حكايات في جلسات المقاهي.. محمد مستجاب: حامل الموروث الشعبي الساخر من عائلته

الثلاثاء، 26 يونيو 2018 08:00 م
حكايات في جلسات المقاهي.. محمد مستجاب: حامل الموروث الشعبي الساخر من عائلته
الكاتب الراحل محمد مستجاب
وجدي الكومي

منذ أسابيع ركبت مع سائق "أوبر" وساقنا الحديث إلى الكتب والكُتاب، ففوجئت بأن الرجل يواظب على قراءة الأعمال الأدبية، وهو ما سرني، وأسعدني، وأبهجني، وتضاعفت بهجتي وسعادتي، حينما استل من تابلوه السيارة كتابا للأديب الكبير الراحل محمد مستجاب، المتوفي في مثل هذا اليوم السادس والعشرين من يونيو 2005، عنوانه "نبش الغراب".

وُلد محمد مستجاب عام 1938 في مركز ديروط بمحافظة أسيوط، وعمل في بناء السد العالي بمدينة أسوان، ثم التحق بمعهد الفنون الجميلة، لكنه لم يكمل دراسته، وسافر العراق للعمل بها، ثم عاد إلى مصر، وعمل بمجمع اللغة العربية، وأحيل للتقاعد بعد بلوغه سن الستين عام 1998.

ونشر مستجاب أول قصة قصيرة له عام 1969، في مجلة الهلال، وكان عنوانها "الوصية الحادية عشرة" وصدرت روايته الأولى بعدها بعقد كامل، عام 1983، وكان عنوانها "من التاريخ السري لنعمان عبد الحافظ" التي حصل بها على جائزة الدولة التشجيعية عام 1984.

ونشر مجموعته الأولى عام 1984، بعنوان "ديروط الشريف" ثم أصدر مجموعات أخرى منها "القصص الأخرى" عام 1995، و"قصص قصيرة" عام 1999، ثم قيام وانهيار آل مستجاب عام 1999، التي أعيد طبعها عدة مرات، ثم "الحزن يميل للممازحة" عام 1998، وأصدر روايتين هما "إنه الرابع من آل مستجاب" و"اللهو الخفي" التي صدرت قبل رحيله عام 2005.

ولعل ما يميز سرد الروائي والقاص الكبير الراحل محمد مستجاب، ما اجتمع عليه نقاد أدبه، من أنه كان سرد مكتوب على جلسات المقاهي، والمنتديات، تماما كمنشدي السيرة الشعبية في ريف مصر.

يستمد إبداع محمد مستجاب بهائه وجماله وفتنته من استخدامه لمفردات البيئة، وسخاء خياله الكبير، ومن ذلك يقول في مستهل قصته المعنونة بـ"الصحراء" إحدى قصص كتابه "الحزن يميل للممازحة: هالني أن القمر جاء في غير موعده، منحني فطائر ومشروبات ونقودا، وعندها جاهد مخترقا النافذة ليعود إلى سمائه.

وفي كتابه المعنون بـ"نبش الغراب" الذي وجدته في تابلوه سائق "أوبر"، يستهل مستجاب الفصول بحكاية ساخرة عن طفولته، يقول فيها: أهلي لاحظوا مبكرا ما قد يشير إلى عبقريتي الطفولية الصبيانية التي تتحرك فيها أصابعي في فضاء مطلق لا تحكمه بالطبع سوى الموسيقى، أو تقترن حواجبي- دعك من القلب الذي قد يكون أقعى بشكل سخيف قريبا منى – حتى تتقلص جبهتي ممعنة في هذا المدى الذي سوف تقودني إليه فنون الكتابة شعرا ونثرا، فإذا أضفت إلى ذلك تلك العبقرية الخاصة المنقوعة من صبي ذكر جاء ليشرح الصدر تتويجا لكارثة إنجاب خمس بنات، فبدأوا يجتمعون ويخططون لرعايتي وتوجيهي مع شحني بخلايا وراثية تثبت أن بعض أجدادي كان عبقريا، وأن بعضهم أفنى عمره في سبيل تطوير فنون الأنامل أو الأصابع، أي الموسيقى أو الرسم، أو الكتابة، وأن أمثالي أبناء الذين أشرت إليهم، ليسوا أفضل مني، ولا أبواهم أفضل من أبواي، وأن تراث عائلتي المعلن والمكبوت سوف يسري في هذه الأصابع.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق