من الدستور.. هل تُفرض الحراسة القضائية على النقابات المهنية؟

الأربعاء، 19 يوليو 2017 05:41 م
من الدستور.. هل تُفرض الحراسة القضائية على النقابات المهنية؟
محكمة القضاء الإداري
آية دعبس

نص الدستور المصري فى المادة 77 منه، على أن ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطى، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقاً لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية، ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوي نقابة واحدة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية في شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها.

لم تمنح تلك المادة الحصانة أو الشعور بالأمان الكافي للنقابات المهنية، فرغم وضوح نصها، مازالت النقابات تواجه بشكل مستمر دعاوي بفرض الحراسة القضائية عليها، فبعضها حالفها الحظ في الخروج من بين فكي الحراسة كنقابتي الصيادلة والتجاريين، وأخري مازالت الحراسة تسيطر على كيانها كنقابة المهن العلمية، ونقابات باتت أقرب إلي الوقوع فريسة بين مخالب الحراسة كنقابة أطباء الأسنان، وهنا كان لابد من طرح سؤال «كيف لنص دستوري صريح، لا يحمى النقابات المهنية من الحراسة القضائية؟».

وللإجابة علي السؤال، قال الفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى، :«مازال يتم بالفعل فرض الحراسة القضائية على النقابات، فاللأسف هناك بعض القضاه إما أنهم لا يعلمون بوجود النص الدستورى، إما البعض الأخر فيعلم ويتم الدفع أمامه بالنص ولكنه يتعمد إغفاله، لذا فأننا نجد أن بعض الأحكام تصدر بالمخالفة لأحكام الدستور، لكنها أحكام تعد مُنعدمة وباطلة».

ووصف الإسلامبولي، تلك المشكلة بالكبيرة، قائلا:« لدينا نصوص بالدستور تتعلق بالنقابات المهنية، إلا أنه يتم نوع من أنواع إزدراء الدستور من قبل الحكومة، ومن قبل بعض المحاكم والقضاة، وهي مشكلة تعكس إما أن هناك توجيه من الحكومة فى هذه الأنواع من القضايا، أو أن هناك تعمد للإضرار بهذه النقابات وتصفيتها»، مؤكدا أن احترام الدستور وخضوع الدولة للقانون والدستور هو أول مهمة ينبغى أن تكون فى أي دولة تدعي أنها تلتزم بالدستور، وأي خروج عنه يعد خروج عن الشرعية الدستورية.

وتعليقا على نص قوانين النقابات، بمنح الحق للجهات الإدارية بالإشراف عليها والطعن على انعقاد عمومياتها، قال الإسلامبولي:« هناك نصوص قانونية كثيرة جدا أصبحت تتعارض مع الدستور القائم، وكان لابد من وجود لجنة لتنقية تلك القوانين، وإزالة ما يتعارض بها مع النصوص الدستورية الجديدة، لكن للأسف البرلمان غائب عن هذه المهمة، وللأسف أيضا نجد أن البرلمان فى وادي، والحكومة فى وادى، والدستور فى وادي أخر».

حديث الفقيه الدستوري، ونص المادة 77، لم يختلف عما نص عليه حكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة، فى الدعوي رقم 1251 لسنة 2014، والتى قضت فيها بإيقاف الحراسة القضائية على نقابة الصيادلة، حيث نص الحكم على أن الدساتير المصرية المتعاقبة حرصت على النص على كفالة الحق فى تكوين النقابات وذلك وفق عبارة نص المادة 55 من دستور 1956، ونص المادة 41 من دستور 1964، ودستور 2012 الذى أكد فى مادتين منفصلتين على حرية وديمقراطية التنظيم النقابى واستقلاله.

وتابعت:"ثم جاء دستور 2014 ليؤكد ذات المبدأ بما نص عليه فى مادته رقم 76 و77، ومن حيث إنه يبين من مقتضى مراحل التحول الدستورى فى مصر أن المشرع الدستورى واتساقا مع المواثيق الدولية التى تعظم دور الجمعيات والاتحادات والنقابات، أكد استقلال التنظيم النقابى وعدم جواز تدخل الجهات الإدارية فى شئونها وعدم جواز فرض الحراسة عليها، وترتيبا على ذلك كان الحظر التام لفرض الحراسة عن النقابات المهنية بات واضحا لا لبس فيه، وأن الحالة الوحيدة التى يجوز فيها صدور حكم قضائى هى حل مجلس الإدارة فقط".

وأضافت المحكمة فى حيثياتها، إن محكمة النقض استقرت فى أحكامها على عدم جواز فرض الحراسة على النقابات العامة باعتبارها من أشخاص القانون العام، إضافة إلى أن ذلك الحكم يلحق بالنقابة ضررا محدقا يتمثل فى تأثيره على الخدمات الاجتماعية والمهنية التى تؤديها النقابة لأعضائها.

أما القضاء المستعجل، فقد كان له رأي أخر، فقد أكدت محكمة الأمور المستعجلة فى حيثيات أحكامها بفرض الحراسة على النقابات، أن فرض الحراسة جائز بحكم قضائى، مؤكدة أنه من المستقر عليه فقهيا إنه يجوز فرض الحراسة القضائية على النقابات والجمعيات والمؤسسات الخاصة، إذا قام نزاع بين أعضائها وبين القائمين على شئونها، وإذ استفحل الخلاف بين أعضاء نقابة وبين هيئة إدارتها، وتبين أن الغرض الذى أنشئت من أجله، وهو القيام على مصالح العمال قد أصبح مستهدفا للخطر وأصبحت موارد النقابة معرضة للضياع.

فيما يوضح عصام الإسلامبولي، أن الاختلاف بين توجه القضاء الإداري والمستعجل نتيجة إلي أن الأول يلتزم بمقتضى ما نص عليه الدستور، والثاني قد يستند في حكمه بالحراسة إلي ما تم الدفع به أمامه فقط، مشيرا إلي أنه في حال وجد عضو من أعضاء النقابات المهنية وجه من أوجه القصور، يصبح من حقه سحب الثقة من ممثليهم فى مجلس الإدارة، أو اللجوء إلى القضاء الإداري باعتباره الحارس الحقيقي للحقوق، والاحتكام إليه فى استمرار مجلس إدارة النقابة، مؤكدا على ضرورة تعديل وتحديث قوانين النقابات المهنية بما يتماشي مع الدستور، حماية لحقها فى استقلاليتها.

 

اقرأ أيضا

نقيب أطباء الأسنان: الخلافات بين مجلس النقابة تسببت في تجميد أرصدتها بالبنوك

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق