دعاوى «طرد الآباء للأبناء».. بين المشروعية القانونية وعقوق الأبناء

الثلاثاء، 17 أبريل 2018 12:00 ص
دعاوى «طرد الآباء للأبناء».. بين المشروعية القانونية وعقوق الأبناء
صورة أرشيفية
علاء رضوان

تباينت ردود أفعال الخبراء القانونيين والاجتماعيين حول أول دعوى قضائية من نوعها في المحاكم المصرية التي إقامتها المحامية أميرة رضا أبو العز، يطالب فيها أحد الآباء بطرد ابنه من المسكن.

ذكرت الدعوى المقامة من المحامية أميرة رضا أبو العز، وكيلا عن صبري محمد موسى،  ضد ابنه محمد صبري، أن الأب سبق له استضافة نجله  منذ عام 2012 وحتى اليوم بمسكنه، حيث أن الشاكي بموجب هذه الدعوى ينذر المشكو فى حقه بانتهاء مدة استضافته، مطالبا بضرورة إخلاء المسكن وتسليمه إليه في مدة أقصاها سبعة أيام .

وعن الجانب القانوني، قال ميشيل إبراهيم حليم، الخبير القانونى، أنه من المقرر في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان عقد إيجار المسكن يتصف بطابع عائلي لا ينشد فيه المنتفع بالعين مجرد السكن بمفرده بل ليعيش مع أفراد أسرته ولمن يقع عليه عبء إيوائهم قانونياً أو أدبياً إلا أن ذلك لا ينفى نسبية الآثار المترتبة على عقود الإيجار من حيث الأشخاص بحيث لا يعتد ولا يلتزم بها غير عاقديها الأصليين إذ ليس في مجرد إقامة آخرين مع المستأجر في المسكن ما ينشئ بذاته علاقة إيجاريه بينهم وبين المؤجرين ولو كانت إقامتهم مع المستأجر منذ بداية عقد الإيجار إذ لا تترتب في ذمتهم التزامات قبل المؤجر خلال فترة الإقامة مع المستأجر الأصلي إذ يبقى هذا الأخير هو الطرف الأصيل والوحيد في التعامل مع المؤجر ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أية علاقة تعاقدية مباشرة أو غيـر مباشرة سـواء كانت إقامتهم مـن بداية الإيجار أم بعده وإنما تمتعهم بالإقامة في العين كان قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات أدبية ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتبديل متعلقة به هو لا شأن لها بالمؤجر، وكيفية استعمال المستأجر لمنفعة السكن مسألة عارضة لها تبرز فكرة المجاز القانونى على أساس النيابة الضمنية».

 

وأضاف «حليم» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أنه من المقرر في قضاء محكمة النقض ـ أن الإيواء بطريق الاستضافة يقوم على انتفاء العلاقة القانونية سواء بين المستأجر وبين ضيفه أم بين هذا الأخير وبين المؤجر وتبقى إقامة الضيف على سبيل التسامح مع المُضيف إن شاء أبقى عليها وإن شاء أنهاها بغير التزام عليه فهي متفرعة عن انتفاع المضيف بالعين ومرتبطة باستمراره في هذا الانتفاع ولا تنقلب هذه الإقامة مهما طال أمدها إلى مساكنة تعطيه الحق في الاحتفاظ بالمسكن لنفسه»، مؤكداَ أنه إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقـام قضاءه برفض طلب تدخل الطاعن «المستأجر الأصلي» بطرد المطعون ضده من العين محل النزاع على سند من أن عقد الإيجار له طابع عائلي وأن المطعون ضده الأول نجل الطاعن وأحد أفراد أسرته ويقع عليه واجب إيوائه قانوناً بالرغم من أن إقامة المطعون ضده بعين النزاع مع المستأجر الأصلي على سبيل الاستضافة يبقى الطاعن هو الطرف الأصيل والوحيد في التعامل مع المؤجر ولا توجد له قبل الطاعن أيـة حقوق قانونية أو اجتماعية إعمالاً لقاعدة نسبية أثر العقد وأن حقه في الإقامة مع الطاعن متفرع من حق الأخير في الانتفاع بعين النزاع بسبب قرابته له - نجله - ولا يجوز له وهو مقيم بالعين على هذا النحو أن يدَّعى لنفسه حقاً عليها في مواجهة الطاعن ويكون للأخير الحق في طلب طرده منها لشغله إياها بلا سند قانونى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال الذى أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون».   

 

بينما، علقت المحامية والخبير القانونى ريهام الزينى على أول دعوى قضائية بتاريخ المحاكم المصرية، تطالب فيها أحد الأباء بطرد أبنه من المسكن، بقولها: «عقوق الوالدين لأبنائهم، تحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته»، مؤكدة أنه ليس من الحكمة أن يمرض الإنسان، ويخفي مرضه خشية منه، فذلك يعني أنه سيستشري المرض في جسده، وقد كان من هدي النبي إذا انتشر مرض في المجتمع، جمع الصحابة وخطبهم قائلا: «ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا»، حتى يلفت الإنتباه إلى الخطر، ويقدم العلاج للناس.

 

وأضافت «ريهام» فى تصريح خاص أنه حتى نعالج هذا المرض في المجتمع يجب ألا نقف موقف «المنظر» الذي يقول هذا واجب، وهذا حرام، وهذا حلال، وهذا خطأ، وهذا عيب، حيث أننا في حاجة إلى الغوص في حالات المجتمع ومشاكله حتى تتكون لنا صورة قريبة إلى الصورة الحقيقية لهذه الظاهرة.

 

وأكدت «ريهام» أن عقوق الوالدين حرام، لكن هل سمعتم عن عقوق الأباء للأبناء؟ هل سمعتم عن أباء نزعت من قلوبهم الرحمة ؟ صحيح أنهم بمجتمعاتنا قليلون لكنهم مع الأسف موجودين، مشيرة إلى أن عقوق الأباء لأبنائهم ظاهرة يتجاهلها كثير من الأباء وعلماء الدين بالرغم أنها خطيرة جدا، حيث تمادي علماء الدين لتعزيز فكرة أن الوالدين لمجرد أنهما والدان فلهما على الأبناء حقوقا مهما فعل رغم أنه في كل الشرائع السماوية للابن حق على أبيه كما للأب حق الرعاية والتقدير والاحترام.

 

وتساءلت «ريهام» هل تحول الدين إلى سلاح يمارس القوي فيه سلطاته على الضعيف؟، وأضافت: «صحيح نحن لا نملك الحق في محاسبة أهلنا مهما فعلوا وليس ذلك هو هدفي من المقال،بل نرجو لو يضع الأهل سلوكهم ومعاملتهم لأبنائهم تحت المجهر ويراقبون مدى التزامهم بأداء الدور المرجو منهم أمام الله ويحاسبون هم أنفسهم قبل أن يحاسبوا» .

وتابعت: «فكم من الأباء تسببوا في تشرد أبنائهم في الشوارع، كم من الأباء ظلموا أبنائهم أو قصروا باحتياجاتهم أو مارسوا عليهم أسلوب القمع والدكتاتورية دون أن يحاسبوا أنفسهم بما فعلوا أو يتقوا الله بهم؟».

ووجهت حزمة من الأسئلة بقولها: «تعالوا معي في جولة سريعة نرى بها مجموعة من عقوق الآباء لأبنائهم علي سبيل المثال وليس الحصر، أمن البر التفرقة في المعاملة بين الأبناء فتورث الضغينة.. أمن البر الإيذاء البدني والنفسي الذي يمارسه الآباء بحق أبنائهم الذين لا حول لهم ولا قوة.. أمن البر استهتار الأب بحقوق أبنائه بأن يقضي أغلب وقته مع أصدقائه ويهمل أبناءه..أمن البر ما يمارسه الكثير من الآباء من حرمان بناتهم من بعض الحقوق بتأمر الوالدين مع أبنائهم الذكور.. أمن البر رغبة الأباء أن يكون أبنائهم نسخة منهم وهذا مستحيل. .وبعد كل ذلك ألا يوجد عقوق الأباء لأبنائهم.. ألا يستطيع الآباء الاعتراف بحقوق أبنائهم وإحترامها وتحمل مسئولية واجباتهم؟».

وقالت «ريهام» إنني أريد أن تكون لدينا شجاعة مواجهة النفس، وأن نضع كل تلك التساؤلات وغيرها أمامنا، ونجيب عليها بصدق وتجرد حتى نرى هل نحن بحق بارون بأولادنا قبل أن نطالبهم ببرنا؟! .

 

وتسائلت أين دور المؤسسات الدينية الأزهر والكنيسة ؟! أين دور الإعلام في مناقشة هذا الملف الذي أدي تجاهله إلي الكثير من المشاكل في مجتمعنا ؟!، أين دور الأسرة في تربية جيل المستقبل والذي سيقود الأمة فيمل بعد؟!، وحتى يمكن الوصول إلى حلول مناسبة لهذه القضية لابد من مناقشتها  من الناحية الشرعية والقانونية والاجتماعية .

أيها الأباء، أنتم راعون و مسئولون عن رعيتكم، و أولادكم أمانة ستسألون عنها يوم القيامة، أحفظتم عليها أم أضيعتموهما، فالأبناء ليس ملكا لكم وليس جزءا من متاع البيت تتصرفون فيها كما تشائون، إنمـا هو هبة من الله و وديعة استودعكماها، فهل إتقيتم الله فيها ؟!، وهل أحسنتم التصرف بها ؟

واختتمت حديثها قائلة: «ربنا سبحانه وتعالى في آيات كثيرة وأحاديث كثيرة، يحث الأبناء على بر أبائهم، فينتظر من الأباء أن يكونوا مثاليين في معاملة أبنائهم، فكم من الأباء أضاعوا مستقبل أبنائهم بتهورهم وإستهتارهم وتقصيرهم في حقوق أبنائهم؟، وما أكثر ما يشكو الأباء من عقوق الأبناء،ولكن من يرفع شكوى الأبناء من عقوق الأباء؟!فهل من معتبر قبل وقوع الجنايةأو مستدرك قبل فوات الأوان؟».

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق