الجمعيات العمومية للنقابات المهنية "مشروع فاشل"

الإثنين، 25 ديسمبر 2017 12:57 م
الجمعيات العمومية للنقابات المهنية "مشروع فاشل"
نقابات - أرشيفية
آية دعبس

تعد الجمعيات العمومية للنقابات المهنية، السلطة الأعلي في حسم أمور النقابات، وذلك طبقًا لنص قانون تلك المؤسسات بمختلف تخصصاتها، وهو ما يجعلها سلاح ذو حدين، ففي يدها تحقيق تغييرا جذريًا، أو تحديد مصير مهنة أعضائها، أو أن تساهم فى إحكام سيطرة الجماعات أو التيارات التي تشكل مجالسها.

إضافة إلى قدرة تلك الجمعيات على إزاحة مجالس بأكملها بمجرد سحب الثقة منها، ومحاسبتها قضائيًا، وذلك كله يتوقف على مدى إدراك ووضوح مجريات وخفايا اتخاذ القرارات داخل كل نقابة مهنية، بالنسبة لأعضائها، وطرق طرحها عليهم.

ولعل ما تشهده نقابة المهندسين، في الوقت الحالي، خاص بالأزمة الواقعة بين النقابة العامة وفرعيتها بالأسكندرية، أبرز وأقرب دليل على ذلك، فبعد مرور حوالى 9 أشهر على إعلان النقابة موافقة جميعتها العمومية والتي تم عقدها فى مارس الماضي، على ميزانية النقابة لعام 2016 وكل ما جاء بها، كشفت المهندسة سمر شلبي رئيس نقابة الأسكندرية، أن العمومية وافقت على الميزانية رغم ما بها من أخطاء، نتيجة لتوزيع تفاصيل الميزانية على أعضاء العمومية فقط أثناء دخولهم إلي قاعة التصويت، ما حال دون إلمام الأعضاء بتفاصيل الميزانية وبنودها.

ونتيجة لأنه ليس من الضروري أن يكون أعضاء العمومية المشاركين بعمليات التصويت، جميعهم ملمين بالأمور الحسابية، وعدم إطلاعهم على الأمور الإجرائية والإدارية بالنقابة، لم يلتفت أعضاء عمومية نقابة المهندسين، إلي بند العهدة الخاص بالنقابات الفرعية، والذي أكدت رئيس النقابة الفرعية، أن هناك 37 مليون جنيه، تم إدراجها كعهدة عليها رغم سدادها لذلك، الأمر الذي ساهم فى تخفيض حجم العجز الكلي فى الميزانية من 102.7 مليون جنيه إلى 47 مليون.

ورغم القرارات التي اتخذتها النقابة العامة ضد المهندسة سمر، وإحالتها للتحقيق لإعلانها وجود أخطاء بالميزانية، مبررة ذلك بأنها خالفت الأعراف النقابية بالاستئذان من أعضاء المجلس الأعلي قبل اتخاد إجراءات قانونية، لم تنف النقابة العامة برئاسة المهندس طارق النبراوي، وجود خطأ بالميزانية التي تم التصويت عليها، وبناءًا عليه اتخذ إجراءات ضد عدد من المحاسبين المشاركين بإعداد الميزانية، وأكد أنه سيتم الإشارة إلي ذلك الخطأ وتصحيحه فى العمومية المقبلة، المقرر لها مارس المقبل.

نقابة المهندسين ليست وحدها، ففي الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية في 2015، طرح الدكتور محي عبيد، نقيب الصيادلة الحالي، التصويت على رئاسته للاتحاد بدلًا من نقيب الأطباء، وذلك نتيجة لرغبة نقابته في ذلك الوقت في الانفصال عن الاتحاد، أو علاج سيطرة نقابة الأطباء عليه، ونتيجة لعدم إلمام أعضاء الجمعية العمومية لنص قانون رقم رقم 13 لسنة 1983 بشأن اتحاد نقابات المهن الطبية، والذي نصت مواده علي أن تكون رئاسة المجلس لنقيب الأطباء، ويكون النقباء الثلاثة الآخرون "الصيادلة، البيطريين، الأسنان"، نوابًا لرئيس المجلس، وافقت العمومية علي ذلك في مخالفة صريحة لنص القانون، ما أدي إلى اشتعال أزمة بين النقابات الأربعة الأعضاء وقتها.

وبالرجوع إلي تفاصيل فعاليات الجمعيات العمومية، فإن هناك الكثير من الوقائع التي تدلل على أن العمومية يمكن توجيهها لتنفيذ رغبة لدى مجلس نقاباتها، إن لم يكن ملمًا ومدركًا لما يدور داخل بواباتها، كما أن الأزمة ليست فقط في انعقادها والتصويت فقط، بل يمكن أن يصبح عدم اكتمال النصاب القانوني للعموميات أزمة كبيرة أيضا، تؤدي إلي تعطيل أمور غاية فى الأهمية بالنسبة للنقابات، وهو ما دفع الدكتور خالد سمير، أمين صندوق نقابة الأطباء الأسبق، إلى وصف نظام الجمعيات بالفاشل. 

أمين صدوق الأطباء السابق قال لـ"صوت الأمة"، إن نظام الجمعيات العمومية صوري، قائلا:" نقابة مثل نقابة المعلمين، عدد أعضائها 1.8 مليون معلم، فكيف يمكن تجميع تلك الأعداد في مكان لنقاش موضوعي؟ وفكرة العموميات كانت منذ أيام الشمولية والاتحاد السوفيتي، وأصبح غير منطقي وغير موجود بالعالم كله، ففي الدول الغربية، النقابات في الأساس هى الفرعيات وتنتخب بدورها ممثلين عنها يجتمعون في مؤتمر أشبه بمؤتمر النقابات الفرعية في مصر، كل 6 أشهر، ويعتبر برلمان النقابة ويتخذ القرارات الاستراتيجية، غير ذلك تعمل النقابات الفرعية طبقًا لرؤيتها".

وأضاف سمير: "أن المشكلة الأكبر هي أن يتخذ ألف عضو قرارًا لمئات الآلاف من الأعضاء، وأن ذلك يعد تفريغًا للعموميات من مضمونها، حتى أن هناك قوانين يتم تمريرها وعرضها على البرلمان باعتبارها معبرة عن أعضاء النقابة كاملة، وهى لم تناقش إلا بحضور 50 عضو، بعد ترك باقي أعضاء العمومية لفعاليتها".

وأشار إلى أن الانعقاد الأول لعمومية نقابة الأطباء هو 1000 عضو، بما يمثل أقل من 1% من المسجلين بالنقابة، مضيفًا: "ورغم ضعف النصاب، لم يكن يحضر هذا العدد من الأعضاء، وكانت النقابة تلجأ إلى عقد احتفالية حلف اليمين للدفعة الجديدة من الأطباء، لإكمال النصاب".

بتلك الطريقة يمكن لأي مجموعة السيطرة على نقابة الأطباء، بحسب خالد سمير، وذلك بمجرد قدرتها على تجميع 50 عضو، بالتزامن مع عدم اهتمام أغلب الأعضاء بالمشاركة من الأساس بالعموميات، لافتًا إلي أنه فى حال كانت النقابات ترغب في الوصول إلي أعضائها يمكن أن تنفذ تنظيم التصويت الإلكتروني، أوعمل صندوق في كل مستشفي كبري، لكن يظل هذا الأمر ضد مصالح بعض مسئولي النقابات.

من ناحيته، قال خالد سعيد، أمين صندوق نقابة المرشدين السياحيين السابق، لـ"صوت الأمة"، إن الجمعيات العمومية في الأغلب لا يكتمل نصابها القانوني، وبالتالي لا يتم عقدها، واصفًا إقرار غرامة لمن لا يشارك بها بـ"العيب"، لافتًا إلي أن النقابة كانت تلجأ أحيانًا إلى الإعلان عن نية مجلسها في اتخاذ قرارات ضد الممتنعين عن المشاركة، وهو ما يساعد في زيادة عدد الحضور، نتيجة لعدم إلمام الأعضاء بالقانون وعدم نصه على أي عقوبات.

وتابع سعيد،:" عدم اكتمال الجمعيات العمومية أصبح "آفة"، كنا أحوج النقابات لاكتمالها ولم تكتمل، خاصة أنها تدعم موقف أعضاء النقابة أمام الجهات الأخري، عند وجود أي مطالب، بصرف النظر عن تأييد أو معارضة العضو لاتجاه المجلس، إلا أن مشاركته بالعمومية تظل قائمة.

وتابع أن المصيبة الأكبر في المرشدين السياحيين، هي أن النصاب القانوني للنقابة من دافعي الاشتراك 50%+1، ما يعني أنها تحتاج للانعقاد الأول بـ 3 آلاف +1، ولا يكمل أبدًا، ولتقليل التكلفة، تعتمد النقابة على نص القانون، في مادته التي نصت على أن الانعقاد الثاني يتم خلال أسبوعين، ما يعني أنه بعد مرور ساعتين من الانعقاد الأول، تبدأ النقابة الانعقاد الثاني، وتحتاج فيه لـ 25%+1، ما يعنى حاجه النقابة إلى حوالى 1500 عضو، ولا يحضروا أيضًا.

وأشار إلي أن هناك قرارات لمجلس النقابة مفوض لاتخاذها لتسيير أعماله، إلا أن هناك أمور أخري لا يمكن إلا بقرار من الجمعية العمومية، كنوع من تجديد الثقة، مضيفًا: "أن المشرع ربط الجمعية العمومية بالقرارات المصيرية، وهو أمر عادل، لكن في حال عدم اكتمالها قد يتخذ مجلس النقابة قرارًا لكنه لن يكون بالقوة المطلوبة، لتقديمه للمسئولين، مضيفًا أنه في حال عمل حصر بين أعضاء كافة النقابات المهنية سنجد أن 5% فقط منهم الواعي والفاهم للأمور النقابية".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق