احتفاء فرنسي بذكرى رحيل ألبير قصيري.. لماذا تغيب مصر عن الاحتفال بكاتبها المهاجر؟

الثلاثاء، 26 يونيو 2018 08:00 م
احتفاء فرنسي بذكرى رحيل ألبير قصيري.. لماذا تغيب مصر عن الاحتفال بكاتبها المهاجر؟
الروائي المصري الراحل ألبير قصيري
وجدي الكومي

نظم المعهد الفرنسي في المنيرة، معرضا بعنوان "قاهرة ألبير قصيري" بمناسبة الذكرى العاشرة على وفاة الأديب الكبير الراحل ألبير قصيري، والذي رحل عن عالمنا في 22 يونيو 2008.

وجاء الاحتفال والاحتفاء الفرنسي بألبير قصيري، في محله، نظرا لإقامته التي استمرت عقودا، في العاصمة الفرنسية باريس، وضم المعرض صورا للأماكن التي كان يرتادها ألبير قصيري، خلال زياراته لمصر، أو قبل هجرته إلى فرنسا، وبعضا من صور الكاتب الراحل الملتقطة له في القاهرة أو في باريس.

حفل تكريم ألبير قصيري

وضم المعرض مخطوطات ألبير قصيري الروائية، ومسودات كتبه المنشورة، وقصصه، ومقالاته، إضافة إلى جواز سفره، ونسخا نادرة من أعماله بطبعتها الأولى وعليها توقيعه.

وقصيري المولود عام 1913، في حي الفجالة، أقام لخمسين سنة متواصلة في باريس في فندق متواضع يقع في قلب منطقة سان جرمان دي بريه.

وترك قصيري ثمانية أعمال روائية، تُرجمت إلى حوالي 15 لغة، انحاز فيها إلى البسطاء، ومن الأعمال التي ترجمتها وزارة الثقافة ممثلة في قطاعات النشر بها، لقصيري، ألوان العار، الذي صدر ترجمته عن المركز القومي للترجمة، وكذلك ترجم محمود قاسم روايته "شحاذون ومعتزون".

وشارك الكاتب الشاب أحمد ناجي في تنظيم معرض مقتنيات ألبير قصيري بالمعهد الفرنسي، وكتب عن ذلك: كنت محظوظا إذ سمحت لي الظروف بالمشاركة في تنظيم هذا الحدث، ولمس الأوراق والصور الشخصية، لقصيري، وهي المقتنيات الوحيدة التي تم العثور عليها لقصيري في غرفته حيث رحل، وتشمل خطابات بخط يده، والكثير من الأوراق والكراسات منها كراس يحتوي على صفحات من آخر رواية كان يعمل عليها قبل وفاته، إلى جانب عدد كبير من الصور التي كان يحتفظ بها لأصدقائه.

وعلى هامش المعرض قام مسؤولو المعهد الفرنسي بمشاركة عدد من الباحثين المتميزين بجهد كبير في إقامة معرض موازي من صور القاهرة التي عاش فيها قصيري، خصوصا منطقة وسط البلد التي لطالما كرهها، وكتب عنها – حسب ناجي – قائلا: أصبحت المدينة مرعبة على الأخص على امتداد شارعي فؤاد الأول وعماد الدين، فالواقع أن هذين الشارعين الرئيسين يتمتعان بكل ما تملكه مدينة متمدنة لإرهاق الناس ومضايقتهم، كانت هناك أماكن للتسلية لا طعم لها، وحانات يكلف المشروب فيها ثمنا مثيرا، وكاريهات ذوات وراقصات تافهات، وحوانيت وأماكن لبيع المصوغات، وإعلانات كهربائية، كان لا ينقص شيء من مظاهر الأعياد السعيدة، كان كل شيء يدفع إلى الضيق والملل.

يظل ألبير قصيري حالة عجيبة وغير متكررة في تاريخ الأدب المصري، فالرجل اختار العزلة الجبرية في فندق قصي بعيد، في عاصمة أوروبية، لا يبدلها، ولا ينتقل منها إلى الإقامة في منزل، دائم، إنها حالة من الرغبة المفرطة في ألا يكون مرتبطا بشيء، في نبذ الملكية، إلا أن اتهامات الكسل لاحقته، وهو لم يرد عليها، ولكن أكدتها حالة أبطال أعماله، ورواياته، ففيها الرجال دائما كسالى إلى أقصى حد ممكن، وفي روايته شحاذون ومتكابرون النساء هن من يعملن في بيوت الليل، يجلبن المال، ويحركن العالم، وفي "منزل الموت الأكيد" كل الرجال يخاطرون بحياتهم ويبقون في المنزل المعرض للانهيار، بينما تثور النساء على مالك العقار، ويخرجن يصحبهن الأطفال.

وفي عمله "كسالى في الوادي الخصيب" الأبطال هم الأشد كسلا، وإحدى الشخصيات تنام لأسابيع، أما النسوة، فهن وافرات النشاط، ويمارسن أعمالا تدر عليهن أموالا، مثل العاهرة امتثال، أو الخاطبة الحاجة زهرة.

غلاف كتاب كسالى

ويشير محمود قاسم في مقدمته لرواية "كسالى في الوادي الخصيب" إلى أن المرأة تمارس دائما أعمال وضيعة في أكثر أعمال ألبير قصيري، فهي إما عاهرة، أو مخلوق منسحق دائما، لكنها مهما كانت لا تتمتع بكسل الرجال الذي يدفعهم إلى النوم لساعات طويلة، ويعتبرون أن لحظات اليقظة إما للطعام أو للذهاب إلى الحمام هي لحظات ضائعة، ويطرح قاسم سؤالا: هل هناك علاقة بين إقامة قصيري الطويلة في نفس الغرفة بنفس الفندق طيلة نصف قرن، وبين كسل شخصياته؟ وعدم إقباله على الشهرة؟

ويجيب قاسم السؤال في مقدمة هذا الكتاب قائلا: من الواضح أن هناك علاقة، كأن قصيري قد سكب كل كسله وفلسفته في ممارستها في أغلب أبطال روايته.

اللافت في احتفالية ألبير قصيري، أن المركز الثقافي الفرنسي هو الذي نظمها، ودعا لها، بينما لم تشارك وزارة الثقافة في مثل هذا الحدث الاحتفائي بأديب مصري مهم أثر بكتابته ووثق به لحقبة مهمة من حقب مصر التاريخية.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق