إيموجي

الخميس، 22 فبراير 2018 12:59 م
إيموجي
هبة العدوي تكتب:

مشاعر نتناقلها عبر الفيس بوك والواتس آب والإنستجرام .. باذلين أقصي ما نملكه من (إيموجي) معبرة عن تفاعلنا مع لحظات تمر عبر صور وأصوات لأناس قد نعرفهم وقد لا ..

وقد كانت لحظة مجهدة أرخيت فيها جسدي ممسكة بموبايلي فإذا ب (الجاليري ) ممتليء عن آخره بصور تراكمت دون حذف فبات موبايلي ثقيلا يتنقل بين (فايلاته ) كالفيل يخطو بينهم ..

مررت بصور متراكمة ..

هنا شاب في مقتبل عمره ملقي أرضا ودماؤه تسيل والرسائل تستغيث بمن يعلم بذويه وتطالبنا بمزيدٍ من النشر..خطفت قلبي صورته  ..وهمهمت داخل نفسي بدعاء من قلبي له أن ينجو و لأهلهأن يجدوه سليما مُعافي  ..

لا أعتاد عموما النشر دون تفكير, فقد أُفزِع غيري بنشر صورة منتهية صلاحيتها منذ سنوات .. وقد أبلغ عن حادثة هي حادثة إفك مفتري ..

 أتعامل مع جهاز الموبايل بما يحتويه من (ابليكشن ) فيسبوكية, واتسبية أو إنستجرامية علي إنها وسائل هدفها برمجتنا علي رسالة ما, قد تكون إيجابية ..كثيرا ما تكون سليية..

وبينما أمحي صورته المؤلمة, تفاجأت بصورة أخري له ضاحكا جميلا بهيا  ولكن كُتِب عليها (الله يرحمه ) قد كان بطلا في السباحة ..توفي إثر حادثة سيارة  .. ألهم الله ذويه الصبر والسلوان ورحمنا الله جميعا من حوادث الطرق في مصرنا ..وألهم جهاز المرور القدرة المحكمة علي تطبيق القانون الجديد فوق رقاب الجميع دون إستنثاء ..

 

أتممت دعائي له ولذويه ..وإنتقلت عيناي من الفاجعة للفرح  ومعها بالطبع مشاعري..

كانت صورةلصديقة تفرش شقتها ..تبدأ حياة جديدة هي ثاني زيجة لها .. سعادتها تطل من كل صورة ترسل لي بها .. لا يهم إن كان زواجا أولا أم ثانيا ..المهم هو التفاهم الذي يُبقي الحب حيّاَ ..لا تبالي في زيجتها الثانية بان يكون طقم الصيني (شيفلد )..أو النيش ممتليء عن آخره بالكريستال البوهيمي أو التشيكي أو الأثاث المستورد من خارج مصر أو غيره ..يهمها علي حد قولها مجرد :

-( أحس بس معاه بالأمان وبإني سعيدة مش عايزة أكتر من كده )

ليست إذا السعادة في الاثاث ولا الشقة, لماذا يمحصون العريس فوق جمر من النار حتي يصرخ بادءا عمره بالسلف والدين لغيره طالما كان كذلك ؟!

صور أخري كثيرة لصديقة اعتادت إرسال صور لملابس جديدة, تبيع بزيادةٍ مبلغ زهيد وترسل لنا عبر الواتس اب لكي نري المنتجات ..لم يعد ضروري ان تنزل للمحال هي تأتي لك ..لم يعد ضروري أن تذهب لأي شيء فقط إمتلك موبايل وضع عليه عدد من الأبلكيشن

صورة أخري لإحدي الفنانات  وقد إلتفت في قماش من ورق الهدايا ظانة بنفسها أنها مجرد (شيء ) وليست (إنسانة )..ذكرتني بإليسا في بدايتها وهي ملفوفة في ملاءة سرير وقد كان مشهد في منتهي الجرأة وقتئذ..هل مر من العمر الكثير ؟!.. ليس كثيرا علي ما اعتقد ولكن العين تعتاد رؤية الشيء شيئا فشيئا حتي يصير عاديا .. أخري تلف نفسها فيما يشبه ( الكرنبه ) ما الذي جري للجميع ؟

صور أخري لراقصة روسية, ما تخفيه يبدو من القلة إلي الدرجة التي جعلتني أتساءل:

ما شعورها وهي ترتدي ما لا ترتديه ؟ وهل المشكلة في عدم الإرتداء أم في الميوعة والإبتذال ؟ ام في الإثنين معا ؟؟

صور من جديد لممثلة ترتدي البكيني أو البنطلون المقطع ..

آه لو تبدلت  مساحة الإهتمام بملابس المرأة, بإهتمام بعقليتها وفكرها ؟!

معظم الصور تناقش هل توافق أم لا علي إرتداء فلانة للبكيني أو للكرنبة أو لورق هدايا, ثم نتعجب مما آل إليه المجتمع من ضآلة فكرية ..

وفي نفس الوقت, جيشنا يحارب معركة ضروس في سيناء وعلي حدوده الغربية !

نحن إذا في حالة من الغيبوبة الفكرية المجتمعية .

 

لونشرتلاإلهإلااللههتكسبآلافمنالحسنات ) إنشرهابقدرحبكلله..(

العديد والعديد من (إنشرها ولك الأجر ) تلك التي تستفزني إلي الدرجة التي لا أخفيكم سرا لم أفعلها قط .. لم أنشرها ولي الاجر ..ليس لانني بالطبع لا اريد الأجر .. ولكني أرفض أن أكون دمية في يد من نشرها لكي يستفز في نشرها بطريقة التخويف من عدم نشرها .. او الترغيب العددي الظاهري لمن نشرها والذي ستفتح له أبواب الجنة ..

هل يملك مفاتيحها سوي الله وحده ؟!

أرفض التدين الظاهري الإلكتروني ..لا أحبه ..فهو تماما كجهاز الكومبيوتر قد يكون (سمارت فون )ذكيا للغاية ولكنه بلا قلب خال من المشاعر والأحاسيس مهما وضع لنا من (إيموجي ) مختلفة ..

 

وتلك صورة لبوست كتبت صفحته الغير معلومة المصدر ولا الفكر, تعترف صاحبته بانها ترتكب العديد من الخطايا مثل أنها تغتاب الناس وتسمع الموسيقي وتتلذذ بها .. ذيلت الصورة بجملة (إدعولي بالهداية ودع الخلق للخالق ) ..

هل ما زلتم يا أهل الجاهلية تعتبرون الموسيقي  رجس من عمل الشيطان ؟..

 البحر تغرد موجاته بترددات مختلفة والعصافير والحمام واليمام وكل الحياة تسبح الله في أوركسترا سيمفوني رائع يعزفه كل مخلوق بإبداع لا منتهي ومازلتم تجارا للدين تستترون الآن خلف أقنعة من (دع الخلق للخالق ), بدلا من فيما مضي (الكافرة ربنا يهديها ) .. ويحكم ..ويا ويل كل من ألقي السمع لصفحاتكم ومعها الطاعة ب (شير)لمثل تلك التجارة القاتلة للروح!!

 

صورة كانت لي حقا صدمة ..قيس وليلي ..إذا كان هذا قيس وهذه ليلاه فقل علي قصص العشق والغرام السلام ..

المؤكد أن لو كان هذا القيس يعيش الآن وسط هذا الكم من النساء المتجملات بالكونتور ميك أب والفيللر لفر هاربا من هذه المرأة المتوحشة المسماة ليلي .. ولربما قامت هي أيضا بإحدي عمليات التجميل التي تجعلها ولو حتي مقبولة ..ولربما قام بها هو ايضا ..

أم تري مرآة الحب عمياء إلي هذه الدرجة ؟!

 

وصورة أخري لهذه الجروبات الممتلئة ليلا نهارا بالأخبار الكاذبة  عن علاقاتنا المجتمعية وخاصة علاقة الرجل بالمرأة ..

-جوزي زي الأطفال بيحب يرمي الصابون في الشقة  ويلعب فيه ..

والصورة مصحوبة بالرد الآتي :

-خليه بدل ما يروح يلعب عند واحدة تانية ..

لمصلحة من إثارة مثل هذه النوعية من الجدل..أم أن الفراغ قتل أصحابه ؟!

 

محوت كل ما سبق من ذاكرة موبايلي وأبقيت فقط كلمات صادقة بثت في جسدي المرهق روحه من جديد:

 

-(قالوا إيه علينا دولا وقالوا إيه...قالوا نموت ولا يدخل مصر خسيس وجبان)

رددت قائلة :

-في ضهرك يا عشق الروح يا مصر جيش وشعب لآخر نفس لنا ..

لم أجد (إيموجي ) مناسبة لجملتي السابقة ..و لم أجد لهم أكونت لأرسل صدق مشاعري لهم .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق