السادات ليس ماضيًا.. ولا حاضرًا

الخميس، 05 أكتوبر 2017 05:01 م
السادات ليس ماضيًا.. ولا حاضرًا
عبدالعزيز السعدنى يكتب :

شخص في عمري لم يعِ عهدين، هما الأبرز حتى الآن، في تاريخ الجمهورية المصرية، لم أشهد سوى 21 عامًا في عهد مبارك ما له وما عليه، بداية من تنحيه عن مقاليد الحكم في 11 فبراير 2011، والتاريخ- الذي أتحدث عن مقتطف منه- هو خير - على الأرض- قاضيًا ولست أنا، ومرورًا بحكم آمل أن يصنع فارقًا في طريقه لصناعة مجد جديد، كما فعل الزعيم جمال عبد الناصر وبطل الحرب والسلام محمد أنور السادات.

من لم يقرأ التاريخ لا يفهم الحاضر ولا يستشرف المستقبل.. ففي ذكرى حرب عزة وكرامة شعبنا بحثت كثيرًا، ورغم خوفي من الوقوع في فخ ما لم يمكن توثيقه بأي دليل أو شاهد أو غيره، ولا يمكن أن أكذب أو أتجمل حتى أجزم قولاً بأنني أصبحت مُلِمًا بجميع نواحيها مع الوضع في الاعتبار لحكم ما قبلها وما بعدها لمدة لا تقل عن 10 سنوات على نفس الترتيب.

ولكن حاولت- قدر استطاعتي- أن أسلط الضوء على شيء مختلف، وهي كلمة بطل حرب أكتوبر وبطلنا جميعًا، الرئيس الراحل السادات، عن مفجر ثورة 23 يوليو، الزعيم الراحل- جسدًا فقط- جمال عبد الناصر، في ذكرى الأربعين لوفاته.

واخترت هذه الفقرات تحديدًا لأنها قبل أي نصر؛ لكي أحاول إبراز ماذا فعل جمال ورجاله من إعطاء دروس الإصرار ؛ على الكرامة، الحرية، الوطنية، والاستشهاد- طواعية لا إلزامًا- من أجل تراب هذا الوطن، وأردفت- أيضًا- قولا على كل جُملة نطقها السادات المُفوه لسانًا والمرهق كعدوٍ في أرض المعركة، في حق بطل ثورة يوليو، محاولةً- متواضعة لا ترقى لشخصه- مني أن أرد له ذرة- وإن كانت أقل- من الفخر الذي أشعر به حتى أن ألقى ربي.

إن كان «جمال» أثبت أنه أيقظ أمة واكتشف طريقًا، فأنت من مهدته وأنرته بنور العزة والكرامة.. وإن كان دفع الأمة إلى مجرى التاريخ العالمي، فأنت من أرهقت يمناك في تسطيره حتى وُضع في مناهج أمم غيرنا يُدرَّس لأجيال متعاقبة ما فعلته أمتنا.. وإن كان حرَّك ثورةً، فأنت من أطفأت نيرانها حتى أعمى رمادها أعين عدونا الأبدي المتعجرف.. وإن كان أرسى معانيًا وقيمًا وآمالًا لم تكن من قبله، فأنت من حققتها على أكمل وجه كما تمنى أن يحققها وأكثر، وبقيت وستبقى خالدة يفخر بها الأجيال أبد الدهر.

وإن كان «جمال» سببًا في إيجاد أنفسكم (الضباط الأحرار)، فأنت كنت نتيجة معادلة لا تقبل حَلَّيْنْ، على أرض ثابتة استحقت أن تولد، وتستحق الدراسة في مناهج الأمم.. وإن كان مكتشفًا أدواركم، فأنت تستحق- وعن جدارة- دورك كبطل خالد في أذهان أمة باقية، كنت «ونعم الدور.. ونعم العزة.. ونعم الشموخ.. ونعم النهاية كشهيد».. وإن كان جمال خير القادةً، فأنت خير خلفًا ونصيرًا ومحبًا للسلام.. وإن كان حقق- في يوم كمثال- لأمته ما لم تحقق غيرها بمثل هذه السرعة، فأنت أركعت عدوًا متباهيًا في 6 ساعات بدهائك.

وإن كان «جمال» الصعيدي،  وضع بذرة الأفكار الجديدة من أقصى الصعيد، فأنت كنت خير مستقبلا لها على مقربة من الدلتا، واستطعت أن تحصد الأفضل فيها.. وإن كان هو من ألهم وحمى الثورة، فأنت من جعلها ملحمةً يتغنى بها الأعداء قبل الحلفاء.  

وإن كان «جمال» نموذجًا حيًا ومثالا لجيل الضباط وما تلاه، فأنت نعم الرجل الثاني أو بمعنى آخر «التلميذ» الذي تفوق على «أستاذه».. وإن كان- في الوقت نفسه- الدرع والسيف وفاتح الطريق، فأنت كنت المحارب المتفرد كعبقرية- عبقرية فقط في تشبيهي منعًا للمزايدة- خالد بن الوليد في فنون إدارته لمعاركه سواء بالسيف أو السلام.

وإن كان لـ«جمال» الفضل في دوره كرائد عظيم في صراع الحياة على أرض المحروسة من أجل ترابها، فأنت من زينته- أقصد الصراع- بسلام عظيم رغم أنف الحاقدين الذين يخططون لمستقبلهم أسفل أقدامهم!، وأرهقت كل محاولات قراءة الفاتحة على مصر وترابها وجيشها العظيم وشعبها المتمرد وطنيةً لا غير ذلك.

وإن كانت مبادئ «جمال» خالدة.. فانتصارك له المثل.. وإن كانت أعلامه متقدمة، فما لك يرفرف حتى الآن، وإن كانت أمته مصممة، فما زالت على العهد وذكر الفضل حتى قيام الساعة.

تحية إلى رجل الحرب والسلام وتاريخنا المعاصر، إن أمعنت النظر- حبًا لا شماتة- ستجد تاريخ مصر على ملامح وجهه بتفاصيل سنوات عجافها قبل سمانها.. وإن كنت عشت عهدك لناصرتك، وإن عاصرت يوم استشهادك لبكيت حزنا على مصر بعد فقدانك، كل هذه الكلمات لن تكفيك حقك أو تضيف إلى تاريخك شيئًا.. وأدعو الله لك أن ينعم قبرك بالسلام الذي أبقيتنا فيه حتى يومنا هذا ويكون شفيعًا لك.

 نهاية القول.. نكران الجميل من شيم اللئام.. فـ«جمال» لم يمت، والسادات لم يمت، وكل مَنْ حارب لأجل تراب هذا الوطن لم يمت، سواء نصرًا أو هزيمةً، فالاثنان في سبيل بقاء الوطن الذي نعيش فيه الآن، وكل من عاد إلى أهله شهيدًا أو لم يعد، حتى الآن، لم يمت، وإن أنكرنا الفضل ولم نعترف بما فعله هؤلاء، كنا الموتى ضميرًا، وهم الأحياء تاريخًا وذكرى وفخرًا وعند ربهم.

وإن أصريت بعد نهاية هذه الكلمات على قولك أو رأيك، فأنت لا تستحق هذا الوطن، ونحن زائلون حتى في كتب التاريخ، وتظل شخصياته أبطالا ليست في حاجة إليك أو إليّ، أتمنى أن نصنع الفارق في وطننا مثل هؤلاء وأن يذكرنا التاريخ لا الأشخاص بالخير. 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق