هل تضحى الولايات المتحدة بعلاقاتها مع السعودية من أجل عيون قطر؟

الثلاثاء، 20 يونيو 2017 12:10 م
هل تضحى الولايات المتحدة بعلاقاتها مع السعودية من أجل عيون قطر؟
الامير تميم بن حمد
شريف على

فى تصريحات صحفية للشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، وزير خارجية قطر، الذى رفض فيها التدخل العسكرى كوسيلة لحل الأزمة بين بلاده من جهة والسعودية ومصر والإمارات والبحرين من جهة أخرى، فى الوقت الذى تؤكد فيه تصريحات وزراء خارجية الدول المقاطعة لقطر أن الخيار العسكرى غير قائم، ولكن الواضح أن قطر ترغب فى تصعيد الأمور مع عدم وجود مؤشرات على أن قطر ستستجيب للمطالب الخليجية.

 

والواقع أن الأزمة الحالية تختلف عما تعرضت له منطقة الخليج من أزمات فى السابق، وقد تتجاوز تداعياتها مجرد الآثار السياسية والاقتصادية، بل إن البعض يرى أن تلك التداعيات قد تصل بالفعل إلى مواجهة عسكرية، ما قد يدفع بالولايات المتحدة وتركيا إلى اتخاذ قرارات صعبة بسبب تواجدهما العسكرى فى قطر.
 
تراهن قطر على وجود القاعدة الأمريكية التى تحتضن حوالى 10 آلاف جندى أمريكي، ولكن الاتهام الذى وجهه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لقطر بدعم وتمويل الجماعات الإرهابية، ومطالبته للدوحة بوقف هذا الدعم والتمويل يلقى بظلال من الشك على مدى الحماية التى توفرها تلك القاعدة لقطر. فقد تكون القاعدة مفيدة فى حالة تعرض قطر لعدوان خارجى من دولة مثل إيران. ولكن فى حالة نشوب نزاع مسلح بين السعودية وقطر، فإنه من المؤكد أن القوات الأمريكية ستأخذ موقفا محايدا من الأزمة. فمن الصعب أن تضحى واشنطن بمصالح ضخمة واتفاقات بلغت قيمتها خلال زيارة ترامب الأخيرة للسعودية أكثر من 380 مليار دولار، من أجل عيون قطر. وربما تبحث الولايات المتحدة عن بديل لقاعدتها فى قطر كى لا تخسر علاقاتها مع السعودية التى تمتلك نفوذا واسعا فى العالم الإسلامي، كما أن السعودية تعد شريكا أساسيا للولايات المتحدة فى جهود مواجهة النفوذ الإيرانى المتصاعد فى المنطقة. 
 
ومنذ الانسحاب الأمريكى من العراق تحتفظ الولايات المتحدة بتواجد عسكرى فى مناطق متعددة بمنطقة الخليج منها حوالى 15 ألف عسكرى فى الكويت موزعين على قاعدة أحمد الجابر الجوية، وقاعدة على السالم الجوية، ومعسكر عريفيجان الذى يستضيف حوالى 9 آلاف جندى أمريكي، كما تنشر الولايات المتحدة فى الكويت سربا من الطائرات المقاتلة علاوة على بطاريات صواريخ باتريوت، كما تستضيف الكويت مركز قيادة قوات الجيش للمنطقة المركزية الأمريكية وهو المركز المسئول عن العمليات البرية فى منطقة تبلغ مساحتها حوالى 4.6 مليون ميل مربع.
 
وفى الإمارات العربية المتحدة، تحتفظ الولايات المتحدة بما يقرب من 5 آلاف جندى أمريكى يتواجدون بشكل أساسى فى قاعدة الظفرة، وتتمثل المهمة الأساسية لتلك القوات فى تشغيل الطائرات المقاتلة وطائرات دون طيار وطائرات التزويد بالوقود فى الجو وطائرات المراقبة، ونشرت الولايات المتحدة مؤخرا طائرات F-22 رابتور المتطورة بقاعدة الظفرة، كما نشرت بطاريات صواريخ باتريوت للدفاع الجوى والصاروخي.
 
وفى عمان تحتفظ الولايات المتحدة بتواجد عسكرى بسيط لأى تجاوز 200 فرد معظمهم من القوات الجوية الأمريكية، ولكن يمكن للقوات الأمريكية بناءً على إخطار مسبق ولأغراض محددة استخدام قواعد جوية عسكرية عمانية فى مسقط وثمريت.
 
وفى البحرين تتمتع الولايات المتحدة بأقدم تواجد عسكرى لها فى المنطقة ويتمركز هناك 7 آلاف جندى هناك، حيث يوجد مقر الأسطول الخامس الأمريكى ومركز لأنشطة دعم البحرية الأمريكية ومركز قيادة القوات البحرية للمنطقة المركزية الأمريكية، ولهذا فإن أغلب التواجد الأمريكى هناك هو للبحرية الأمريكية، كما تحظى الولايات المتحدة بتواجد للقوات الجوية فى قاعدة الشيخ عيسى الجوية، حيث تتمركز طائرات F-16 وF/A-18 وطائرات P-3 للاستطلاع. كما أن ميناء الشيخ خليفة بن سلمان فى البحرين هو أحد الموانئ القليلة فى الخليج التى يمكن أن ترسو عليها حاملات الطائرات الأمريكية.
 
وفى السعودية، سحبت الولايات المتحدة غالبية قواتها المتمركزة هناك منذ عام 2003 ولكن لا تزال واشنطن تحتفظ بتواجد عسكرى جوى بسيط، علاوة على بعثة التدريب الأمريكية فى السعودية ومكتب مدير برنامج تحديث قوات الحرس الوطنى السعودية فى قاعدة الإسكان الجوية على بعد حوالى 20 كيلومترا من الرياض، كما رددت تقارير إعلامية أمريكية أن الحكومة الأمريكية تقوم بتشغيل قاعدة سرية للطائرات دون طيار فى السعودية لشن الهجمات على المتشددين فى اليمن.
 
وتمتلك الولايات المتحدة قاعدة عسكرية سرية فى جزيرة سوقطرة اليمنية بالقرب من سواحل الصومال وتستخدم تلك القاعدة فى أعمال مكافحة الإرهاب فى الصومال واليمن.
 
أما تركيا فمن المؤكد أن موقفها تجاه قطر سيكون مختلفا، حيث سارعت أنقرة إلى التصديق على الاتفاقية فى البرلمان التركى وأرسلت قوات رمزية لقطر، فى رسالة واضحة للسعودية والإمارات بأنها تأخذ صف قطر، ما سيؤدى فى النهاية إلى توتر علاقاتها مع الرياض وأبو ظبي، ومن المتوقع أن تنشر تركيا قوات بحرية وجوية فى تركيا وبقوة يصل قوامها إلى 3 آلاف جندى تركي، والمؤكد أن الهدف من تلك الخطوة هو تغلب كل من تركيا وقطر على العُزلة الإقليمية التى تعانى منها الدولتان. 
 
عسكريا، تأتى قطر فى المرتبة التسعين بين 126 دولة ضمن تصنيف موقع جلوبال فاير باور لأقوى جيوش العالم والذى يعتمد فى تصنيفه على عشرات العوامل منها بشكل مؤكد الثروة التى حسّنت من ترتيب قطر. 
 
ويشير الموقع إلى أن عدد السكان الإجمالى فى قطر سواء كانوا وافدين أو مواطنين قطريين يتجاوز مليونى وربع المليون نسمة بينما يبلغ عدد من يصلون لسن التجنيد سنويا إلى حوالى 12 ألف شخص، ويبلغ عدد أفراد الجيش القطرى حوالى 12 ألفا ولا يوجد لهذا الجيش الصغير قوات احتياط.
 
ويبدو تسليح الجيش القطرى هزيلا، فتسليح القوات البرية هو عبارة عن 92 دبابة فقط و464 مركبة قتال مدرعة علاوة على 24 مدفع ذاتى الحركة و12 قطعة مدفعية مجرورة و21 قاذفة صواريخ متعددة.
 
أما القوات الجوية فتمتلك 98 طائرة منها 53 طائرة نقل و28 طائرة تدريب، وحوالى 24 طائرة مقاتلة. ورغم أن الدوحة تمتلك 43 طائرة مروحية إلا أن هذا الرقم لا يشمل أى طائرات هليكوبتر مقاتلة، كما تمتلك قطر سلاحا بحريا هزيلا مكونا من 80 قطعة بحرية منها 69 قطعة بحرية صغيرة للدفاع الساحلي، والمؤكد أن تلك الأرقام تشير بما لا يدع أى مجال للشك أن أى مواجهة عسكرية مباشرة بين السعودية وقطر لن تكون فى صالح الأخيرة، خاصة أن السعودية تمتلك جيشا قويا إلى حد بعيد قوامه 235 ألف مقاتل و25 ألف جندى احتياطى و1142 دبابة و5472 مركبة قتال مدرعة و524 مدفع ذاتى الحركة و322 مدفع مجرور علاوة على 790 طائرة منها ما يزيد على 420 طائرة مقاتلة و227 طائرة هليكوبتر منها 21 هليكوبتر هجومية، فضلا عن قوة بحرية معقولة مكونة من55 قطعة بحرية منها 7 فرقاطات، كما يتوافر للجيش السعودى ميزانية دفاع ضخمة تصل إلى أكثر من 56 مليار دولار أمريكى سنويا.
 
ويرجح البعض أن دول الخليج التى قطعت علاقاتها بقطر وعلى رأسها السعودية قد لا تلجأ للخيار العسكرى مقابل العمل على ترتيب انقلاب داخل قطر على ضوء عناد النظام القطرى وعدم استجابته للمطالب الخليجية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق