا أنهم لن يصلوا إلى هدفهم ألا وهو الحكم انقلبوا على الحكومة وعلى الشعب، وعلى الوطن وعلى جميع الناس البسطاء وبدأت رحلة القتل والنسف وإزهاق الأرواح، وتدمير اقتصاد الجزائر دون أن يهتز لهم جفن».

وتابع: «وقد ساهمت القيادة المصرية عن طريق أحد الدعاة الذي تولى منصب مدير الجماعة في الجزائر وقام بتربية الكوادر التي قامت بهذا القتل والتعسف والتدمير، والغريب أن جبهة الإنقاذ هي امتداد للإخوان المسلمين فى مصر، و لقد تميز العنف بالجزائر بنوع فريد وهو الهجوم على الناس الأبرياء وذبحهم ولا أدري أهذا نوع جديد من الجهاد فى سبيل الله، وبهذه المناسبة لقد انتشرت بشدة هذه الأنواع من الجهاد الجديد حيث السيارات المفخخة، التي تقتل المارة بدون جريمة ولا ذنب وهذا ما يحدث في العراق الآن كل يوم، وهو قتل العراقيين دون المساس بالمحتل وكذا في السعودية، ومؤخراً في الكويت، هل قتل الناس بدون هدف أصبح هو الحل إنهم يستبيحون الآخرين كل من ليس في الإخوان، حلال لهم دمه و ماله، وعلى هذا الأساس كانت استباحة دم كل من خرج عليهم أو انشق عن الجماعة، إنهم يتصرفون الآن وظهرهم إلى الحائط وليس أمامهم إلا السير في الطريق الذي رسمه الإخوان وينفذه مركز بن خلدون، إنه طريق إحداث الفوضى فهي تحقق عدة أهداف، إنها تربك الأمن وتكسر حاجز الخوف، وتشجع كل نائم أن يستيقظ ويهب للحركة ثم إنه قد يشجع بعض القوى الشعبية التي ترفضهم على الاقتراب منهم والتعاون معهم». 

التنظيم السرى للإرهابية كان قد ارتكب العديد من الجرائم منذ تأسيسه من قبيل الهجوم على النادي البريطاني، ونسف شركة الإعلانات الشرقية وتعطيل السفينة الإسرائيلية ببورسعيد وحادث القطار الإنجليزى وتفجير أقسام الشرطة بالقاهرة واغتيال الخازندار واغتيال النقراشي باشا الذي أمر بحل جماعة الإخوان.

اقرأ أيضا:

ماذا قال الإخواني محمود عبداللطيف عن محاولة اغتياله لعبدالناصر في حادث المنشية؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق