التأمين في مصر.. من طلعت حرب إلى الرئيس السيسي

الأحد، 18 فبراير 2018 06:00 ص
التأمين في مصر.. من طلعت حرب إلى الرئيس السيسي
طلعت حرب
محمود على

تعد مصر من أقدم الدول العربية، التى اعتمدت النظام التأمينى فى كافة المجالات، فقبل النظر فى التأمين الاجتماعى والصحى، بدأ المشرعون المصريون فى البحث منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر بإلحاق مواد فى قانون التجارة البحرى، فى المقابل ظلت الأنواع الأخرى من التأمين بلا تنظيم تشريعى فى القانون المدنى القديم، حتى تم تقنينها، متأثرة بأحكام قانون التأمين الفرنسى الصَّادر فى سنة 1930م.
 
ومن بين أهم أنظمة التأمين فى مصر، التى يهتم بها قطاع عريض من الشعب المصرى، هو التأمين الاجتماعى، الذى يقوم بتحقيق مصلحة تتمثل فى تغطية المخاطر، التى يتعرض لها أفراد الطبقة العاملة، التى قد تحول بينهم وبين ممارسة عملهم بصورة طبيعية كالمرض والعجز والشيخوخة، فهذا التأمين يستجيب إلى فكرة التضامن والتكافل الاجتماعى، حيث تساهم الدولة مع أصحاب الأعمال فى تحمُّل عبء هذا التأمين، أى اشتراكاته.
 
ويعتبر التأمين الاجتماعى للموظف إجباريًا، وليس اختياريًّا للعامل أو صاحب العمل، فالاشتراك فى هذا التأمين التزام يُحدد أحواله وشروطه القانون، ولا يملك أى طرف من أطراف العقد التعديل فى ذلك، وتعتبر مصر من الدول الرائدة فى هذا الشأن، حيث أنشئت شركة مصر للتأمين فى 14 يناير 1934 على يد رائد الاقتصاد، محمد طلعت حرب، كأول شركة تأمين برأس مال مصرى، وإدارة مصرية كى توفر الحماية التأمينية للمشروعات المصرية.
 
وفى حين يهتم جزء عريض من الجمهور بالتأمين الصحى، ينظر آخرون إلى المعاش أو راتب التقاعد، الذى يوفر دخلا للشخص عندما يبلغ سنا معينة، لتوفير ضمان مالى للفرد وعائلته، حتى وفاة العامل الذى كان متزوجا، يتم دفع نسبة منه إلى المنتفع، وعلى مدى عقود من الزمن ظل يعانى الموظف بعد تقاعده من راتب المعاشات، الذى لا يرتقى فى أغلب الأحيان إلى الحد الأدنى من متطلبات الحياة. 
 
ويحدد النظام الحكومى الحالى حدا أقصى لأجر الاشتراك، وبالتالى يحدد قيمة المعاش، فيما تحكم الزيادة السنوية قرارات سياسية من القيادة العليا، الأمر الذى يؤدى إلى عدم إيفاء المعاش الحكومى بالاحتياجات الكاملة للفرد، حيث يوجد فرق كبير بين الدخل قبل الإحالة إلى المعاش وقيمة دفعه، وبعد التقاعد، وإذ كان وضع حد أدنى للأجور من أهم المطالب التى أبرزتها ثورة 25 يناير، فقد صاحب ذلك أيضًا المطالبة بوضع حد أدنى للمعاشات والاهتمام بمراجعة نظم الضمان والتأمين الاجتماعى.
 
ورغم محاولة الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة، احتواء الطموحات الشعبية من زيادة للأجور والمعاشات من خلال زيادة المخصصات المالية المقررة لدعم برامج الحماية الاجتماعية، ونظم التأمينات والمعاشات على مدار الخمس سنوات السابقة، فإنه وبحسب دارسة قدمتها دكتورة سالى محمود عاشور فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، تحت عنوان «نظام التأمينات والمعاشات»، فإن «هناك دائمًا مطالبات بتبنى نظام جديد للتأمينات والمعاشات يعالج العيوب الموجودة فى النظام الحالى، نظام لديه القدرة على استيعاب المطالب المتزايدة لأصحاب المعاشات، التى يمكن أن تعينهم على العيش الكريم، خاصة أن مصر تعانى من أوضاع اقتصادية وسياسية غير مستقرة منذ اندلاع الثورة». كما أن قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف خلال نوفمبر 2016 أدى إلى فقدان الجنيه لأكثر من 50 % من قيمته، كما أجرت موجتين من خفض دعم الطاقة، وزادت أسعار الأدوية.  ويحتاج نظام التأمينات والمعاشات إلى تعديلات وإصلاحات، فرغم تعهد الحكومة بإصلاح منظومة التأمينات والمعاشات.
 
ويأتى تدنى الدخل الخاص بالصندوق الحكومى من أبرز التحديات التى تواجه المعاشات، حيث يتم احتساب ودفع قيمة التأمينات، طبقًا للأجر الأساسى للموظف المؤمن عليه، وعادة ما يكون الأجر الأساسى مبلغا صغيرا مقارنة بالدخل الإجمالى للموظف، وتمت معالجة ذلك الأمر من خلال القانون القانون 135 لسنة 2010، ولكن تعالت الأصوات الرافضة له بعد ثورة يناير، الأمر الذى أدى إلى صدور الرئيس السابق عدلى منصور فى عام 2013، قرارا يقضى بإلغائه، متضمنًا إدخال تعديلات على قانون التأمين الاجتماعى المعمول به، تقضى بزيادة المعاشات المستحقة للمحالين للمعاش بسبب بلوغ سن التقاعد أو العجز أو الوفاة.
 
ومؤخرًا عمل الرئيس عبد الفتاح السيسى على الحد من معاناة صاحبى المعاشات ذوى الدخل المتدنى، حيث قرر الرئيس، زيادة المعاشات التأمينية بنسبة 15 % وبحد أدنى قدره 150 جنيها لعدد 10 ملايين مواطن، وبهذا القرار يصبح الحد الأدنى للمعاش 630 جنيهًا، كما أقر الرئيس العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية بقيمة 7 % وبحد أدنى 65 جنيها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق