"صوت الأمة" تنشر مقالات طلاب جامعة القاهرة لمناقشة وثيقة الثقافة والتنوير (1)

الإثنين، 30 أكتوبر 2017 04:30 م
"صوت الأمة" تنشر مقالات طلاب جامعة القاهرة لمناقشة وثيقة الثقافة والتنوير  (1)
رئيس جامعة القاهرة

تنشر "صوت الأمة" مجموعة من المقالات لعدد من طلاب وخريجي جامعة القاهرة، يناقشون من خلالها وثيقة جامعة القاهرة للثقافة والتنوير، والتي أطلقها الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة، قبل أسبوعين بحضور قيادات الجامعة، وعدد من قادة الفكر والإعلام في المجتمع على رأسهم الدكتور حسن الببلاوي، والإعلامي مفيد فوزي، وعلاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام، والكاتب الصحفي محمود مسلم، والدكتورة إيناس عبدالدايم رئيس دار الأوبرا المصرية، والدكتور مراد وهبه، والكاتب يوسف القعيد، والدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، والدكتور سامي عبدالعزيز الخبير الإعلامي وعميد كلية الإعلام، والدكتور مصطفى الفقي، والدكتورة ماريان عازر، والدكتورة رشا إسماعيل.

يكتب المقال الأول حسام علاء، خريج آداب فلسفة بجامعة القاهرة، وحاصل على دبلوم التنمية الثقافية بالجامعة، بعنوان "جامعة القاهرة وبناء الإنسان المصري"، وكان كالآتي:

FB_IMG_1509367127088
حسام علاء

 

بعد أن عانت مصر طيلة الفترة السابقة من ندرة السياسات العامة المعلنة وخصوصًا السياسة الثقافية للدولة، حتى في الأوقات التي قدر فيها أن يكون هناك وزراء لديهم سياسة ثقافية؛ لم تكن سياستهم هذه معلنة، لكن الآن أصبح لدى مصر سياسة ثقافية معلنة ومتاحة للجميع ضمن استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي بداية النصف الأول من العام السابق، والتي أحدثت حالة من النقاش والاهتمام من قبل المتابعين وذوي الصلة.
 
 
لكن المفاجأت لم تأتي هذه المرة فرادى فقد أدهشتنا جامعة القاهرة ووضعت بين أيدينا في الأيام القليلة الماضية وثيقة جامعة القاهرة للثقافة والتنوير، وكأنها سياسة ثقافية خاصة لمؤسسة تعليمية وتثقيفية عريقة نشأت في السابق بمبادرة من مثقفين ومستنيرين مع بداية القرن العشرين، وها هي الآن تستعيد هذه اللحظة التاريخية وتنطلق منها مرة أخرى بجعلها جامعة للثقافة والعلوم، والبوابة الرسمية لإنفتاح الإنسان المصري على كل ما أنتجته الحضارات الأخرى في شتى المجالات والحوار حولها.
 
 
ولذلك فإن أول ماذكرته وثيقة جامعة القاهرة للتنوير في مقدمتها هو "بناء الإنسان المصري" وهو الهدف الذي دارت حوله مباديء هذه الوثيقة، حيث اعتبرت الوثيقة أن "بناء الإنسان المصري" هو التحدي القائم أمام تحقيق التنمية والتنوير في مجتمعنا، وهو الأمر الذي يستلزم - وفقا للوثيقة - الاعتماد على مناهج حديثه من أجل الوصول إلى التفكير العقلاني والإبداعي.
 
 
ويبدو أن جامعة القاهرة عازمة في هذه المرحلة وبعد مرور 110 عام على انشائها على "بناء الإنسان المصري" فعليا؛ فهي لم تقتصر في وثيقتها على تحديد الهدف فقط بل ذكرت أنها تعتمد في ذلك على بناء بيئة تعليمية تحفز روح الاكتشاف لدى منتسبيها من طلاب وعاملين وأعضاء هيئة التدريس، وهو الأمر الذي نرجو أن نجد صداه على أرض الواقع في أقرب وقت من خلال البرامج والمشروعات والأنشطة والمسابقات البحثية والثقافية وكذلك الفنية التي تنمي الوجدان وتكشف لنا المواهب والطاقات الكامنة في الشباب فهم الثروة الحقيقية التي يجب أن نبدأ من الآن الاستثمار فيها.
 
 
ويسعى مجلس جامعة القاهرة للثقافة والتنوير، الذي يترأسه فيلسوف معاصر، ويضم مفكرين ومبدعين ومؤرخين وتربويين وإعلاميين وكتاب وأدباء ومديرين مؤسسات ثقافية فاعلة ونواب من مجلس الشعب، إلى تلبية متطلبات عصر الحداثة والتنوير، ومن هذه المتطلبات؛ تحول جامعة القاهرة إلى جامعة من الجيل الثالث لفتح المسارات أمام بناء الإنسان المصري لمواكبة التطور واللحاق بركب التقدم، حيث تجمع جامعات الجيل الثالث بين التعليم والبحث العلمي وتوظيف المعرفة في التنمية، والتي منها بطبيعة الحال تنمية الإنسان المصري ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، ولذلك نجد الوثيقة تنص ضمن بنودها على التمكين التكنولوجي لعناصر الجامعة.
 
 
لقد وعدت جامعة القاهرة الإنسان المصري -تحديدًا الطالب المصري- في وثيقتها للتنوير، بتنمية فكر ريادة الأعمال وإدارة المشروعات والبرامج التدريبية للإعداد لسوق العمل، والتوجه نحو العالمية والتوأمة مع جامعات الجيل الثالث والتحول نحو اللامركزية والأخلاق العالمية.
 
 
إن الإنفتاح على تجارب الآخرين والإطلاع على التيارات العالمية -كما نصت الوثيقة- في الثقافة والعلوم وشتى المجالات في حد ذاته بناء للإنسان المصري يجعله إنسان قادر على فهم العالم من حوله وبالتالي تقبل اقرانه في أنحاء العالم والتعايش السلمي مع بني وطنه.
 
 
وفي الوثيقة تأكيد على عديد من المباديء التي تحكم هوية الجامعة وتحدد مسارات عملها، منها التأكيد على هوية مصر المستنيرة ومدنية جامعة القاهرة، والتأكيد على حق الإختلاف، وتنوع الفكر، وتقبل الآخر، وقيم التعايش.
 
 
كما حددت الجامعة في وثيقتها مفهوم التنوير بوصفه ممارسة عقلانية تقترن بالجرأة على استخدام التفكير العقلاني النقدي بعيدًا عن التفكير الواهم بإمتلاك الحقيقة المطلقة.
 
 
ومن ثم خرجت الوثيقة من خصوصيتها للجامعة إلى المجتمع فدعت الوثيقة إلى تأسيس تيار عقلاني عربي مقاوم للإرهاب والتطرف والرجعية والأصوليات الجامدة التي تدعو إلى إبطال العقل في فهم الواقع أو فهم النصوص الدينية. كما دعت لتكوين خطاب ثقافي وديني يعتمد على التأويلات العقلانية.
 
 
ورغم كل ذلك إلا أن السياسة الثقافية لمصر ووثيقة جامعة القاهرة للتنوير، هي خطوات أولية لايجب علينا التوقف عندها بل علينا العمل على أخذ خطوات تالية وهي تحويل هذه السياسات والمباديء إلى برامج ومشروعات وأنشطة، وتفعيل دور المجتمع المدني، وإشراكه في ترجمة هذه السياسات والمباديء إلى برامج عمل ترتبط باحتياجات الإنسان المصري وواقعه من أجل الوصول إلى إنسان مصري يتمتع بالثقافة الحقيقية التي تجعله قادرًا على استعادة دوره في بناء الحضارة والتأثير في محيطه ونشر قيم الخير والعطاء.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق