أين السكينة؟

الأربعاء، 10 يناير 2018 02:49 م
أين السكينة؟
أحمد نجيب كشك يكتب:

كلما تقدم بنا العمر زادت مسؤولياتنا، واشتدت علينا هموم الدنيا المادية والمعنوية، ومعها تشتد حاجتنا إلى مصدر للسكينة يخرجنا من الضغوط التي تعكر صفو وهدوء حياتنا، وهذه السكينة مهما شرقنا وغربنا وبحثنا ونقبنا عنها، فلن نحصل عليها إلا من مصدر واحد لا منافس ولا منازع له، إنه القرآن الكريم كلام رب العالمين، وهي حقيقة لا يقرها ويفهمها إلا قارئ القران، الذي دائما ما يلجأ إليه في كل الأحوال، خاصة إذا أثقلت عليه الدنيا بهمومها، فيعكف على قراءته وتدبر آياته فيجد غايته.

يخبر ابن القيم رحمه الله أن شيخه شيخ الإسلام -ابن تيمية-  كان من طبعه في الشدائد أن يلجأ إلى القرآن الكريم، فيقول:(كان شيخ الإسلام ابن تيمية إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة)، وهذا من فقهه للكتاب والسنة رحمه الله.

 ثم يذكر ابن القيم تجربته، فيقول:(وقد جربت قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب، فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه و طمأنينته)، فأين نحن في شدائدنا من كتاب الله تعالى؟

إن بعض الناس حينما تضيق عليهم الدنيا بما رحبت، وتشتد عليهم المحن وتتزاحم أمامهم الهموم والأحزان، تراهم يركضون هنا وهناك،يمينا ويسارا شرقا وغربا، يبحثون وينقبون عما يخفف عنهم ما حل بهم دون جدوى، فمنهم من يسارع بالشكوى إلى الناس، ومنهم من يسارع إلى الأغاني والموسيقى، ومنهم من يسارع إلى المخدرات والمسكرات ليغيب عن واقعه ساعات ثم يفيق، وقد أصبحت المصيبة مصيبتان بإدمانه للمخدرات، وكل هؤلاء قد ضلوا السبيل عن المصدر الوحيد للسعادة والسكينة، وهو طريق القرآن الكريم، كلام الله تعالى الذي يملأ القلب بجرعات من الهدوء والراحة  والطمأنينة.

إن لجوء الإنسان إلى القرآن الكريم هو الحل المناسب في جميع الأحوال، إذا مكر بك أعداؤك، ودب إليك الخوف منهم ومن حيلهم وخططهم التي يدبروها من أجل أن يؤذوك، فخذ تدابيرك أخذا بالأسباب، ثم بعد ذلك فوض أمرك إلى الله عز وجل، واقرأ قوله تعالى: ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)، وهنا سترى أن النتيجة مطمئنة للقلب وجالبة للأمن والسعادة، حيث قال الله تعالى:( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا).

وإذا ضاقَت عليك الدنيا بما رحبت، وتعسرت الحياة، وأصبحت الدنيا كلها ضدك في بيتك وعملك وفي كل شئونك، فتذكر قول الله عز وجل: ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾.

 وإذا ما تخلى عنك كل الناس، قريبا كان أو بعيد، وتنكر منك كل أصدقائك ومعارفك وانقطعوا عنك، ووجدت نفسك وحيدا أمام كل أعدائك لا سند لك في الدنيا إلا الله، فاقرأ قول الله تعالى: ﴿ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾، لتجد العلاج المناسب لحالتك، وهكذا في كل مشكلاتك وهمومك، كل شيء مسطور في كتاب الله علمه من علمه، وجهله من جهله، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾.

واعلم أن ‏مفاتيح خزائن الأرض والسماوات بيد الله تعالى وحده، لا يملك مخلوق من البشر أو ملك من الملائكة أو أي شيء من مخلوقات الله تعالى فتحها أو غلقها إلا بإذنه سبحانه، قال الله تعالى:﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.

 هنا فقط يدب في القلب السكينة المنشودة وتجد ضالتك، إنها رحمة الله تعالى التي وسعت كل مخلوقاته، فينبغي لكل مهموم ومغموم ان يبحث عن السكينة والهدوء والعلاج لمشاكل حياته، وأن يسارع إلى المصدر الحقيقي الوحيد لعلاجه، وهو القرآن الكريم، فيجعل لنفسه وردا يوميا يداوم عليه ولو القليل منه ، فيرتشف من حلاوته ويروي ظمأه ويسكن فؤاده، نسأل الله تعالى أن يرزقنا السكينة والطمأنينة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة