أوتي جوامع المعجزات.. كرامات النبي من الحسية إلى العقلية

السبت، 02 يونيو 2018 05:00 م
أوتي جوامع المعجزات.. كرامات النبي من الحسية إلى العقلية
منال القاضي

«المعجزة ليست مما يقع تحت قدرة النبي بل هي أمر يخلقه الله على يده»، على مر العصور اختلف الناس في المعجزات والكرامات النبوية فمنهم من قال إنها على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قال إنها من عند الله، اختلاف بيني لا يفقهه الكثير.

الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، حسم الخلاف حول ماهية «المعجزات» قائلًا إنما هي أمر يخلقه الله على يد النبي، وتعبر عن قدرة الله عز وجل، وهي من المستحيلات.

اختلف الناس أيضا في المستحيلات، لكن فضيلة الإمام يرى أن المستحيلات قسمان، «عادية» تحيلها العادة فقط، أي أنها مستحيلة على مستوى العادة والواقع، لكن على مستوى العقل والتصور يمكن حصولها ووقوعها، و«عقلية» يحيلها العقل على مستوى التصور الذهني، وتحيلها العادة والواقع من باب أولى.

في برنامج «الإمام الطيب»، قال إن المعجزات هي من قبيل المستحيل العادي، وإن كانت مستحيلة وبعيدة على مستوى العادة، إلا أنها تدخل في قسم الممكنات التي لا يرى العقل بأسا في تصور حدوثها، مشيرا إلى أن الذين ينكرون المعجزات ويقولون إنها مستحيلات عقلية؛ يغفلون عن طبيعة المعجزة، ويخلطون بين الاستحالة العادية التي يمكن أن تتخلف، والاستحالة العقلية التي لا يمكن أن تتخلف بحال من الأحوال.

يوضح فضيلة الإمام، أن جميع معجزات الأنبياء السابقين على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي معجزات «حسية»؛ كالعصا والآيات التسع بالنسبة لموسى عليه السلام، وإحياء الموتى وإبراء الأكمه بالنسبة لعيسى عليه السلام، وحصرت المعجزات في أماكن وأزمان معينة؛ لأن رسالات الأنبياء السابقين لما كانت رسالات خاصة بشعب معين، ولها أجل محدود؛ جاءت معجزاتهم حسية تتناسب مع محدودية الرسالات التي كلفوا بها.

تشتمل المعجزات النبوية على معجزات عقلية، بحسب فضيلة الإمام، أشار إلى المعجزة العقلية التي تفرد بها النبي  كانت في عموم رسالته، وجعلها خاتمة وباقية بقاء النوع الإنساني؛ تتصف بصفتين «العموم» للبشر والجن، والاستمرار إلى آخر الزمن؛ وذلك حتى تظل برهانا مستمرا على رسالته ، وعلى عموم رسالته واستمرارها كذلك، وتمثلت في «القرآن الكريم».

يفند الإمام أوجه الإعجاز في القرآن، أولها أنه بلغ في روعة الأسلوب وجمال البيان ودقته مستوى سجد له أئمة الفصاحة والبلاغة من قريش، ومن غير المؤمنين به والمتبعين له، وقد أحسوا هم أنفسهم بأن الكلام الذي يتلوه النبي على مسامعهم لا يتشابه مع ما ألفوه من أساليب البيان، لا في قليل ولا كثير، واعترفوا بأنه من مستوى آخر يعلو فوق مستوى كلام الإنس والجن.

ثانيها أن القرآن أخبر عن أمور غيبية لم تكن حدثت وقت إخبار النبي بها، ثم حدثت بعد ذلك، وعلى الوجه الذي تلاه عليهم القرآن، وكذلك أخبار السابقين التي لم يكن يعرفها أحد في المجتمع آنذاك، ولم يكن النبي يعرف عنها شيئا قبل أن ينزل عليه الوحي بهذه الأخبار فقد كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، وكانت بيئته العربية بيئة وثنية لا تعرف شيئا من كل ذلك، مبينا أن الإعجاز الثالث هو ما تضمنه القرآن من تشريعات اجتماعية، ومن قيم ومفاهيم عن الإنسان والكون والعلاقات الاجتماعية، لم تعرف البشرية حتى الآن مثيلا لها في دقتها وشمولها وعدلها وإنصافها.

وأخرها إعجاز اللغة القرآنية التي صمدت وستصمد على وجه الزمان، وهذا إشكال يمثل شوكة في حلوق الذين يريدون أن يهدموا اللغة العربية وما زالوا يخططون لذلك، مؤكدا أن اللغة العربية مستحيل أن تندثر، لكنها تضعف بضعف أهلها والمتحدثين بها، وتقوى بهم فقد كانت في يوم من الأيام هي اللغة العالمية، وهذا إعجاز يتحدى الزمن والحضارات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق