"الأغنية السياسية".. شكل جديد للدعاية للأحزاب في الوطن العربي.. و3 دوافع لاستخدامها

الإثنين، 14 مايو 2018 10:05 م
"الأغنية السياسية".. شكل جديد للدعاية للأحزاب في الوطن العربي.. و3 دوافع لاستخدامها
انتخابات
كتب أحمد عرفة

تشهد المنطقة العربية، العديد من الاحداث السياسية الهامة، على رأسها عقد عدد من الدول انتخابات تشريعية ومحليات، حيث تنافست فيها القوى السياسية بقوة في تلك الانتخابات، وكان على رأسها الانتخابات النيابية العراقية واللبنانية، وكذلك انتخابات المحليات في تونس.

 

وظهرت خلال تلك الانتخابات، الأغنية، التي استخدمتها القوى السياسية لجذب أنصار لها لدفعهم إلى التوصيت لمرشحيهم في تلك الانتخابات.

 

في هذا السياق، قالت دراسة ،إن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، بعض القوى السياسية داخل عدد من دول المنطقة في بدأت تبني آلية جديدة سواء للدعاية الانتخابية أو للتعبير عن مواقفها إزاء بعض القضايا الداخلية والإقليمية، تمثلت في الاعتماد على الأغاني والقصائد الشعرية السياسية التي تحث الجمهور على المشاركة في العملية السياسية سواء من خلال الترشح أو الانتخاب أو تبني موقف محدد من إحدى القضايا المطروحة. ورغم أن الأغاني السياسية في حد ذاتها تعد أحد أشكال التعبير الفني عن الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ عشرات السنوات، إلا أن الأنماط الجديدة التي ظهرت عليها، وطريقة توظيفها الحديثة هى التي جعلت من انتشارها في الوقت الحالي ظاهرة قيد الملاحظة.

وأوضحت الدراسة، أن هذه الآلية في الترويج للانتخابات والأحداث والمواقف السياسية المهمة لم تكن جديدة، حيث سبق أن انتشرت خلال فترة الستينيات من القرن الماضي، إلا أن تحولها من النمط الكلاسيكي الهادئ إلي الشكل الحالي الشعبي الصاخب الاحتفالي الذي يهدف إلي إشعال حماسة المتلقي وجذب انتباهه، يعتبر المتغير الأبرز والأهم الذي ساهم في توجيه الانتباه إليها وربما انتشارها عبر بعض دول المنطقة، نظرًا لقربها من الشارع الذي تزايد دوره وتأثيره بعد اندلاع الثورات والاحتجاجات العربية منذ نهاية عام 2010، وهو الدور الذي يعد في الوقت نفسه سببًا في اتجاه القائمين على هذا النوع من الترويج الإعلامي إلى مخاطبة الفئات البسيطة والمهمشة في أعمالها الفنية الصاخبة المختلفة شكلاً ومضمونًا مع النماذج التقليدية الكلاسيكية من الأغاني التي انتشرت قبل حقبة الثورات.

وأشارت الدراسة، إلى أن الأطراف التي تبنت هذا النمط من الترويج لجأت إلى تحوير كلمات أغاني ناجحة وموجودة بالفعل لصالح أحد ‏المرشحين أو إحدى الكتل الانتخابية أو لدعم مواقفها السياسية، أو إلى تأليف أغاني جديدة، تركز على ما تسميه بـ"إنجازات" المرشح أو الكتلة في محاولة لإقناع الجمهور وكسب تعاطفه ودفعه إلى التصويت لصالحها، أو على مخاطر التغاضي عن التعامل مع قضية اجتماعية أو سياسية معينة، على  نحو ما بدا جليًا في دول مثل لبنان والعراق وتركيا، موضحة أن شعبية شاشات التليفزيون قد وفرت مساحة تأثير أكبر لهذه الأغاني. إذ يعتبر التليفزيون من أهم وسائل وآليات الحملات الانتخابية والتواصل مع الناخبين، والترويج للمواقف من القضايا السياسية والاجتماعية المختلفة. وانعكس ذلك بشكل واضح، على سبيل المثال، في الجدل الذي أثارته إحدى القنوات اللبنانية، في 24 إبريل 2018، عندما قامت ببث أغنية اعتبرت اتجاهات عديدة أنها تتسم بأبعاد "عنصرية" ضد اللاجئين السوريين، حيث سخرت من استئجارهم بيوتًا غير صالحة للسكن في لبنان وإنجابهم عددًا كبيرًا من الأطفال لدرجة حولتهم إلى الأكثرية في حين بات اللبنانيون مغتربين في بلدهم حسب رؤية الفائمين عليها.

ولفتت الدراسة، إلى أن هناك دواقع عديدة لاستخدام هذا النوع من الدعاية السياسية، من بينها المساعدة على تجاوز ضعف البرامج الانتخابية: وهو ما برز، علي سبيل المثال، في الحملات التي سبقت الانتخابات البرلمانية العراقية التي أجريت في 12 مايو الحالي، حيث أذاعت بعض وسائل الإعلام، والتي يغلب عليها التبعية الحزبية والسياسية للكيانات السياسية والدينية الكبري في العراق، الأغاني التي أعدت لكل كتلة سياسية على حدة، وتلك التي تدعو إلي انتخاب أشخاص بعينهم، وذلك بدلاً من التركيز على البرامج الانتخابية لهذه القوائم، والاكتفاء بسرد ما حققته هذه القوائم خلال الفترة الماضية في الأشعار والأغاني التي أعدت لها، على نحو دفع اتجاهات عديدة إلى اعتبار ذلك مؤشرًا على ضعف تلك البرامج وفشلها في استيعاب المطالب الأساسية للناخبين.

وأوضحت الدراسة، أنه من بين الدوافع أيضا ضمان الوصول إلى جمهور أوسع: يضمن هذا النمط من الترويج الإعلامي الوصول إلى أوسع نطاق من الجماهير المستهدفة، فضلاً عن التركيز على فئة غير المهتمين بسير العملية الانتخابية والمشاركة فيها أو بالقضايا السياسية العامة، عبر وسائل الإعلام التي تكثف من إذاعة هذه الأعمال الغنائية والشعرية قبيل الاستحقاق الانتخابي، بالإضافة إلى التعبير عن الاهتمام بالتطورات والأحداث السياسية المختلفة: وهو ما بدا جليًا قبيل الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان عن العراق الذي أجرى في 25 سبتمبر 2017 إذ أبدت قوى كردية عديدة خلال الفترة التي سبقت الاستفتاء اهتمامًا خاصًا بإعداد أغاني تدعو إلى الاستقلال عن العراق.

 

   وقالت الدراسة، إن تغير شكل دور وسائل الإعلام في الترويج للاستحقاقات الانتخابية والمواقف السياسية، واعتماد جزء ما من هذا الدور على آلية الأغاني الداعية لانتخاب مرشح أو كيان سياسي بعينه أو لدعم مواقف سياسية محددة، إنما يأتي انعكاسًا للتحول الذي شهده دور الشارع عقب حقبة الثورات والاحتجاجات العربية، والتي فرضت اهتمامًا خاصًا بما أطلقت عليه اتجاهات عديدة "لغة الشارع" ومفرداته بعيدًا عن الشعارات السياسية وآراء النخب، وهو ما يشير ضمنيًا إلي ترجيح مواصلة استثمار هذه الآلية مستقبلاً، كوسيلة لضمان الوصول للناخبين والجمهور بشكل عام لحثهم على المشاركة في العملية الانتخابية أو دعم قوى سياسة معينة.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة