تفتيت الدولة.. الدبلوماسية المصرية أحبطت مخطط توريط القاهرة في ليبيا

الجمعة، 28 يوليو 2017 02:53 م
تفتيت الدولة.. الدبلوماسية المصرية أحبطت مخطط توريط القاهرة في ليبيا
ليبيا
محمد الشرقاوي

على مدار 6 أعوام، بدت هناك محاولات جادة لإدخال الدولة المصرية، في صراعات عسكرية خارج حدود الوطن، وبالأخص في الجزء الغربي منها دولة ليبيا، في ظل التوتر المستمر، وحرب الميليشيات المسلحة على مدار السنوات الماضية.

المتابع للمشهد الليبي، يرى أن الحدود الغربية للدولة، مثلت تهديدات مباشرة للداخل المصري، في ظل تناوب السيطرة على الأراضي الليبية بين الميليشيات المسلحة وتنظيم داعش الإرهابي، وهو ما دفع البعض إلى استدعاء التدخل العسكري المصري في الداخل الليبي، لإعادة السيطرة على الأوضاع الأمنية.

الدولة المصرية التزمت موقف الحياد، مع الدولة الليبية ولم تعلن حتى الآن عن موقف صريح تجاه الفرقاء الليبين، غير أنها تبنت محاولات جادة لإحلال السلام في المنطقة بعيدًا عن التدخل العسكري من قبل الجيش المصري.

في حال استجابت الدولة المصرية للتدخل العسكري، فإنه يصب في صالح مخططات إضعاف الجيش المصري، فالميليشيات المسلحة ثبت بالدليل القاطع أنها ممولة من قطر، فالدوحة دفعت ملايين الدولارات دعماً لتلك الميليشيات، غير صفقات السلاح، التي عقدتها الدوحة، وتم تهريبها إلى ليبيا عن طريق ممرات فتحها الإرهابيون في الجزء الجنوبي من ليبيا والسودان ودول تشاد والنيجر، وبعض المحاولات من البحر المتوسط.

ليس من صالح مصر استمرار تأجج الأوضاع في ليبيا، غير أن قطر أشعلت فتيل الفتنة بين الفرقاء الليبيين، فأنفقت ما يزيد عن 3 مليارات دولار منذ انطلاق عمليات فجر ليبيا نهاية عام 2014 وحتى وقت قريب، بحسب مواقع  ليبية، كما أنها سهلت دخول كميات كبيرة من السلاح، عبر مطارات طرابلس ومصراتة لدعم مقاتلي فجر ليبيا، وأن ضباطاً قطريين كانوا في غرف قيادة العملية بطرابلس لتقديم المشورة والدعم اللوجستي.

وقالت المواقع إن قطر هي المسؤول الأول، عن حالة الانقسام السياسي في البلاد من خلال سيطرة فجر ليبيا، على غرب البلاد، وإعادة المؤتمر الوطني كواجهة سياسية، لافتة إلى أن المخابرات القطرية، لم تكف عن العبث بليبيا حتى بعد انهيار هذه الميليشيات، مضيفة أن الدوحة عمدت إلى التحالف مع المجموعات الإرهابية كالإخوان المسلمين، من خلال تمكنيهم سياسيًا، موضحة أن التنظيمات الإرهابية في بنغازي ودرنة وأخيرًا سرايا الدفاع عن بنغازي في «الجفرة» على صلة مباشرة بالمخابرات القطرية. كما أن الدوحة كانت على صلة بتنظيم داعش في سرت وبنغازي.

حتى عام 2015 فشلت كل المحاولات لجر الدولة إلى تدخل عسكري، ونجحت قوات المنطقة الغربية في وقف منع كافة التهديدات بطول الخط الحدودي الليبي.

ارتأت تلك الأيادي القطرية أنه لابد من دخول مرحلة جديدة لجر الدولة المصرية إلى التدخل العسكري، وبالتالي كان نقطة الصدام، هي استهداف المصريين، ففي تاريخ 15 فبراير 2015، تم ذبح 21 مصريًا مسيحيًا من قبل تنظيم داعش الإرهابي، غير أن الرد المصري جاء عنيفًا، حيث أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي شن ضربات جوية مكثفة على مواقع للإرهابيين في ليبيا، وكانت تلك بداية التدخل العسكري المصري في ليبيا، فالدولة أعلنت أنها لن تتهاون في حق أبنائها.

لم تتدخل الدولة عسكريًا ثانية، حتى تاريخ 26 مايو من العام الجاري، بعد تكرار عمليات استهداف المنشئات المسيحية في المحافظات، وبالتالي ارتأت القيادة السياسية ضرورة شن ضربات مكثفة على مواقع للإرهابيين في «درنة» باعتبارها المعقل الرئيسي المصدر للإرهابيين إلى مصر، وذلك بناء على معلومات مخابراتية وعسكرية.

على مدار سنوات الأزمة، كان للدبلوماسية المصرية جهود متواصلة لحل الأزمة الليبية، فاستعادة الاستقرار لليبيا هي هدف تسعى إليه مصر، من خلال اجتماعات جمعت الفرقاء السياسيين في ليبيا، فمصر في العام 2016 لعبت ولا زالت تلعب دورا كبيرا في ليبيا وباتت مقصدا للوساطات الدولية في هذا الملف.

تلك الجهود أكدها المشير خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة الليبية، قال: بدون دعم مصر لسقطت ليبيا، فالجيش المصري أفشل خطط الإخوان في مصر وليبيا، والرئيس عبد الفتاح السيسي وقف بقوة ضد المخططات الإرهابية، مضيفًا: لولا ما قدمته مصر لنا ما كنا نستطيع أن نقف على أرجلنا مرة أخرى، فالعلاقات المصرية - الليبية تاريخية وقديمة.

وأكد «حفتر» أن مصر علاقتنا بها ليس كعلاقة الدول الأخرى، مصر دولة جارة وعلاقتنا بها أكبر من علاقات الجار، لأنها وقفت معنا وساندت الشعب الليبي في أزمته منذ البداية، مشيرًا إلى أن مصر، وقفت سياسيًا أيضًا مع ليبيا في المحافل الدولية كافة، مؤكدًا أن مثل هذه المواقف ليس غريبة على مصر مع ليبيا وشعبها.

الجهود الدبلوماسية المصرية، نجحت في إقناع الدول الأوربية، بضرورة الحل السلمي للأزمة الليبية، وهو ما بدا مؤخرًا في زيارة وزير الخارجية سامح شكري، إلى باريس بالتزامن مع اللقاء الذي عقده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع كل من المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي و رئيس حكومة الوفاق فايز السراج و الذي أسفر عن إصدار بيان مشترك أكد فيه الجانبان التزامهما بوقف إطلاق النار وإجراء انتخابات بأسرع وقت في ليبيا.

وأجرى وزير الخارجية لقاءين منفصلين بباريس مع المشير حفتر وفايز السراج و هنأهما على نتائج اجتماعهما بفرنسا والتي تمثل خطوة هامة لحلحلة الأوضاع في ليبيا ورأب الصدع بين مختلف الأطراف.

وبحسب مراكز بحثية، فإن السياسة المصرية تجاه ليبيا سارت في اتجاهين، الأول: سياسي، ويقوم على عدم الاصطدام مع المجتمع الدولي الذي كان يتبنى رؤية مغايرة للرؤية المصرية وظهر ذلك بوضوح في عدم معارضة مصر لاتفاق الصخيرات، الذي يقوّض صلاحيات القوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر رغم انسجامه مع مصر، كما لم تعترض القاهرة على تشكيلة الحكومة التوافقية والمجلس الرئاسي، الذي يضم عناصر محسوبة على التيار الديني المتشدد.

والاتجاه الثاني وهو المسار العسكري وينطلق من مبدأ أن تأمين القاهرة داخليا، يستوجب تأمين حدودها الغربية مع ليبيا حتى لا تكون مرتعًا للجماعات الإرهابية والتيارات المسلحة لاسيما بعد نزوح عدد غير قليل من أعضاء تنظيم داعش الإرهابي إليها.

إذ تتمحور الرؤية المصرية تجاه الأزمة في ليبيا في لم شمل مختلف القوى السياسية الليبية ودعم اتفاق الصخيرات والعمل على تفعيله بعد الجمود الذي أصاب تنفيذ بنوده على نحو عام قامت خلاله الأطراف الليبية بتشتيت جهودها فى قضايا فرعية بعيدا عن قضايا جوهرية.

بالتالي فشلت كل المحاولات القطرية والإرهابية لتشتيت جهود الدولة المصرية وقوة جيشها في ليبيا، بما يؤكد نجاح الدبلوماسية المصرية بشكل كبير.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق