أردوغان يطبق استراتيجية الإخوان لاحتلال المجتمع.. جريمة وطنية في مدارس تركيا

الأربعاء، 20 يونيو 2018 04:00 م
أردوغان يطبق استراتيجية الإخوان لاحتلال المجتمع.. جريمة وطنية في مدارس تركيا
الديكتاتور التركي رجب طيب أردوغان

لسنوات طويلة من النشاط في الساحة المصرية، اعتمدت جماعة الإخوان الإرهابية آلية ناعمة لاختراق المجتمع واختطافه والسيطرة عليه، عبر المساجد والملاعب ومراكز الشباب والمدارس، وهذا ما يفعله أردوغان في تركيا الآن.

سعت جماعة الإخوان لاختراق الحصار الأمني واستهداف مؤسسات الدولة لمخططاتها، فتوسعت في تأسيس المدارس ورياض الأطفال المملوكة لها، والتي يتولى إدارتها كوادر وأعضاء بها، لاستقطاب جيل جديد من الأعضاء أو الموالين والمتعاطفين، وهو ما نجحت فيه الجماعة جزئيا عبر مدارسها، التي أصبحت الآن في يد الدولة وتحت إدارتها ورقابتها، وهي الاستراتيجية التي استلهمها الرئيس التركي لسرقة المجتمع. 

قبل أيام من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة، ظهرت معالم استراتيجية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستبدال المدارس الدينية بالمدارس العاملة وفق مناهج التعليم المدنى العام، وهو ما أحدث حالة من الانقسام فى المجتمع العلمانى بين مؤيد للقرارات الرئاسية ومعارض لها، وقد سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الضوء على ما وصفتها بـ"خطة أردوغان لتنشئة جيل متدين"، موضحة أن تلك الخطة أحدثت انقساما بين الآباء في تركيا، خاصة بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في سبيل تطبيقها.

ولفتت الصحيفة فى تقرير مطول لها نشرته من خلال موقعها على الإنترنت أن السلطات التركية عملت على إغلاق المدارس العامة، ولا يتم إخطار الأهالى بذلك، وفى بعض الحالات تتخذ الحكومة قرارات باستبدال المدارس الدينية بالمدارس العامة.

وأوضحت الصحيفة أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان اتخذ كذلك قرارات بإلغاء الامتحانات، معتبرة أن هذه القرارت تعد "نزوة من قِبل الرئيس"، خاصة بعد أن تم طرد عشرات الآلاف من المعلمين العموميين، الذين لا ينتمون للجماعات الدينية التى تدرس فى المدارس، ويحدث كل ذلك من دون موافقة أولياء أمور الطلاب.

هذا الأمر أدى إلى نشوب معركة بين السلطات وأولياء الأمور تجلت معالمها من خلال الاحتجاجات التى ينظمها الآباء معتبرين أن نضالهم يتركز حول كيفية تشكيل القيم لدى الجيل المقبل فى تركيا، وفقا للصحيفة.

وبحسب الصحيفة فإن تلك الحالة ستشكل إحدى علامات الخطر على سلطة الرئيس رجب طيب أردوغان ذلك الذى يسعى لإعادة انتخابه يوم الأحد المقبل فى تصويت يتشكل كاستفتاء على بصمته العميقة على البلاد بعد 15 عامًا من القيادة الطلقة للبلاد.

وذكرت الجريدة أن أردوغان أزاح المؤسسات الديمقراطية فى تركيا جانبا، وقام بتصفية معارضيه وخصومه السياسيين من المحاكم ومن الخدمة المدنية، وجعل وسائل الإعلام تحتل مكانة عالية، وترك حالة الطوارئ فى مكانها بعد الانقلاب الفاشل فى صيف العام قبل الماضى 2016 الذى أضاف مستوى جديدا من الهشاشة على شكل الحكم الأردوغانى للجمهورية.

يأتى هذا بينما يخشى معارضو أردوغان من أن يعيد انتخابه لرئاسة جديدة بعد تغييرات دستورية فى العام الماضى سلطة غير مضبوطة لدفع جدول أعماله بشكل أكبر وتغيير المجتمع التركى بشكل جذرى من العلمانية إلى التدين.

وفى تركيا تلك الجمهورية الدستورية أصبح التعليم قضية مركزية حيث يحتج الأهالى فى جميع أنحاء البلاد على تغييرات أردوغان الجوهرية ويتدافعون للعثور على المدارس التى يختارونها مع انفلات المعايير وارتفاع معدلات البطالة.

وأشارة الجريدة الأمريكية واسعة الانتشار إلى أن الأكثر إثارة للجدل هو دفع أردوغان لتوسيع التعليم الدينى، بطرق تثير حماس مؤيديه وتثير قلق منتقديه.

ولم يخف أردوغان رغبته فى إعادة صياغة تركيا على نهجه الشخصى، حيث تنافس تلك الصورة فى مخيلة أردوغان وعقيدته مع ما خلفه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية وأول رئيس لها، حين أسسها على دعائم علمانية لا مكان للدين فيها.

وشددت الجريدة فى التقرير على أن رؤية الآباء الأتراك الآن لبلادهم لا يمكن أن تكون أكثر اختلافا عن رؤى أتاتورك، فقد كان أتاتورك قومياً وعلمانياً يتخلل ذلك حسه الثقافى التركى، غير أن أردوغان إسلامى نشأ من الطبقة العاملة الدينية المحافظة التى كانت الأكثر استياءً من العلمانية الغربية التى تبناها أتاتورك.

ودللت الجريدة على ذلك بإعلان أردوغان عن رغبته فى "تنشئة جيل ورع"، عندما كان رئيسا للوزراء، قبل ست سنوات.

ونقلت الجريدة عن أردوغان قوله: "هل تتوقع أن يقوم حزب له هوية ديمقراطية محافظة بتنشئة شبان ملحدين؟"، وبذلك أعلن أردوغان تحديه خصومه حول أهداف حزبه العدالة والتنمية.

وكشفت الكلمات عن سبب قريب موجه لقلب القاعدة الشعبية لأردوغان ولقوى أنصاره فى قاعدته المحافظة والريفية والدينية، فهو بالنسبة لهم، يمثل التوجه نحو المدارس الدينية ويعد ذلك من قبل دمقرطة التعليم وانعكاس التمييز فى ظل الجمهورية العلمانية.

وبحسب الصحيفة فإن جذور تركيا الدينية عميقة، حتى لو كان فصل الدين عن الدولة راسخًا، حتى المنافس الرئاسى الرئيس لأردوغان، مهارم إينس، لم يعارض الدفع باتجاه زيادة المدارس الدينية، بل سعى إلى استخلاص موقف مماثل لموقف أردوغان وسحب البساط من تحت قدميه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق