مولانا الحلقة 1.. «أحمد الرفاعي» قصة تقبيل الغوث الأكبر ليد الرسول

الخميس، 17 مايو 2018 01:00 م
مولانا الحلقة 1.. «أحمد الرفاعي» قصة تقبيل الغوث الأكبر ليد الرسول
عنتر عبداللطيف

1

«سلكت كل الطرق الموصلة فما رأيت أقرب ولا أسهل ولا أصلح من الافتقار والذل والانكسار، فقيل له : يا سيدي فكيف يكون ؟ قال : تعظم أمر الله، وتشفق على خلق الله، وتقتدي سنة سيدك رسول الله صلى الله عليه وسلم». هكذا تحدث الغوث الأكبر الإمام أحمد الرفاعي الكبير  والذى كان متواضعا في نفسه، خافضا جناحه لإخوانه غير مترفع وغير متكبر عليهم، وهو الغوث الأكبر والقطب الأشهر أحد أركان الطريق وأئمة العارفين الذين اجتمعت الأمة على إمامتهم واعتقادهم حسب الشيخ عبد الوهاب الشعراني. 
 
وفق الطريقة الرفاعية فإن الشيخ الرفاعى كان :«يخدم نفسه، ويخصف نعله، ويجمع الحطب بنفسه ويشده بحبل ويحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين وأصحاب الحاجات، ويقضي حاجات المحتاجين، ويقدم للعميان نعالهم، ويقودهم إذا لقي منهم أناسا إلى محل مطلوبهم، وكان يمشي إلى المجذومين والزمنى ويغسل ثيابهم ويحمل لهم الطعام، ويأكل معهم ويجالسهم ويسألهم الدعاء، وكان يعود المرضى ولو سمع بمريض في قرية ولو على بعد يمضي إليه ويعوده، وكان شفيقا على خلق الله يرأف باليتيم، ويبكي لحال الفقراء ويفرح لفرحهم، وكان يتواضع كل التواضع للفقراء».
 

يقول محى الدين بن عربى  إن القطب على قلب «إسرافيل» من حيث حصته الملكية الحامل مادة الحياة والإحساس لا من حيث إنسانيته، وحكم جبرائيل فيه كحكم النفس الناطقة في النشأة الإنسانية، وحكم ميكائيل فيه كحكم القوة الجاذبة فيها، وحكم عزرائيل فيه كحكم القوة الدافعة فيها"، فلذلك كان الأقطاب الأربعة مثل الأربعة ملائكة.

 

الأقطاب الأربعة الكبار عند الصوفية هم الأئمة: أحمد الرفاعي، وعبدالقادر الجيلاني، وأحمد البدوي، وإبراهيم الدسوقي، والقطب-حسب وحول منزلة القطب ومقامه يرى ابن عربي أن «منزل القطب ومقامه» هو «مركز الدائرة ومحيطها ومرآة الحق، عليه مدار العالم له رقائق ممتدة إلى جميع القلوب الخلائق بالخير والشر على حد واحد، لا يترجح واحد على صاحب».

 

 أحمد الكبير الرفاعى - وفق الطريقة الرفاعية - المولود فى قرية حسن بالبطائح - من واسط بالعراق- سنة 512 هجرية هو ابن السيدة فاطمة الانصارية وتتصل من جهة أمها السيدة رابعة بنت السيد عبد الله الطاهر إلى الإمام الحسين بن الإمام على بن أبى طالب ، وهو صاحب الطريقة الرفاعية بشارتها السوداء التى ترمز إلى الحقائق الغيبية الذاتية الإلهية.

حمل  الشيخ الرفاعى العديد من الالقاب منها«أبو العلمين» و«شيخ الطرائق» و«الشيخ الكبير» و«أستاذ الجماعة» ،توفى والد الشيخ أحمد الرفاعى فى بغداد وكفله خاله الباز الاشهب الشيخ منصور البطائحى  والذى أدخله على الإمام العلامة الفقيه المقرئ المفسر المحدث الواعظ الصوفى الكبير الشأن الشيخ أبى الفضل على الواسطى فتولى أمره وقام بتربيته وتأديبه وتعليمه فبرع بالعلوم النقلية والعقلية وأحرز قصب السبق على أقرانه.

يؤكد مريدو الطريقة الرفاعية أن :«من أشهر هذه الكرامات تقبيله يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أنكر وقوعها أناس عدة وأثبت وقوعها آخرون مثل الحافظ السيوطي، والمحدث المناوي، والإمام الشعراني وغيرهم من العلماء، يقول الإمام عز الدين الفاروقي في كتابه “إرشاد المسلمين”: أخبرني أبي الحافظ محي الدين أبو إسحق عن أبيه الشيخ عمر الفاروقي أنه قال: كنت مع وشيخنا السيد أحمد الكبير الرفاعي الحسيني عام حجه الأول وذلك سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وقد دخل المدينة يوم دخوله القوافل إليها قوافل الزوار من الشام والعراق واليمن والمغرب والحجاز وبلاد العجم وقد زادوا على تسعين ألفا، فلما أشرف على المدينة المنورة ترجل عن مطيته ومشى حافيا إلى أن وصل الحرم الشريف المحمدي ولا زال حتى وقف تجاه الحجرة العطرة النبوية فقال : السلام عليك يا جدي، فقال رسول الله له: «وعليك السلام يا ولدي»، سمع كلامه الشريف كل من في الحرم النبوي، فتواجد لهذه المنحة العظيمة والنعمة الكبرى وحنَّ وأنَّ وبكى وجثا على ركبتيه مرتعدا ثم قام وقال:في حالة البعد روحي كنت أرسلها تقبل الأرض عني وهي نائبتي ..وهذه دولة الأشباح قد حضرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي».

تقول روايات الرفاعية :«فمدَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة النورانية من قبره الأزهر الكريم فقبلها والناس ينظرون، وقد كان في الحرم الشريف الألوف حين خروج اليد الطاهرة المحمدية، وكان من أكابر العصر فيمن حضر الشيخ حياة بن قيس الحراني، والشيخ عدي بن مسافر، والشيخ عقيل المنبجي، وهؤلاء لبسوا خرقة السيد أحمد وعنهم في ذلك اليوم واندرجوا بسلك أتباعه، وكان فيمن حضر الشيخ أحمد الزاهر الأنصاري، والشيخ شرف الدين بن عبد السميع الهاشمي العباسي، وخلائق كلهم تبركوا وتشرفوا برؤيا اليد المحمدية ببركته رضي الله عنه، وبايعوه هم ومن حضر على المشيخة عليهم وعلى أتباعهم رحمهم الله».

 

يذكر أن «الرفاعى» قد درس القرآن الكريم وأتم حفظه وترتيله على الشيخ الورع المقرئ الشيخ عبد السميع الحربونى – حسب الطريقة الرفاعية- بقرية حسن وكان له من العمر سبع سنين وفى هذه السنة.

 

 

وكان يلازم «الرفاعى» درس خاله الشيخ أبى بكر شيخ وقته وسلطان علماء زمانه، كما كان يتردد على حلقة خاله الشيخ منصور ويتلقى بعض العلوم عن الشيخ عبد الملك الحربونى واستغرق أوقاته بجمع المعارف الدينية وقد أفاض الله عليه من لدنه علما خاصا حتى رجع مشايخه إليه وتأدب مؤدبوه بين يديه.

 

وفى العشرين من عمره أجازه شيخه الشيخ أبو الفضل على محدث واسط وشيخها إجازة عامة بجميع علوم الشريعة والطريقة وألبسه خرقته المباركة وأعظم شأنه ولقبه: أبا العلمين «الظاهر والباطن» وانعقد عليه فى حياة مشايخه الاجماع واتفقت كلمتهم على عظم شأنه ورفعة قدره.

وقد أسس الطريقة الرفاعية وكان يقول لمريديه من تمشيخ عليكم فتتلمذوا له ومن مد يده إليكم لتقبلوها فقبلوا رجله ومن تقدم عليكم فقدموه وكونوا آخر شعرة فى الذنب فإن الضربة أول ماتقع فى الرأس.

عندما بلغ الإمام أحمد الرفاعى الـ 66 من عمره مرض بداء البطن «الإسهال الشديد» وكان مع خطورة مرضه يتحمل الآلام الشديدة بدون تأوه أو شكوى، مستمرا وثابتا على تأدية الطاعات والعبادات التي اعتاد عليها بقدر استطاعته.

يوم الخميس 12 جمادى الأولى عام 578 هـ، وافت الإمام أحمد الرفاعى المنية ودفن في قبّة جدّه لأمّه الشيخ يحيى البخاري في بلدته أم عبيدة، وكان يوماً مهيباً، بعد أن ظل مريضاً أكثر من شهر.

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق