حتى لو فاز في الانتخابات بالخداع والتزوير.. 4 أسباب تجعل نهاية أردوغان قريبة جدا

الأحد، 24 يونيو 2018 06:00 م
حتى لو فاز في الانتخابات بالخداع والتزوير.. 4 أسباب تجعل نهاية أردوغان قريبة جدا
الديكتاتور التركي رجب طيب أردوغان
كتب محمود حسن

 

على مدار اليوم الأحد جرت الانتخابات الرئاسية التركية، الرجل الأكثر حظا فى الفوز هو الرئيس الحالى رجب طيب أردوغان، بعد أن باغت خصومه بانتخابات مبكرة يحاول بها القضاء على تبلور شكل من أشكال المعارضة ضد حكمه، ومباغته باكرا قبل أن ينضج أو يتشكل، على كل لن تكون مفاجأة كبيرة إذا فاز اردوغان بالانتخابات هذه المرة، لكن أى ناظر للوضع التركى يرى أن نهاية الرئيس التركى المغرور باتت أقرب من أي وقت مضى، ولهذا اسباب وقوية جدا.

إنه الاقتصاد يا عزيزى

على عكس ما يروج له البعض من أن أردوغان جاء إلى الحكم لأن الشعب التركى يريد قائدا "إسلاميا"، فإن السبب الرئيسى لوصول أردوغان للحكم، وتمكنه وعصبته من حزب العدالة والتنمية من البقاء طويلا فى سدة الحكم منذ عام 2000 تقريبا، لم يكن سوى الاقتصاد، قبل هذا عانت تركيا من تخبط ذريع وفشل اقتصادى كان نموذجا يحتذى به، كانت هناك سياسات اقتصادية فاشلة، أودت برجال كثيرين فى السلطة بتركيا التى لم تكن تشهد استقرارا اقتصاديا وعانى المواطن التركى من تردى معيشته.

للحق فإن اردوغان وعصبته نجحت فى بناء اقتصاد قوى، لكن هذا البنيان الذى بناه أردوغان يوشك أن ينهار على رأسه، والسبب ليس سوى أردوغان نفسه، الذى تدخل فى إدارة الاقتصاد بديكتاتورية واصطدم بقيادات الاقتصاد وعلى رأسهم البنك المركزى،

بعد طول استقرار عند نسبة عجز 1% زاد الععجز فى السنوات الأخيرة، واضطر أردوغان للاقتراض لترتفع الديون لتشكل حوالى 28.3% من الناتج المحلى، ولإعطاء تعليمات لقيادات البنك المركزى بطباعة العملة الأمر الذى هبط بسعر العملة 4 أضعاف، إذ كانت الليرة التركية فى عام 2008 تتساوى 1 دولار، لتهبط ليسجل الدولار الواحد 4 ليرات، وهو ما دفع حوالى 40% من الاتراك لتحويل مدخراتهم للعملة الصعبة.

وفى تقرير سابق لها، وصفت الإيكونوميست تهاوى العملة التركية على انه اكبر تهاوى لعملة فى هذا العام، كما وصفت الاقتصاد بأنه الاقتصاد المتراجع الأكبر، حتى أن تركيا تكاد أن تودع منطقة الدول الناشئة إلى الدول النامية، مسجلة اكبر تراجع اقتصادى فى التاريخ، والسبب الرئيسى فى كل هذا هو اصرار اردوغان على التدخل فى السياسة النقدية للبلاد، بل وعلى عكس الشائع تماما من زيادة الفائدة عن زيادة التضخم، أمر أردوغان البنك المركزى بتخفيض الفائدة!، وهو ما اعتبره محللون اقتصاديون انتحارا اقتصاديا، لكن البنك المركزى تحدى اردوغان ورفع الفائدة.

المواطن التركى اليوم ليس كالمواطن التركى فى 2005 والذى كان يعيش جنة اقتصاد أردوغان، إذ انه اليوم مضطر إلى أن يعيش جحيم اقتصاد أردوغان، خاصة المواطن محدود الدخل الذى كان صوته لأردوغان فقط من أجل الاقتصاد.

تركيا التى تخاف العودة للخلف

على عكس ما يروج له أردوغان و«شلته» فى الداخل والخارج، فإن الإرث العثمانى لم يكن إرثا عظيما يجب عودته، لقد عانى الاتراك تحت يد حكامهم العثمانيين مشاكل جمة، ورغم ما يردده «الأردوغانيين» و«الإسلامجية» عن مجد الدولة العثمانية وشر «مصطفى كمال أتاتورك»، الذى أنهى الخلافة، فإن مصطفى كمال أتاتورك انقذ تركيا أصلا من التلاشى بعد هزيمة الدولة العثمانية هزيمة فادحة فى الحرب العالمية الأولى، وهى الحرب التى دفع المواطن التركى ثمنا باهظا لأجلها، ولولا تدخل مصطفى كمال اتاتورك، لكان أكثر من 40% من مساحة تركيا الحالية مقتطعة للخارج.

يدرك من مر بهذه التجربة التاريخية العظيمة فداحة الديكتاتورية، ويدرك الأتراك «المثقفون»، أن اردوغان بات ديكتاتورا مخيفا، القى بحوالى 100 ألف مواطن تركى فى السجون، وفصل نحو نصف مليون من أعمالهم فى فترة ما بعد الانقلاب الفاشل عام 2016، بالإضافة إلى مصادرته الصحف واغلاقها والتضييق على الصحفيين، والقاء زعيم حزب الشعوب الكردى ثالث اكبر الأحزاب التركية فى السجن لمدة 10 أعوام بتهمة مناهضة الدولة!.

عدل اردوغان الدستور لينقل كل السلطات من منصب رئيس الوزراء إلى منصبه، خطوة لم يرضى عنها الكثيرون حتى رفاق الماضى مثل عبد الله جول، رفيق اردوغان السابق الذى اصبح اليوم عدوا له، بعدما احرج اردوغان فى رمضان قبل الماضى خلال حفلة افطار متحدثا عن الديمقراطية، وهو ما استدعى اردوغان للرد عليه فى نفس الحفل معلنا انتهاء علاقتهما سويا.

هناك غضب عارم بين النخب المثقفة من سياسة أردوغان، لكن هذا الغضب لم يتبلور بعد فى صورة حركة سياسية قوية قادرة على اقناع الشارع التركى بالتصويت لها بدلا من اردوغان، لكن هناك فرصة 4 سنوات لتشكيل هذه المعارضة، التى إن تشكلت فعلى الأرجح لن نرى أردوغان قريبا.

لماذا أضعت أموالنا فى سوريا يا أردوغان؟

فى ظل الوضع السيء والمتردى فى الداخل التركى، فإن نفقات باهظة ينفقها أردوغان الطامع فى ضم اراضى من سوريا إلى ولايته هناك، استعمل اردوغان كل الاساليب الخبيثة للمساعدة فى هذه الخطوة، فلدينا نحو 25 ألف «داعشى» من خارج سوريا تواجدوا يوما ما على الأرض السورية، يدرك الجميع أن أردوغان هو من سمح لكل هؤلاء بالدخول إلى هناك، كما أن لدينا حاليا حوالى ألف فصيل محلى موجودين فى الشمال السورى، ينضوون تحت لواء ما يسمى بـ «الجيش السورى الحر» وهو كيان هش ومطاط وليس سوى واجهة أردوغانية فى سوريا.

وإذا زعم هؤلاء بأنهم «معارضون» للأسد، فالحقيقة إنه وفى كل المعارك الكبرى مع الحكومة السورية، فإن هؤلاء تراجعوا سريعا إلى حيث مناطق مخططة ومرسومة فى الشمال التركى، وتحديدا فى أرياف حلب وأدلب، وهى المناطق التى طالما صرح اردوغان بأنها اراضى تركية وفقا لمعاهدة لوزان.

يخوض اردوغان وحلفاؤه حربا فى سوريا لا تهم المواطن التركى المثقل بالاعباء باى شكل من الاشكال، بل بالعكس فإن هذه الحرب تنعكس عليه انعكاسا سلبيا، فهؤلاء الدواعش الذين مررهم اردوغان لسوريا فى بداية الحرب الاهلية السورية عادوا إلى الداخل منفذين عمليات ارهابية ضخمة ، اوجعت هذا المواطن البسيط قبل أن توجع الآخرين.

لماذا أصبحنا نعادي أصدقاءنا؟

خلق أردوغان عداوات خارجية مع دول كان من المنطقى انها حليفة لتركيا، ففى دولة مثل المانيا حيث يعيش حوالى 3 مليون مواطن من اصل تركى اصر اردوغان على مخالفة كل الاصول الدبلوماسية واقامة مهرجان انتخابى لحزبه هناك، وحين رفضت السلطات الالمانية اطلق اردوغان سلسلة من الهجمات والشتائم تجاه الدولة الألمانية.

الأكثر من هذا أن أردوغان وجه انتقادات لاذعة لقوانين داخل الاتحاد الأوروبي متدخلا في شأن الأوروبيين، رغم أنه يعيد كل فترة وأخرى طلبه للانضمام للاتحاد الأوروبي، وهو ما رد عليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن تركيا لن تنضم يوما للاتحاد الأوروبي.

وفى المنطقة العربية، أصر أردوغان على دعم جماعات ارهابية خاصة فى مصر وفتح ابوابه لقيادات هذه الجماعة الارهابية، والتى باتت تتخذ من هذه البلاد منصة وقاعدة لها، رغم العلاقات المصرية التركية السابقة، وكذلك اصراره على دعم مجموعات غير شرعية فى ليبيا، والشراكة الاستراتيجية التى قرر أن يبنيها مع دولة مارقة مثل قطر.

كل هذا يثير غضبا داخليا ضد اردوغان، خاصة من رجال الأعمال ومجموعاتهم من الذين تضرروا وبشدة من سياسات اردوغان العدائية مع دول من المفترض ان تكون صديقة وحليفة لا عدوة. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق