في جولة أفريقية تشمل خمس دول.. وزير خارجية أمريكا يحاول إصلاح ما أفسده رئيسه

الثلاثاء، 06 مارس 2018 11:35 ص
في جولة أفريقية تشمل خمس دول.. وزير خارجية أمريكا يحاول إصلاح ما أفسده رئيسه
ريكس تليرسون

يبدأ وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون اليوم الثلاثاء جولة أفريقية موسعة تستمر أسبوعا وتشمل خمس دول هي: تشاد وجيبوتي وأثيوبيا وكينيا ونيجيريا، وتعد هذه أول جولة يقوم بها في إفريقيا منذ توليه مهام منصبه في إدارة الرئيس دونالد ترامب.
 
ووصف مراقبون هذه الجولة بأنها محاولة لإصلاح ما أفسده ترامب في علاقات بلاده الافريقية عقب تصريحاته المسئية لبعض دول القارة والتي خلفت غضبا شعبيا ورسميا وشعبيا واسعا على الساحة الافريقية.
 
 
ووفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، فإن تيلرسون سيبحث مع المسؤولين في الدول الخمس سبل تطوير العلاقات مع الحكومات والشعوب بإفريقيا كما يناقش العديد من الموضوعات الأخرى مثل مكافحة الإرهاب وتنمية السلام والأمن وحسن الإدارة وتنمية التجارة المتبادلة.
 
 
وبينما يرى محللون أن إيفاد ترامب لوزير خارجيته إلى إفريقيا في هذه الجولة الموسعة بهدف حماية مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية في القارة من ناحية ولتأكيد التزام وحرص واشنطن على تعزيزعلاقاتها مع بلدان القارة من ناحية أخرى، فإن تيلرسون يواجه خلال الجولة عددا من التحديات التي تجعل مهمته صعبة حيث سيكون عليه العمل على ترميم صورة الولايات المتحدة لدى شعوب وقيادات القارة الإفريقية، وهي الصورة التي تضررت كثيرا منذ مجىء ترامب للسلطة لا سّيما في ظل أجندته ومواقفه الخارجية والتي أظهرت تراجعا واضحا في موقع إفريقيا وقضاياها في هذه الأجندة.
 
 
جاءت تصريحات ترامب التي أدلى بها خلال اجتماع بالبيت الأبيض لمناقشة قضايا الهجرة ووصف فيها بعض البلدان الإفريقية بأنها "حثالة"، لتزيد الشكوك والمخاوف الإفريقية تجاه نوايا ومواقف الإدارة الأمريكية وسياساتها المستقبلية بشأن القضايا الإفريقية.
 
وفي حين سعى ترامب لاحتواء الغضب الإفريقي من تصريحاته المسيئة وبعث برسالة إلى قمة الاتحاد الإفريقي الأخيرة التي عقدت في شهر يناير الماضي أكد فيها احترام الولايات المتحدة العميق لشعوب إفريقيا والتزامها بعلاقات قوية معها، وكان تيلرسون أول من استشعر التداعيات السلبية لتصريحات ترامب على المصالح الحيوية الأمريكية في إفريقيا، فسارع لاحتواء هذه التداعيات من خلال تأكيده على اهتمام بلاده بتطويرعلاقاتها مع دول إفريقيا وقال: "إن لدينا علاقات إيجابية جدا مع الدول الإفريقية ونحن نتعاون في عدد من القضايا في مجالات الأمن والتنمية الاقتصادية".
 
أما التحدي الثاني الذي يواجه تيلرسون خلال جولته الإفريقية فيتعلق بمدى قدرته على تسويق السياسات الأمريكية الجديدة لا سّيما فيما يخص التعاون الاقتصادي مع دول القارة حيث تسعى إدارة الرئيس ترامب لاعتماد مبدأ تعزيز التجارة والاستثمارات في إفريقيا بدلا من سياسة المساعدات والمعونات التي اعتمدت في السابق، وهو ما قد يعني تقليص حجم المساعدات الأمريكية المقدمة للبلدان الافريقية.
 
وقد كانت المساعدات الأمريكية لإفريقيا محور خلاف داخل إدارة ترامب بعد مقترح بتقليص هذه المساعدات حيث حذر بعض المسؤولين من أن ذلك يشكل خطرا على المصالح الحيوية الأمريكية في إفريقيا، ويفسح المجال أمام لاعبين آخرين لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية على الساحة الإفريقية.
 
ويعكس التوجه الجديد للولايات المتحدة بالنسبة للعلاقات التجارية مع إفريقيا، نظرتها إلى القارة باعتبارها سوقا ضخمة للمنتجات والبضائع الأمريكية حيث يتوقع أن تمثل إفريقيا بحلول العام 2030 حوالى ربع القوى العاملة والمستهلكين في العالم، ويبلغ عدد سكانها حاليا أكثر من 1.7 مليار نسمة، وبحلول العام 2050 من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان القارة إلى أكثر من 2.5 مليار شخص وتقل أعمار 70% من هؤلاء السكان عن 30 عامًا.
 
وقد ارتفعت الصادرات الأمريكية إلى إفريقيا جنوب الصحراء من 17 مليار دولار في العام 2010 إلى أكثر من 25 مليار دولار في العام 2014 فيما بلغت الاستثمارات الأمريكية في إفريقيا عام 2016 57، 5 مليار دولار.
 
وإلى جانب المصالح الاقتصادية فإن القارة الإفريقية تمثل أهمية أمنية وسياسية كبرى بالنسبة للولايات المتحدة لا سّيما في ظل تنامي خطر التنظيمات والجماعات المتشددة وفي ضوء التنافس المحموم بين القوى الدولية الكبرى على النفوذ والثروات في إفريقيا وهذا ما يقود إلى التحدى الثالث الذي ينتظر وزير الخارجية الأمريكي خلال جولته الافريقية المرتقبة.
 
فالولايات المتحدة تواجه منافسة شرسة من قبل بعض الأطراف الدولية في إفريقيا التي تحولت في العقود الأخيرة لساحة للتنافس الدولي على مواردها وثرواتها الطبيعية فضلا عن تعزيز التواجد العسكري والأمني على أراضيها في إطار الحرب على ما يسمى الإرهاب.
 
وعلى رأس هذه القوى الدولية المنافسة للولايات المتحدة في إفريقيا تأتي الصين التي أصبحت أكبر شريك تجاري للدول الإفريقية خلال السنوات الأخيرة بفضل اعتمادها سياسة المصالح المتبادلة وعدم التدخل في شؤون الآخرين. وعلى عكس الولايات المتحدة في التعامل مع دول إفريقيا تبنت الصين سياسة القروض الميسرة والمساعدات غير المشروطة بحقوق الإنسان أو الحريات وغيرها من الشروط التي تضعها الدول الغربية عادة في هذا الصدد وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا عام 2017 أكثر من 85 مليار دولار.
 
ولا تقتصر منافسة الولايات المتحدة في إفريقيا على الصين فحسب، فهناك فرنسا التي باتت تولي اهتماما كبيرا بأفريقيا خلال السنوات الأخيرة في محاولة لاستعادة نفوذها التقليدي في القارة، هذا الاهتمام بدأ بوضوح في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، وعلى نفس الخط يسير الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، وقد برز ذلك في اختيار ماكرون أن تكون جمهورية مالي أول دولة يزورها رسميا خارج أوروبا بعد أسبوع على تسلمه مهامه كرئيس لفرنسا كما قرر تشكيل مجلس رئاسي لأفريقيا يضم شباب رجال الأعمال الذين يحملون جنسيتين ولديهم علاقات وثيقة مع بلدانهم الأصلية.
 
وعلى عكس الولايات المتحدة تحظى فرنسا بوجود عسكري كبير في إفريقيا حيث قدر إجمالى العسكريين الفرنسيين في إفريقيا بنحو 9 آلاف فرد في عام 2015 ينتشرون في عدد من القواعد العسكرية الفرنسية في كل من جيبوتي وساحل العاج والجابون والسنغال وشمال النيجر قرب الحدود مع جنوب ليبيا.
 
ورغم كل هذه التحديات التي سيكون على تيلرسون التعامل معها خلال جولته الإفريقية المرتقبة دفاعا عن المصالح الاستراتيجية الأمريكية في إفريقيا ورغم ظهور منافسين جدد لواشنطن على الساحة الإفريقية إلا أن محللين وخبراء يتفقون على أن الولايات المتحدة ستبقى اللاعب الدولي الأهم والأكثر تأثيرا على هذه الساحة، خصوصا في ظل تركيز الإدارة الحالية على محاربة التطرف والإرهاب في القارة.
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق