وسط عالم يموج بالصراعات

الخميس، 09 نوفمبر 2017 12:19 م
وسط عالم يموج بالصراعات

وسط عالم عربي يموج بالصراعات .. وسط دماء وشهداء وأرامل ويتامي ونزاع لايبدو له نهاية خاصة مع إستمرار الأزمة العالمية وتجارة السلاح الرائجة وأكاذيب إعادة الإعمار التي تلي مقتل قابيل لأخيه هابيل في أراضينا العربية ..

وسط كل ذلك يبدو نورا يلوح في الأفق لا يعلم احد هل هو حقيقة ام انه مثل مختلف أنواع السراب التي لاحت سابقا وما إن وصلنا لها حتي أدركنا أنها (لا شيء).

مؤتمر داعي للسلام ..هذا الذي لا يقوي عليه إلا الاقوياء الأحرار الشجعان ذوي القلوب السليمة والعقول اليقظة الحرة ..

لا أعتاد  أخذ الأمور الشديدة الجدية, بإستخفاف ..

فالسلام كفمهوم هو الأساس الذي جاء به محمد عليه افضل الصلاة والسلام.. والذي يشوهون وجهه الآن الجماعات الإرهابية مدّعية أن الإسلام إنتشر بالسيف .. والسيف لم يذكر- ولو لمرة واحدة -في قرآننا الكريم ..

وتتفاجيء أن علم الدولة السعودية الشقيقة كُتِب عليه (لا إلا إلا الله ) ومعه (سيف ) ..أي إفتراء هذا علي دينك يا رسول السلام يا من بدأت دعوتك من أجل أن يعم السلام هذا العالم !!

وتأتي جماعة الإخوان ممارسة نفس الإفتراء, بوضعها سيفان في شعارها ومعه  الآية القرآنية الكريمة:

( وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة)  .. تاركة الآية التي تليها في نفس سورة الأنفال :

( وإن جنحوا للسلم فأجنح لها وتوكل علي الله )..

معني جنحوا في المعجم اللغوي هو مالوا .. مجرد إمالة تجاه السلام .. هذا ديننا ..لا نقاتل إلا من إعتدي علينا بغيا وعدوانا وظلما ..ولا يوجد ظلم اكبر من أن تشهر سلاحك في وجه أخيك بهدف تمكين كاذب وإسلام مزيف ..

 ذلك أن نفسك غير مزكاة تجاه قيم الخير والحق والجمال والحب والبر.. تلك التي جاء بها محمد صلي الله عليه سلم ليتمم مكارم الأخلاق ..

فكم من قلبٍ غليظ  غير سليم وغير مزكي, قرأ القرآن فلم يجد فيه إلا وحشة قلبه وغلظته .. وكذلك كانت ومازالت كل الجماعات العنصرية الإرهابية بغض النظر عن مسمياتها المتعددة ..

أما عن عقلية الإرهابي فهي (عقلية البديلين ) .. (عقلية إحنا ولا هما )

1-تلك التي ( يري فيها نفسه ) بلا هوية شخصية .. يري نفسه  دوما جزء من جماعة ما .. لا يري نفسه ابدا مستقلا .. ثقته بنفسه منعدمة كإنسان مستقل وبالتالي هو بلا رأي ولا كيان إلا عندما يُعرِّف نفسه تحت مسمي (جماعته )

2-يري (  الآخر ) فقط ليضع له تصنيف  .. كأنه عبوة أو زجاجة توضع علي الرف مع ما يشبهها ..مع إن الإختلاف هو طبيعة خلق الله للإنسانية جمعاء

 من يختلف معه ولو نصف في المئة هو إذن (عدوه ) ويهدد وجوده ..

                                                                                                                    3-ولذلك فهو يتفاعل معه إما بالدفاع عن جماعته  او الهجوم .. مستخدما القدرة الدفاعية التي خلقها الله للإنسان والمرتبطة بإندفاع هرمون الأدرينالين في التعامل مع هذا الآخر (المختلف العدو )  

فإنسان الغابة الاول كان يدرك خطر هجوم الأسود عليه ..فينطلق مندفعا لكي يقتل الأسد قبل أن يفتك به وباسرته.. أو إذا ما ظن بقدراته الدفاعية ضعفا, فر هاربا محتميا بإحدي الكهوف ..  

**هل تدركوا كيف إذا ما وُظِف هذا الميكانيزيم الطبيعي للتفاعل مع الخطر وأصبح هو طريقة التفاعل بين البشر ؟

بالتأكيد المصير هو حروب ونزاعات لا نهاية لها إلا بأحدهما مقتولا والآخر قاتلا

أو إذا لم يصل الأمر للحرب .. فسيتغلب أحدهم علي الآخر في ساحة معركة الحياة .. فيمقته بشدة .. والآخر يغلبه الكِبر ..وفي النهاية التفكك المجتمعي والعالمي بالتالي يكون هو النتيجة المنطقية لكل هذا الكره

هل ينتهي العالم إذن ويفني أم ان هناك فرصة أخري بمفهوم جديد ؟

مفهوم يستطيع به هذا العالم المتنازع, أن يحيا متكاتفة أجزائه مع بعضها البعض ؟

مفهوم (البديل الثالث ) .. فبين كل ضدين يقع مفهوما ثالثا ..وسطيا .. لكنه بعيد كل البعد عن الحلول الوسط المائعة .. هو شيئا جديدا مبتكرا يُولد عندما اؤمن بأن أنا وأنت ننتمي للإنسانية ..لنفس ذات الأب والأم (آدم وحواء ) ..

 هو ليس تنازلي ولا تنازلك ..بل هو وصولنا (معا ) لأرضية مشتركة تحقق السلام لكلينا معا  .. وقد كان "أشوكا" واحدا من أهم القادة الذين قادوا العالم نحو السلام ..بعد أن كان لقبه (أشوكا- الشيطان )

كالينجا تلك الارض التي أستباح أشوكا في بداية حياته دماء مواطنيها, مدمرا ارضها منذ ألفي عام ..فأصابه الرعب مما فعله  فقضي باقي الثمانية وعشرين عاما المتبقية في حكمه مسافرا عبر أنحاء إمبراطوريته التي أمتدت من بلاد فارس إلي تايلاند , لكي يرسي فيها قواعد السلام والتسامح وضبط النفس  ..

كان يجتمع بشعبه ليتعرف عن مشاكلهم عن قرب ..كان يعلمهم مباديء إدارة الذات وقيادتها وضبطها بعيدا عن الشهوات التي تتملكها فلا تتركها إلا وقد أصبح الصراع بديلا عن التكامل في كل حياتنا معا  ..

لم يشن أشوكا اي حرب جديدة بل كانت الهند تحت فترة حكمه أكثر عصورها سلاما وإزدهارا ..ويطلق المؤرخون علي فترة حكمه أنها (واحدة من أنصع الفترات في تاريخ البشرية ) ..وبعد ذلك بأكثر من عشرين قرنا, قام غاندي بإرساء سلاما جديدا بقوة حكمته وقوته كإنسان منضبط رحيم ..

إذا كانت مباديء  حقوق الإنسان تبدأ بالعيش الكريم .. فإن أول حقوقه التي تُسلب منه الآن هي الحياة نفسها  ..أن يبقي حياً يرزق دون أن تغتاله يد الإرهاب تحت أي مسمي .. فكل الجماعات المتطرفة قاتلة للحياة وللإنسان ..

إذا لم يدرك العالم حتي الآن حاجته ليقف متحدا من أجل السلام .. ومن اجل حق الإنسان في الحياة دون إرهاب .. فحمدا لله إن شباب مصر مازالو بخير ليقفوا متحدثين أمام كل العالم عن خيارا ثالثا وبديلا للصراع ..

تقدم مصر يدها من أجل السلام .. وتقدم شهداءها من أجل الدفاع عن حق المصري والعالم في الحياة دون إرهاب .. فهل من مجيب للدعوة !!

وأتسائل متي سنبدأ في بناء عقلية الطفل علي البديل الثالث (السلام ) .. بدلا من عقلية الصراع ( نحن أمام هم ) ؟؟ ..

حتي إذا ما استقر الامر بدأوا في بناء مصر نحو السلام ومفاهيم عصر الحكمة ..هذا الذي يطل ملحا علي أرجاء العالم بصوته الخفيض الحكيم الداعي لإرساء مباديء الوسطية المتوازنة بين القلب السليم والعقل المدرك ..

بين كل الأضداد التي تقاتل بعضها بعضا حتي وإن كانت مازالت في مهد الفكر ..

وحدهم الضعفاء هم من لا يدركون للحب قيمة, ويظنونه مائعا مثل مواقفهم الوسط البعيدة عن حقيقة مفهوم (الوسطية )

فالحب قوة وسلاح به تستطيع دوما أن تغزو العالم, إبتغاء سلامه ..

ولكن هل من قلوب وعقول قادرة علي إدارته وتنفيذه (فيسلم ) العالم من كل تطرف ؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة