«قاتل ومتهور وجاسوس».. ثلاثي أشعل العالم

السبت، 31 مارس 2018 02:25 م
«قاتل ومتهور وجاسوس».. ثلاثي أشعل العالم
بوتن
رضا عوض

 

يبدو أن العالم على وشك حرب عالمية ثالثة بسبب «الجاسوس سرجي سكريبال وابنته» ففى خلال الأيام الماضية تصاعد التوتر الدبلوماسي بين روسيا وعدد من العواصم الغربية، على خلفية محاولة تسميم الجاسوس الروسى السابق سيرجى سكريبال وابنته بغاز أعصاب خلال وجوده فى بريطانيا التى يقيم بها منذ سنوات.

كانت لندن قد اتهمت موسكو بالوقوف وراء محاولة الاغتيال، وهو ما أعقبه طرد ما يقرب من 150 دبلوماسيا روسيا من  24 دولة، منها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا، وهو ما دفع موسكو إلي تصعيد المواجهة من جانبها، ليأتي قرار إبلاغ لندن بسحب دبلوماسييها، والذى يبدو أنه قد تتبعه قرارات أخرى شبيهة، علاوة اتخاذ موسكو لإجراءات عقابية لكل الدول التي اتخذت موقفا مشابها لبريطانيا وأمريكا وهو ما ينذر بحرب عالمية ثالثة.

المثير في الأمر أن ظروف مشابهة لحادث تسميم الجاسوس الروسى كانت قد تسببتفى اندلاع الحربين العالميين الأولى والثانية، حيث اندلعت الحرب العالمية الأولى بعد أن قام قاتل متهور بقتل الأرشيدوق فرانز فرديناند من النمسا، وزوجته صوفي دوقة هوهنبيرغ، استمرت الحرب 4 سنوات انتهت بقتل 3 ملايين مواطن. أما الحرب العالمية الثانية فقد اندلعت بسبب متهور آخر وهو أدولف هتلر، واستمرت 6 سنوات وراح ضحيتها ملايين البشر.

الحرب العالمية الأولى

كان جافريلو برينسيب، مراهقا صربيا، تسبب في اشتعال الحرب العالمية الأولى، التي خلفت وراءها ملاين الضحايا  حيث قام برينسيب باغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند من النمسا وزوجته صوفي دوقة هوهنبيرغ، في 28 حزيران 1914 عندما كانا في زيارة رسمية لمملكة صربيا، وبعدها بشهر اشتعل فتيل الحرب العالمية الأولى، حيث كان «جافريلو» مدعوما من اليد السوداء، وهي منظمة قومية في صربيا.

ولد جافريلو في 25 يوليو 1894، حيث كان صربيا قاطنا البوسنة، انخرط في حركة البوسنة الشابة، وكان عضوًا في مجموعة معروفة باسم «الاتحاد أو الموت»، منبثقة من مجموعة «البوسنة الشابة»، وكانت تعمل من أجل استقلال الشعوب السلافية الجنوبية من الحكم المجري النمساوي. في تلك الأثناء أعلن الإمبراطور النمساوي، فرانز جوزيف، في أكتوبر 1908، ضم البوسنة والهرسك، ما خلق كثيرًا من الاستياء لدى الشعوب السلافية لجنوب أوروبا.

كانت صربيا، 1912، متأهبة من أجل حرب البلقان الأولى، وطلب «برينسيب» الالتحاق بمجموعة عرفت باسم «اليد السوداء»، ولكن عضويته رفضت لصغر قامته، فقرر الالتحاق بمجموعة أخرى فتم رفضه لنفس السبب، حيث كان لهذا الرفض أن تسبب في قيام" برانسيب بعملية استثنائية، لكي يثبت لهم أنه ليس أقل منهم قوة أو شجاعة، وكانت تلك العملية اغتيال ولي عهد النمسا والمجر، والتي اندلعت بسببها الحرب العالمية الأولى بين النمسا والمجر وصربيا إلى إشراك روسيا وألمانيا وفرنسا، وفي نهاية المطاف دخلت بلجيكا وبريطانيا العظمى للحرب التي اشتعلت في 1914 واستمرت لمدة 4 سنوات متتالية خلفت أكثر من 3 ملايين قتيل.

مفجر الحرب
مفجر الحرب


 

أدولف هتلر والحرب العالمية الثانية

علي الرغم من الفارق بين هتلر سكريبال، في أن الأول قائد وزعيم لألمانيا بينما الثاني كان شابا مراهقا دفعه حماسه إلى ارتكاب جريمة اغتيال ، إلا أن القاسم المشترك بينهما أنهما تسبب في إشعال حربا عالمية خلفت ورءاها ملايين القتلي، فقد بدأت الحرب العالمية الثانية في عام 1939م عندما قام أدولف هتلر والحزب الوطني الاشتراكي التابع له بتسليح ألمانيا وتوقيع عدة معاهدات إستراتيجية مع إيطاليا واليابان بهدف السيطرة على العالم،  وقام هتلر في  سبتمبر 1939م بغزو بولندا؛ الأمر الذي دعا بريطانيا العظمى وفرنسا إلى إعلان الحرب على ألمانيا التي قادت إلى حرب عالمية ثانية استمرت لمدة ست أعوام كانت الأكثر دماراً في التاريخ العالمي.

أدولف هتلر‏ في 20 أبريل 1889 في النمسا، وكان زعيم ومؤسس حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني والمعروف باسم الحزب النازي، وقد حكم ألمانيا في الفترة ما بين عامي 1933 و1945 حيث شغل منصب مستشار الدولة في الفترة ما بين عامي 1933 و1945، ويعتبر واحدًا من المحاربين القدامى الذين تقلدوا الأوسمة تقديرًا لجهودهم في الحرب العالمية الأولى بجانب ألمانيا، وقد انضم هتلر إلى الحزب النازي في عام 1920 وأصبح زعيمًا له في عام 1921، وبعد سجنه إثر محاولة انقلاب فاشلة قام بها في عام 1923، استطاع هتلر أن يحصل على تأييد الجماهير بتشجيعه لأفكار تأييد القومية ومعاداة الشيوعية علاوة علي الكاريزما التي كان يتمتع بها في إلقاء الخطب وفي الدعاية.

في عام 1933، تم تعيينه مستشارًا للبلاد، حيث عمل على إرساء دعائم نظام تحكمه نزعة شمولية وديكتاتورية وفاشية، وانتهج هتلر سياسة خارجية لها هدف معلن وهو الاستيلاء على ما أسماه بالمجال الحيوي لألمانيا، وهو ما أشعل الحرب العالمية الثانية.

هتلر
هتلر الزعيم النازي
 

الحرب العالمية ثالثة

عقب تخرجه في المدرسة، جند سكريبال في الجيش السوفيتي حيث كان يؤدي الخدمة العسكرية الإلزامية في قوات الإنزال الجوي. ثم انتقل إلى القوات الخاصة التابعة لمديرية المخابرات الرئيسية. وتخرج من الأكاديمية الدبلوماسية العسكرية ليصبح مطلع تسعينيات القرن الماضي أحد الوكلاء الروس في مالطا.

وفي 1994 قررت المخابرات الروسية نقل سكريبال إلى العاصمة الإسبانية مدريد، ليؤدي هناك عمله تحت غطاء منصب في السفارة الروسية، ، وقد جرت عملية تجنيد سكريبال من قبل المخابرات الأجنبية على مرحلتين، حيث تعرف الضابط الروسي في البداية برجل أعمال وطيار عسكري سابق يدعى لويس، وعرض لويس على سكريبال في عام 1995 التعاون فيما يتعلق بالبحث عن زبائن مفترضين في موسكو، ثم عرفه ببريطاني من أصول إسبانية يدعى أنتونيو ألفاريس هيدالغو، العميل في المخابرات البريطانية «مي-6» بابلو ميلر.

وفي بداية المطاف كان ميلر يدعي أيضا أنه رجل أعمال وعرض التعاون على سكريبال، لكنه «سرعان ما كشف عن  نفسه واقترح على سكريبال الكشف عن أسماء زملائه في المخابرات الروسية مقابل مبالغ طائلة من الأموال، ووافق على ذلك».

سكريبال

الجاسوس الإسرائيلي

كان لهذه العملية أثرا سلبيا علي حياة سكريبال الذي كان يخشي  من إمكانية الكشف عن خيانته ولذلك قررت المخابرات الروسية في عام 1996 استدعاءه من مدريد إلى موسكو، وفي عام 1999 أقيل بسبب عجزه عن مهام عمله، وبعد ذلك قطعت المخابرات البريطانية جميع الاتصالات معه.

وفي 2004 ألقت موسكو القبض على سكريبال بعد أن تم الكشف عن اتصالاته عبر عملاء المخابرات البريطانية مع سفارة لندن في موسكو، وذلك باستخدام جهاز إلكتروني متطور، ولم ينف سكريبال أثناء التحقيقات المغلقة معه ، حيث تبين أنه كان يلتقي من حين إلى آخر مع عملاء المخابرات البريطانية في إزمير التركية، وسلّم إليهم أسماء 300 استخباراتي روسي في الخارج على الأقل، حيث أصدر القضاء الروسي في عام 2006 حكمه بالسجن لمدة 13 عاما على سكريبال بتهمة خيانة الدولة، لكنه في يوليو 2010 تم تسليمه إلى بريطانيا في إطار صفقة تبادل الجواسيس المعتقلين.

وفي عام 2011 وصلت إلى بريطانيا أفراد من عائلة سكريبال، هم زوجته ونجله وابنته. توفيت زوجته في عام 2014 وكانت ابنته تقيم في لندن، وفي عام 2017 توفي أيضا نجله بسبب الفشل الكبدي، في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، وتقاعد سكريبال في عام 2016، ومنحته سلطات المملكة وسام الإمبراطورية البريطانية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق