"الظاهرة الرحبانية".. خبايا مسيرة نصف قرن

الإثنين، 25 ديسمبر 2017 11:58 ص
"الظاهرة الرحبانية".. خبايا مسيرة نصف قرن
فيروز

صدر دار بيسان للنشر، كتاب "الظاهرة الرحبانية.. مسيرة ونهضة" للكاتب اللبنانى هاشم قاسم، والذي يستعرض فيه تجربة الرحبانية وموقعها على مدى نصف قرن.

وإذا كانت حياة الثنائي عاصى ومنصور الرحباني، معروفة للقاصي والداني، فإن الكاتب يدخل إلى زوايا جديدة لم يتطرق إليها الباحثون من قبل.

ففى معرض مروره على منزل عاصى ومنصور فى بلدة أنطلياس الواقعة بمحافظة جبل لبنان، يقول الكاتب إن والدهما حنا الرحبانى كان أحد قبضايات المنطقة ومطاردا من قبل السلطة العثمانية، وقد استأجر المقهى المعروف بفوار أنطلياس وكان يعزف على آلة البزق بين أصحابه وأفراد عائلته ومن بينهم طفلاه عاصى ومنصور.

ويضيف الكاتب: وُلد الرحبانيان فى بيت قديم كانت تملكه أمهما سعدى لكن العائلة بسبب ظروفها الصعبة عاشت تتنقل من بيت إلى آخر، ويعلّق منصور على ذلك بالقول: تشرّدنا فى منازل البؤس كثيراً، سكنّا بيوتاً ليست ببيوت، هذه طفولتنا أخوتى وأنا".

وحسب الكاتب فان عاصى كان ناجحا فى دروسه أما منصور فقد كان فاشلا فى المدرسة وكان يدفع ثمن فشله بأن يبقيه المعلم داخل الغرفة ويغلق عليه الباب لساعات عدة.

ومع اشتداد الحرب العالمية الثانية انتقلت العائلة الرحبانية إلى منطقة ظهور الشوير، وهناك كان عاصى ومنصور يقتربان من الطبيعة أكثر ويمتزجان بأحراشها وحيواناتها وصخورها ويشتمّان رائحة البارود المختلطة برائحة الزهر.

ويقول منصور حسب ما ينقل عنه الكاتب "كنا نجلس عند التخوم والمنعطفات والجلول ونتجول سيرا على الأقدام، وهناك تعرفنا على أسماء كثيرة وملامح شخصيات سبع ومخول التى عرفها جمهور الخمسينيات والستينيات.

"أما النزاعات بين أهالى المنطقة فهى من العوامل التى أثّرت فى تكوين شخصيتنا الفنية وكانت تتحول النزاعات أحيانا إلى مشادات ومعارك بالأيدى والمعاول فى إطار الخلاف على اقتسام المياه بين المزارعين، وهو ما ظهر فى شخصية شيخ المشايخ بين أهالى القاطع المختلفين على توزيع المياه فى مسرحية جسر القمر".

ويروى الكاتب أن الوالد حنا كان أمياً، إلا أنه "كان يروى فى فوار أنطلياس قصائد كاملة لعنترة بن شداد وهو باع طنجرة من المقهى ليشترى بثمنها ديوان عنترة".

وبعد وفاة الوالد أصدر الرحبانيان مجموعتهما الشعرية الأولى بعنوان (سمراء مها) قبل أن يدخلا الإذاعة اللبنانية ويتعاونا ويتعرف عاصى إلى الصبية الخجولة نهاد حداد التى أصبحت فيما بعد المطربة الشهيرة فيروز.

ويدخل الكاتب هاشم قاسم إلى منزل فيروز المتواضع فى زقاق البلاط فى بيروت ليصف للقارىء أسلوب حياة فتاة "مترددة ترتدى البلوزة والتنورة وتعيش غريبة عن أحلام الصبايا إذ كانت رغباتها وأمنياتها تتجمد عند عتبة المنزل، ولم يكن متاحا لها فرص الخروج إلى المجتمع سوى تلك الزيارات الطويلة إلى منزل جدتها ليزا البستانى فى بلدة الدبية.

"ولأن قلقها كان يتركز على إبعاد الفقر عن عائلتها الصغيرة فقد أقدمت على العمل فى سن مبكرة واشتركت فى الرابعة عشرة فى برامج الأخوين فليفل الإذاعية".

أثمر زواج فيروز من عاصى الرحبانى العديد من الأعمال الفنية التى كانت حبيسة الحكاية لدى الأخوين رحبانى لكن الكاتب يربط روعة هذه الأعمال بمزاج فيروز ويقول نقلا عن عاصى "بقدر ما تكون نفسيتها مرتاحة يكون أداؤها أبهى أداء أما إذا كانت مشوشة وأعصابها متعبة فيتعذر العمل معها".

وعن الأعمال الفنية والزواج والعائلة يقول قاسم ناقلا عن فيروز فى مراحل سابقة "الزواج صعب بين البسطاء والعاديين فكيف بيننا. بيتنا بيت صعب وأولاد هذا البيت تعذبوا كثيرا، عائلتنا مثل التراجيديا الإغريقية، الفرح فيها وقتي، الأساس فيها الحزن والألم.. فرحنا المؤقت كان الحلم، الحزن كان الحقيقة".

ويستعرض الكاتب المراحل العائلية العصيبة التى مرت بها فيروز إذ أن ابنها "هالي" يعانى من مرض اليرقان الحبشى الذى أفقده الحركة ووالدتها توفيت فى سن الثانية والأربعين وزوجها عاصى أصيب بالجلطة الدماغية قبل وفاته فيما توفيت ابنتها ليال جراء المرض نفسه.

وينقل الكاتب عن فيروز كلاما تشير فيه إلى تجاربها ومعاناتها على مر السنين قائلة "قيل فيها الكثير إلا الحقيقة .. أنا من أصدقاء الصمت، سألونى فى مصر عن شعورى بالغناء أمام أبو الهول قلت أبو الهول صاحبى من زمان وأنا من أقربائه، أحبه لأنه صامت".

يقع الكتاب فى 384 صفحة من القطع الوسط وهو صادر عن دار بيسان وعرض فى معرض بيروت الدولى للكتاب فى وقت سابق من ديسمبر كانون الأول فى بيروت.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق