ذكرى فنان لن ننساه..

الخميس، 21 ديسمبر 2017 11:12 ص
ذكرى فنان لن ننساه..
منى فوزى تكتب:

سبع سنوات مرت على رحيل الفنان العبقرى حجازى رسام الكاريكاتير على الرغم من رحيله إلا أن نصائحه ما زالت تلازمنى مثل البوصلة التى أدرك بها الخطأ من الصواب، رسوماته وحتى الآن تهدينا وتضحكنا وتبكينا أحياناً.
 
السياسة كانت تشغله وتجعله يتساءل كثيرًا عن الفقر والفقراء
 
بدأ عشقه للرسم منذ أن كانت هناك فى المدرسة حصص لأنشطة: التمثيل الغناء الرسم الخطابة الصحافة.. يقول: عشت حياتى ممتناًّ للمدرسين الذين غرسوا فىّ حب اللغة العربية والقراءة
 
وبحكم أننى كنت من نفس المجلة التى ينتمى لها «صباح الخير»، فسمحت لنا الظروف والأيام من أن نلتقى كثيرًا، نتجالس ونتجاذب أطراف الحديث، يبدأ يومه فى الخامسة صباحًا وفى السابعة يكون فى المجلة، وهو نفس الوقت الذى كان أبى الروحى حسن فؤاد يذهب فيه إلى صباح الخير، ولأننى أدرك أننى أمام شخصية غير عادية، فقد كنت أحرص على أن أستيقظ مبكرًا أو أذهب معه، حتى لا يفوتنى ساعات الصباح مع الفنان حجازى، حيث أتعلم منه الكثير والكثير.
 
(لم يكن فناننا يمنح وقته ببساطة وسهولة لأى شخص قد يصيبه بالاكتئاب، وإنما كان شديد الحماس للشباب.. وذلك حتى آخر أيامه عندما انتقل ليعيش فى المنيل بعد إقامته فى الزمالك، كان يفتح باب منزله للزوار ومن حق أى شخص أن يأتى إلى حجازى فى ذلك اليوم، وحتى عندما انتقل إلى طنطا كان أصدقاؤه يتكبدون عناء السفر إلى هناك من أجل أن يجالسوه ولو لساعات، الذى كان عادة ما يكون الثلاثاء.. وفيما عدا هذا اليوم لا يسمح لأحد أن يباغته بزيارة مفاجئه، حتى التليفون كان يرد عليه فى الساعات الأولى من الصباح فقط.
 
ولد حجازى فى الأسكندرية من عائلة فقيرة، فقد كان والده يعمل سائق قطار، وذلك فى مايو 1936.. فكان هذا أول درس له فى حياته.. خالط البسطاء من الناس حوله فاستطاع أن يدرك تفاصيل وخبايا الشخصية المصرية بكبريائها وحزنها وفرحها، انتقل من مدينة الى أخرى بحكم عمل والده فقد انتقل بعد الأسكندرية إلى طنطا.. وكان شقيقًا لست أطفال (خمس بنات وولدين).. كل منهم ولد فى محافظة مختلفة.. الا أن طنطا كانت لها الفترة الأطول من حياته، كان يعيش فى قرية ضيقة اعتبرها وهو لا يزال طفلاً خلاصة فقر الدنيا وبؤسها، أدرك كذلك حجم الظلم الذى لا يتصوره أحد، فيقول: كنت أذهب إلى المدرسة بملابس قديمة جداً فى الوقت الذى أجد فيه زملائى وأصدقائى يرتدون أفخم الملابس وأغلاها ثمنًا».. ما زال حجازى يتحدث: «فعندما كنت أذهب لزيارة أحد أصدقائى فى منزله كنت أجد عالمًا خياليًا مثل الذى نراه فى الأفلام الأمريكية آنذاك.. حيث كانت السيارات الفارهة تأتى إلى المدرسة تصطحبهم إلى المنازل».
 
بدأ عشقه للرسم منذ أن كانت هناك فى المدرسة حصص لأنشطة: التمثيل، الغناء، الرسم، الخطابة، الصحافة.. يقول: عشت حياتى ممتنًّا للمدرسين الذين غرسوا فىّ حب اللغة العربية والقراءة، الرسم على يد مدرس التربية الفنية لدرجة أنه وأصدقاءه كانت لهم محاولات فى الرسم والكتابة، وكانوا يطبعونها ويصدرونها فى كتيبات صغيرة».
 
وعلى الرغم من معاناة الفقر.. إلا أن السياسة كانت تشغله وتجعله يتساءل كثيرًا عن الفقر والفقراء، وكانت رسوم الفنان رخا تولد بداخله السعادة، ثم كانت رسوم الفنان عبدالسميع فى روز اليوسف، هزته وحركته وخاصة رسوماته عن الملك فاروق، وحذائه الذى يقبله الوزراء، وخاصة قضايا الفساد والنظام والاحتلال».
 
وهنا قرر الشاب حجازى أن ينتقل إلى القاهرة لأسباب كثيرة أهمها ألا يكون عبئًًا على أسرته الفقيرة، وأن يصبح فى يوم من الأيام رسامًا وبالتحديد فى روز اليوسف فترك لعائلته خطابا قصيرا بهذا المضمون ورحل إلى القاهرة بعد أن أخبر صديقه المقرب له «إسحاق قلادة» فقرر هو الآخر الرحيل مع زميل عمره.
 
وهناك فى القاهرة وصل محطة القطار ومنها إلى مجلة «التحرير» ولحسن حظه استقبله الفنان حسن فؤاد، حيث كان المشرف الفنى للمجلة.. وكان حسن فؤاد معروفًا آنذاك باكتشافه المواهب الجديدة، فأعجب الأستاذ برسومات الشاب الصغير، فمنحه فرصة أن يرسم بعض الموتيفات الصغيرة، ثم تناوب رؤساء التحرير «ثروت عكاشة»، «سامى داوود»، «أحمد قاسم جودة» «وعلى الدالى»، ويؤكد حجازى أن حسن فؤاد كان المسئول عن تطوير المجلة فى تلك الفترة، إلى أن ترك الأستاذ مجلة التحرير إلى روز اليوسف لإصدار مجلة صباح الخير عام 195.
 
وهناك اصطحب حسن فؤاد، الشاب الطموح إلى «صباح الخير» وعرفه «بأحمد بهاء الدين» رئيس التحرير آنذاك، «وإحسان عبدالقدوس» فقدموه إلى السيده روز اليوسف ثم كان تعيينه.. ويقول الشاب الصغير كنت أرسم رسومات تعبيريه بعناوين كبيرة مثل «أثقال الحياة»، «الألم»، «دموع امرأة»، وكانت رسومات ساذجة على حد قوله.. فقد كان يتصور أنه سيصبح رسامًا تعبيريًا، إلا أن «حسن فؤاد» بحسه الفنى العالى وجه حجازى الى رسم الكاريكاتير فى وقت كات الشاب الصغير مبهورًا بعمله مع الكبار من كتيبة «صباح الخير»، «صلاح جاهين»، «جورج البهجورى»، «رجائى».
 
ومرت السنوات وأصبح حجازى من أشهر  رسامى الكاريكاتير فى مصر والعالم العربى.. وعلى الرغم من الشهره والتألق، إلا أنه لم ينس حارته الضيقه التى تعلم وأدرك فيها معنى البؤس والفقر والعوز، فاهتم بسلوكيات الشخصية المصرية بأدق تفاصيلها، والمتابع لرسومات حجازى سيكتشف أنه كان يشعر بالسخرية من حياة أهل البذخ الخالية من أى جوهر إنسانى، كانت رسومات حجازى السياسية لا ترسم شخصًا بعينه دائمًا أو ترصد حاله بعينها، حالة يعيشها الوطن، الانتهازية السياسية وكشف حقيقة الطبقة الجديدة.
 
ولذلك عاش حجازى حياة بسطية جدًا فى المنيل ثم إلى طنطا كانت رحلته من المنيل إلى شارع قصر العينى يقطعها سيرًا على الأقدام فيقابل بائعى الفول وبائعى الجرائد والخبز كل هذه النماذج التى أثرت فى روحه ونفسه تأثيرًا عميقًا، كان شديد الارتباط بهذا الطقس الذى يبدأ به يومه ليصل إلى مجلة «صباح الخير» وقد أدرك ماذا سيرسم.
 
كان فناننا الكبير من الشخصيات التى لن تتكرر ولا يمكن أن تجود الأيام بمثله، لأنه فنان لا ينسى.
ع السريع
الموسيقار «أمير عبدالمجيد» ملحن وعازف متميز جدًا.. لم يأخذ حقه فى بلده مصر.
«محمد قنديل» أقوى صوت فى القرن الحالى والسابق..
«نيللى كريم».. تستحق لقب فنانة بكل جدارة.
فنان اختلف، فكانت شهرته وتألقه.. «حسين الجسمى». 
«لطيفة»، و«سميرة سعيد» صوتان أشتاق إليهما فى كل جديد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة