أسوأ الكوابيس.. اجتياحات حلفاء روسيا حلفاء أمريكا فى توقيت واحد

الأحد، 06 أغسطس 2017 09:00 ص
أسوأ الكوابيس.. اجتياحات حلفاء روسيا حلفاء أمريكا فى توقيت واحد
عبدالفتاح على يكتب:

فى هذه البحيرة الكبيرة، تلتقى أهم وأخطر وأشرس الأسلحة فى العالم، ومن هذه المنطقة، سيكتب صاحب النفوذ دوره فى كتاب التاريخ، ويحصل على نصيبه من الثروات فى كتاب الجغرافيا، ويمسك بخيوط التحكم فى مصائر كوكب الأرض فى كتاب الفلسفة.
لهذا أدركت روسيا خطأ الصمت «الانتقامى»، على قرار مجلس الأمن بالتدخل العسكرى فى ليبيا، ومن ثم إسقاط القذافى لإعطاء ظهره لموسكو.
 
فكان التدخل العسكرى فى سوريا بعد 2013، وقت أن قرر الغرب والخليج، تغيير النظام السورى على الطريقة الليبية.
تصويب الخطأ الكارثى كان بداية لتغيير قواعد اللعبة، وتدشين مرحلة أولى لخطة حماية المصالح الروسية «المتعاظمة» فى العالم، من أهم بقاع الأرض، البحر المتوسط.
 
هناك هدفان استراتيجيان لروسيا، الأول تحدّى هيمنة الولايات المتحدة فى الشئون العالمية، وكان المتوسط نقطة الانطلاقة الساخنة، والثانى مساعدة ممثل المصالح الروسية «نظام بشار الأسد» فى حربه ضد أعداء المصالح الروسية «المتطرّفين الإسلاميين وداعميهم».
 
هناك ثلاث مصالح روسية فى الشرق الأوسط، الأولى العمل على إنهاك الولايات المتحدة استراتيجيا، الثانية تحقيق توازن اقتصادى بعيدا عن الاعتبارات الأيديولوجية، الثالثة ضبط العمليات الأمنية التى تحكمها قواعد الجغرافيا والديموجرافيا.
 
عندما تضع روسيا قدمها فى البحر المتوسط فإن السيطرة على الشرق الأوسط، تدنو كثيرا، لأنه أهم المناطق البحرية الاستراتيجية، ويأتى بعده الخليج العربى، والبحر الأحمر، بات لروسيا حليف قوى فى الأولى «إيران»، وتنتظر منفذا للولوج نحو الثانية «مصر».
لروسيا مصالح فى محيط اليمن، لكنها لم تتدخل فى الحرب هناك بفاعلية، ليس «عشما» فى تقارب مع الرياض، بل لأن التدخل، ليس عرقلة قرار فى الأمم المتحدة، أو الحصول على حفنة وعود سعودية.
 
التدخل يحتاج استراتيجية، تحدد الهدف، وتضع تكتيكات للتنفيذ، ومن أهم دعائم التدخل وجود قوة عسكرية حاضرة تفرض من خلالها حصتك من المصالح المتعارضة «روسيا قررت بناء عدة حاملات طائرات دفعة واحدة».
 
أى منطقة خارج الشرق الأوسط، تحتل أهميتها المرتبة الثانية، فللروس 5 قواعد عسكرية خارج أراضيها، فى أرمينيا وبيلاروسيا «فى مواجهة الناتو» وفيتنام «فى مواجهة الأسطول السابع الأمريكي»، وكازاخستان «لتأمين بحر قزوين» وطاجيكستان «لمواجهة الوجود العسكرى الأمريكى فى أفغانستان وباكستان».
 
لكن هذه القواعد لا تكفى لمواجهة قوة جبارة كالولايات المتحدة، ولا تجبر القوى الإقليمية الصديقة «الصين والهند» على احترامها بالشكل الكافى.
 
الأمريكان يفوقون الروس فى العالم بأساطيل وقواعد عسكرية، وهو أمر تدركه موسكو بالطبع، لكن قبل أن تبنى الأساطيل، وتسعى لإقامة قواعد عسكرية، يجب أن تكون هناك مصالح تحتاج ذلك.
 
قبل عشر سنوات كانت أوكرانيا، أهم بلدان العالم بالنسبة لروسيا، لذلك تدخلت أمريكا بقوة فيها، ومنها خنقت الاقتصاد الروسى الذى كاد يتعافى.
 
لم تكتف موسكو بقطع الإصبع الذى يؤلمها، لكنها قفزت فوق التوقعات، نحو المجابهة التى تسبق المواجهة مع الأمريكان، فقضمت القرم، وتجرعت كأس الخسارة «المليارية» فى مشاريعها الاستراتيجية مع كييف، ولعبت بطريقة الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، فى سوريا.
 
بعد ذبول ورقة أوكرانيا بالنسبة للروس، أدرك الأمريكان أن إعادة صياغة خريطة تقاسم المصالح فى العالم، هى أفضل وسيلة لمحاصرة الروس، للتفرغ للتنين الصينى.
 
المفاجأة أن الروس أنفسهم ناوروا فى المفاوضات، أملا فى نصيب يزن رحابة خططهم المستقبلية، لا أن يخنقها ضيق خطط الحاضر، كما يأمل الأمريكان، الذين اعتقدوا أن التقاسم الآن يمنحهم ثلاثة أرباع ثروات العالم، وأن الدب سيرضى بالجزء الأكبر من الربع المتبقى يتشاركه مع «البريكس».
 
وبالرغم من أهمية أوكرانيا وبقية دول أوروبا الأرثوذكسية «أغلبهم أعضاء حلف الناتو»، كمنطقة نفوذ لروسيا، إلا أن الأمريكان لن يخضعوا بسهولة دون أن تنتزع منهم نصيبا من منطقة نفوذهم الأهم، الشرق الأوسط، لتفاوض به فيما بعد.
 
من الممكن أن تحرق الولايات المتحدة أوراقها فى أوكرانيا، ومن المحتمل أن تخضع لفشلها فى سوريا، وقد تقبل بتفسخ حلف الناتو الذى بات عبئا على الخزانة الأمريكية، لكنها لن تتنازل عن ثلاثة أمور، الأول أن يظل الخليج ومحيطه تحت النفوذ الأمريكى المطلق، وأن تقف حائلا بين التقارب المصرى الروسى، وأن تنسف الجسر الرابط بين بكين وموسكو.
 
لكن ما الذى تملكه واشنطن، لتقدمه لموسكو، مقابل المحرمات الثلاثة، القرم فعليا تحت السيادة الروسية، أوكرانيا لم تعد تمثل الحديقة الخلفية لروسيا، تحرشات الناتو لم تعل كونها أكروبات غير مثمرة، العقوبات الاقتصادية، باتت تجلد الأصدقاء «الأوروبيين» أكثر من الأعداء «الروس».
 
الأهم من كل هذا، روسيا تجنى مكاسب فرعية وفيرة، وهى فى طريقها لاغتنام المكسب الرئيسى، الذى بات قريبا، فلماذا ستترك الحصاد الوفير، وبأى مقابل؟
 
الأمريكان بين خيارين كلاهما مر، الأول: الاعتراف بالحق الروسى المنتزع، وخسارة الأوروبيين، وضعف الحلفاء الخليجيين، مقابل أن يتوقف قطار الطموح الروسى «إذا توقف».
 
الثانى: الاستمرار فى المواجهة، دون أى ضمانة للحفاظ على المحرمات الثلاثة، فأسوأ الاحتمالات، اجتياحات التوقيت الواحد، طهران تبتلع الخليج، وبيونج يانج الجنوب الكورى، وحزب الله الشمال الإسرائيلى، والميليشيات الروسية الغرب الأوكرانى، وأشياء أخرى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة