مولانا الحلقة 5..الحلاج «شهيد حب السماء»

الثلاثاء، 22 مايو 2018 01:00 م
مولانا الحلقة 5..الحلاج «شهيد حب السماء»
مولانا
عنتر عبداللطيف

يعد الحسين بن منصور الحلاج من الشخصيات الصوفية المثيرة للجدل بعد أن أتهم بالكفر والزندقة حيث أحرقت كتبه وجرى نثر رماد جسده في نهر دجلة  وهى الوقائع التى جرت زمن الخليفة العباسي المقتدر في الله 

ولد الحسين بن منصور الحلاج مطلع عام 244هجرية الموافق 858 ميلادية في بلدة «تور» في الشمال الشرقي من مدينة البيضاء وهى مدينة مشهورة بفارس  وسميت بهذه الاسم لوجود قلعة ترى من بعيد ويرى بياضها.

هناك روايتين لنسب الحلاج الرواية الأولى تنتهى بنسبه إلى أبي أيوب الأنصاري هو صحابى جليل أما الرواية الثانية فتؤكد انه حفيد مجوسي من أبناء فارس وهى الرواية التى انتصرت فلم يثبت تاريخيا كونه عربيا حيث جرى الإجماع على أنه فارسي الأصل.

يقول السلفيون فى تعريفهم للحلاج إنه ا:«لحلاج هو الحسين بن منصور الحلاج ، ويكنى أبا مغيث . وقيل : أبا عبد الله .نشأ بواسط . وقيل بتستر ، وخالط جماعة من الصوفية منهم سهل التستري والجنيد وأبو الحسن النوري وغيرهم .رحل إلى بلاد كثيرة ، منها مكة وخراسان ، والهند وتعلم السحر بها ، وأقام أخيراً ببغداد ، وبها قتل .

تابع السلفيون :«تعلم السحر بالهند ، وكان صاحب حيل وخداع ، فخدع بذلك كثيراً من جهلة الناس ، واستمالهم إليه ، حتى ظنوا فيه أنه من أولياء الله الكبار .

له قبول عند عامة المستشرقين ويظهرونه على أنه قتل مظلوماً ، وذلك لما سيأتي من أن اعتقاده قريب من اعتقاد النصارى ، ويتكلم بكلامهم قتل ببغداد عام 309 هـ بسبب ما ثبت عنه بإقراره وبغير إقراره من الكفر والزندقة ،وأجمع علماء عصره على قتله بسبب ما نقل عنه من الكفر والزندقة .

وها هي بعض أقواله : ادعى النبوة ، ثم تَرَقَّى به الحال أن ادعى أنه هو الله  فكان يقول : أنا الله . وأمر زوجة ابنه بالسجود له . فقالت : أو يسجد لغير الله ؟ فقال : إله في السماء وإله في الأرض، كما كان يقول بالحلول والاتحاد . أي : أن الله تعالى قد حَلَّ فيه ، وصار هو والله شيئاً واحداً . تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

يقول ابن كثير عن الحلاج: هو الحسين بن منصور بن محمى الحلاج أبو مغيث ويقال أبو عبد الله ،كان جده مجوسيا من أهل فارس من بلدة البيضاء ،بعد ولادة الحسين الحلاج .. اضطربت أحوال والده المادية فرحل من بلدة تور الى مدينة واسط  في العراق».كما أن أهل الأحواز أطلقوا عليه هذه التسمية لأنه كان يكاشفهم بما في قلوبهم فسموه «حلاج الأسرار»

أما المستشرق «ماسنيون» فيؤكد أن البقعة التي ولد فيها كانت من أعظم مناطق النسيجفي الامبراطورية الاسلامية .وان والده كان من عمال النسيج ولهذا سمي حلاجا.

فيما يقول ابن خلكان في وفيات الأعيان انه- يقصد الحلاج- ساعد رجل من واسط « قطان» في حلج قطنه وعندما عاد الرجل وجد أن كل قطنه محلوجا وكان 24 ألف رطل ،ذهل الرجل وأطلق اسم الحلاج على الحسين بن منصور ،ولازمته هذه الكنية طول حياته.

ويرجع كتاب « الكامل فى التاريخ» سبب مقتل الحلج إلى إنه نقل عنه عند عوده إنى بغداد إلى الوزير حامد بن العباس ، أنه أحيا جماعة وانه يحيي الموتى وان الجن يخدمونه ، وانهم يحضرون عنده ما يشتهي ، وأنهم قدموه على جماعة من حواشي الخليفة، وان نصرا الحاجب قد مال إليه وغيره ، فالتمس حامد الوزير من المقتدر بالله أن يسلم إليه الحلاج وأصحابه ،فدفع عنه نصر الحاجب فألح الوزير ، فأمر المقتدر بتسليمه إليه فأخذه ، وأخذ معه إنسانا يعرف بالشمري وغيره قيل : إنهم يعتقدون أنه إله ،فقررهم فاعترفوا أنهم قد صح عندهم ، أنه إله ، وانه يحيي ال موتى، وقابلوا الحلاج على ذلك ، فأنكره وقال : أعوذ بالله أن أدعي الربوبية أو النبوة ، وإنما أنا رجل أعبد الله عز وجل ، فأحضر حامد القاضي أبا عمرو، والقاضي أبا جعفر بن البهلول ، وجماعة من وجوه الفقهاء، والشهود، فاسفتاهم فقالوا: لا يفي في أمره بشيء إلا أن يصح عندنا ما يوجب قتله ولا يجوز قبول قول من يدعي عليه . ما ادعاه إلا ببينة أو قرار

ووفق الكامل فى التاريخ فإن: حامد كان يخرج الحلاج إلى مجلسه ويستنطقه ، فلا يظهر منه ما تكرهه الشريعة المطهرة . وطال الأمر على ذلك وحامد الوزير مجد في أمره ، وجرى له معه قصص يطول شرحها ، وفي آخرها ، أن الوزير رأى له كتابا حكي فيه أن الإنسان إذا أراد الحج ، وثم يمكنه أفرد من داره بيتا لا يلحقه شيء من النجاسات ، ولا يدخله أحد ، فإذا حضرت أيام الحج طاف حوله وفعل ما يفعله الحاج بمكة ، ثم يجمع بين ثلاثين يتيما ويجمل أجود الطعام يمكنه ، وأطعمهم في ذلك البيت ، وخدمهم بنفسه ، فاذا فرغوا كساهم ، وأعطى كل واحد منهم سبعة دراهم ، فإذا فعل ذلك كان كمن حج ،فلما قرىء هذا على الوزير ، قال القاضي أبو عمرو للحلاج : من أين لك هذا ؟ قال : من كتاب الإخلاص للحسن البصري ، قال له القاضي : كذبت يا حلال الدم ، قد سمعناه بمكة ، وليس فيه هذا . فلما قال ، : يا حلال الدم ، وسمعها الوزير قال له : اكتب بهذا فدافعه أبو عمرو ، فالزمه حامد ، فكتب بإباحة دمه ، وكتب بعده من حضر المجلس ولما سمع الحلاج ذلك قال : ما يحل لكم دمي واعتقادي الإسلام ومذهبي السنة ، ولي فيها كتب موجودة فالله الله في دمي وتفرق الناس . وكتب الوزير الى الخليفة يستأذنه في قتله ، وأرسل الفتاوى إليه فأذن في قتله ، فسلمه الوزير الى صاحب الشرطة فضربه ألف سوط فما تأوه ، ثم قطع يده ثم رجله ثم يده ثم رحله ثم قتل وأحرق بالنار، فلما صار رمادا ألقي في دجلة ونصب الرأس ببغداد . وأرسل إلى خراسان لأنه كان له بها أصحاب فاقبل بعض أصحابه يقولون : انه لم يقتل وإنما ألقي شبهه على دابة وانه يجيء بعد أربعين يوما».
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق